السيف الدمشقي صناعة صينية وعاصمة الثقافة تفتقر إلى الابتكار
الجمل- أيهم ديب: في زيارة لأحد أصحاب الصنعة ممن يمنحون دمشق بعدها السياحي و الثقافي سألت الرجل الذي يعمل على تزيين السيوف عما اذا كان يصنعها فأجاب : لا! نحن نشتري النصال من الصين ... و نقوم بتزيينها. فعلياً هذا الكلام يسقط عن السيف كامل هيبته و شرفه و ما يحيط به كسلاح من تاريخ و عراقة و معنى و يحوله إلى ذريعة تافهة يسقط عليها الحرفي فن صنعته و لكن هذا لا ينقذ شرف السيف نفسه . التاريخ الحربي يعرف عن السيف الدمشقي في فترة من الزمن مثل ما نعرف اليوم عن طائرات الشبح و صواريخ التوماهوك. لقد كانت دمشق مرجعاً في صنع النصال مثل الهند و اليابان. في النيبال يعرض علي بائع أشبه برجل العصابات خنجراً و حتى اعرف قيمته أمسك بخنجر آخر و قام بتقشير حديد الآخر مثل التفاحة بحد الخنجر الأول. إن البحث عن جوهر الأشياء حاجة ضرورية لأن العيش في التفاهة لا يضمن بقاء الأمم إلا كما تبقى أي دابة في الأرض برحمة من رب كريم. في ثيير -فرنسا- تنتشر مصانع السكاكين في كل مكان حيث يتم صناعة السكين يدوياً من ألفها إلى منتها الكمال. من المحزن جداً أن يضيع جهد الحرفي الدمشقي و فنه على قطعة خردة لا نبل فيها و لا معنى. هذه القصة الطويلة هي لنقول أن صنع الثقافة يتطلب إدارة للخيارات بطريقة هي تماماً عكس ما تبنته احتفالية دمشق عاصمة الثقافة. فعوضاً عن البحث في آليات الإنتاج الثقافي و دعمها تم ببساطة تكريس كامل جهود المؤسسة على العرض و العرض إلى أقصى حدود الاستعراض. كنا نتمنى أن نرى ورشات عمل في المطبخ السوري تقدر على ابتكار صنف جديد إلى جانب الشاورما و الفلافل . كنا نتمنى أن تكون ثمة ورشة لأساتذة جامعيين و مهندسين في علم المعادن للبحث عن خيارات لائقة لبعث معدن السيف الدمشقي مجدداً للحياة.
تم صرف ما يقارب 5 ملايين ليرة لإنتاج عشرة أفلام قصيرة للسباب و لو أن العاصمة قررت توزيع كميرات و كمبيوترات بهذا المبلغ مشروطاً بتقديم عمل واحد لصالح الاحتفالية لكانت حصلت على عشرين فيلم و لبقي لدينا أكثر من عشرين فناناً قادرين على الإنتاج لسنوات بعد أن يطوي عام 2008 أوراقه. إن دمشق تشهد تحولات عمرانية ضخمة فهل استثمرت العاصمة الثقافية أية خبرات للبحث في وضع فلسفة تضيء أو تبني جسراً بين مختلف أشكال مؤسسات الإنتاج المعرفي قد توصلنا إلى قراءات سليمة من أجل بناء غد أفضل. هل تم البحث في مؤسسة ترجمة باتت على درجة خطيرة من الأهمية مع الحديث عن الدول الإلكترونية حيث أصبحت اللغة سيفاً ذو حدين تفصلنا عن العالم بقدر ما يمكن أن توصلنا. هل تم البحث عن أسواق للفنان السوري لأن هذا يضمن بقاء عربة الثقافة على الطريق. هل بحثت العاصمة الثقافية في إنتاج الثقافة؟ أم أنها فعلت ما كان ليفعله أي رجل عادي لو تسنى له هذا الدعم المالي و اللوجستي؟
الجمل
إضافة تعليق جديد