الزئبق الأحمر وهم يطارده السوريون في الراديو
هوس الزئبق الأحمر الذي اجتاح العديد من البلدان العربية في الفترة الماضية وصل إلى سوريا مؤخراً، ولكن ليس من خلال ماكينات الخياطة القديمة (سنجر) وإنما من خلال أجهزة الراديو من ماركة “فيلبس” الألمانية المعروفة التي تهافت عليها الباحثون عن الزئبق الأحمر معتقدين أنها تحوي بضعة جرامات من هذه المادة السحرية التي تحولت إلى لغز كبير.
تحول البحث عن الزئبق إلى ما يشبه “تجارة الوهم” التي كثر مروجوها وباعتها ومشتروها، أدى هذا إلى ارتفاع أسعار أجهزة الراديو إلى ما يقارب ال 10 أضعاف، وشهد سوق المواد القديمة (سوق الحرامية) كما يُعرف في حمص توافد أعداد كبيرة من الناس رجالاً ونساءً للبحث عن هذه الأجهزة التي بيع بعضها بأكثر من 25 الف ليرة سورية أي ما يعادل ال 400 دولار مع أن سعرها لم يكن يتجاوز ال 1500 ليرة قبل ذلك.
أنور نعسان “52 عاماً” أحد مقتني أجهزة الراديو القديمة في حمص قال: دُفع لي بأحد هذه الأجهزة النادرة 150 ألف ليرة سورية (ما يعادل3000 دولار) ثم زيد المبلغ إلى الضعف ولكنني رفضت هذا العرض خوفاً من أن يكون في الزئبق الأحمر- كما يدعون - مضرة أو متاعب وخصوصاً أنني سمعت أنه يُستخدم في تحضير الجان والأرواح وأنا في غنى عن هذه الأمور.
ويقول “عماد الموسى - 30 عاماً” الذي كان يفرش أمامه العديد من أنواع الراديو القديمة: “عُرض علي أكثر مما عرض على جاري في راديو قديم من نوع “فيلبس” ولكنني رفضت بيعه لاعتقادي أن ما فيه يفوق هذا المبلغ فتريثت منتظراً أن يُدفع لي سعر أعلى وإن كنت أعتقد أن هذه الأجهزة لا تساوي ربع هذا الثمن ولكن التجارة شطارة كما يقولون.
وأدى انتشار شائعة الزئبق الأحمر إلى وقوع الكثير من حالات النصب والاحتيال في المجتمع السوري ومنها قصة الشاب (ع.ع) الذي أغرى العديد من الأشخاص وأوهمهم بوجود الزئبق الأحمر. وفي التفاصيل أن دورية تابعة للشرطة في محافظة حماه (200 كم شمال دمشق ) ضبطت في سيارة سياحية يقودها الشاب مجموعة من الأدوات والأكياس موضوعة في صندوق السيارة الخلفي. ولدى التحقيق معه اعترف (ع. ع) باستخدامه هذه الأدوات في تصنيع مادة الزئبق الأحمر المزيف يدوياً، وأقر بأنه احتال على العديد من الأشخاص وباعهم هذه المادة المصنعة عن طريق شركاء له.
رافقت شائعة وجود الزئبق الأحمر في أجهزة الراديو شائعات أخرى عن إمكانية العثورعلى كميات من الكنوز القديمة المدفونة تحت الأرض بواسطة الزئبق الأحمر الذي يستخدمه الدجالون والمشعوذون في استخراجها. وفي هذا السياق ألقت السلطات الأمنية في مدينة حماة القبض على ثلاثة أشخاص أثناء تنقيبهم غير الشرعي عن الآثار في منطقة السلمية وبحوزتهم قارورة تحتوي على مادة سائلة تشبه الزئبق الأحمر زعموا أنهم بواسطتها استدلوا على آثار مدفونة تحت الأرض. وعثر معهم بالفعل على قطع أثرية تنتمي إلى عصور إسلامية مختلفة وبعضها من العصر البرونزي، وزعم المقبوض عليهم خلال التحقيقات أن شخصاً رابعاً استعمل هذه المادة في تحضير الجان، وأن هذا الجان قادهم إلى الآثار المدفونة تحت منزل أحدهم.
خالد الأحمد
المصدر: الخليج
إضافة تعليق جديد