الخرطوم تتهم أميركا وإسرائيل بدعم المتمردين للسيطرة على حقول النفط
تنطلق اليوم الخميس في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا جولة مفاوضات جديدة بين الخرطوم وجوبا للاتفاق على خطوات عملية لتنفيذ مصفوفة وقّعها الطرفان قبل نحو ستة أشهر، وسط ضغوط إقليمية ودولية على البلدين، فيما تحدثت الخرطوم عن مخطط تقوده وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه» وجهاز «الموساد» الإسرائيلي لتمكين الحركات المتمردة من السيطرة على مناطق إستراتيجية في داخل السودان بجانب بعض حقول النفط.
وسيقود محادثات أديس أبابا وزير الدفاع السوداني عبدالرحيم محمد حسين ونظيره الجنوبي جون كونغ، وسيناقش الجانبان التوصل إلى آليات لتنفيذ الاتفاقات الأمنية وتشكيل فرق مراقبة وإنشاء منطقة منزوعة السلاح وفق الاتفاق الموقع بينهما في أيلول (سبتمبر) الماضي. وستعقب اجتماعات الآلية السياسية اجتماعات مختصة باللجنة العليا للمفاوضات السبت المقبل برئاسة إدريس عبدالقادر من السودان وباقان أموم من دولة الجنوب.
واتفق على استئناف المفاوضات بعد جولات المبعوث الأممي السفير هيلي منغريوس إلى الخرطوم وجوبا درس خلالها مع الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت أفكاراً ومقترحات لتحريك جمود التفاوض وتسوية الملفات الخلافية. وسلّم منغريوس الرئيسين رسالة من الوسيط الأفريقي ثابو مبيكي تتضمن مقترحات لتجاوز نقاط الخلاف حول المسائل العالقة بينهما، وخاصة في ملف الترتيبات الأمنية الذي أدى إلى توقف المفاوضات.
إلى ذلك، اتهمت الحكومة السودانية دولة جنوب السودان وجارتها دولة اوغندا بدعم «الحركة الشعبية - الشمال» المتمردة التي تقاتل الجيش السوداني في ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية السودانية أبوبكر الصديق في تصريحات إلى الصحافيين، إن ما تضمنه تقرير للأمم المتحدة عن وجود قاعدة عسكرية لـ «حركة العدل والمساواة» المتمردة في دارفور في داخل دولة الجنوب «دليل على ضلوع جوبا بشكل واضح في دعم الحركات المتمردة في السودان وإيوائها». وكشف تقرير صادر من لجنة العقوبات بالأمم المتحدة، أن «حركة العدل والمساواة» لديها قاعدة عسكرية في دولة الجنوب تضم نحو 800 مقاتل.
وأكد الصديق أن «حكومتنا تمتلك أدلة دامغة تثبت تورط اوغندا في دعم المتمردين السودانيين، وهي عبارة عن وثائق سفر وأوراق شراء أسلحة»، مشيراً إلى أن وكالة أميركية بثّت مقاطع صور صناديق ذخيرة وسلاح يتم نقلها إلى المتمردين في ولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان المتاخمتين للحدود مع جنوب السودان.
وفي السياق ذاته، كشف حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان عن مخطط تقوده وكالة الاستخبارات الأميركية «سي آي إيه» و «الموساد» الإسرائيلي لتمكين الحركات المتمردة وعلى رأسها «حركة العدل والمساواة» من السيطرة على مناطق إستراتيجية في داخل السودان، إلى جانب السيطرة على بعض حقول النفط.
وقال مسؤول التنظيم في الحزب الحاكم حامد صديق في تصريحات أمس، إن الاستخبارات الغربية تستهدف من العملية دفع «الدول الاستعمارية» إلى الاستمرار في دعم المتمردين، لكنه أكد «يقظة» الجيش السوداني والأجهزة الأمنية ومتابعتها مراحل المخطط، و «جاهزيتها لإجهاضه فوراً». وامتدح صدّيق نشر الأمم المتحدة تقريراً يكشف «خيانة ونفاق دولة الجنوب ونقضها العهود عبر استضافة وتأسيس قاعدة عسكرية للمتمردين على السودان».
وفي تطور لافت، أرجأ الرئيس عمر البشير زيارة كانت مقررة أمس إلى ولاية شمال دارفور لافتتاح منشآت خدمية وتنموية وتفقّد محافظات كان ينشط فيها المتمردون. ويُرجّح أن تكون تقديرات أمنية وراء إرجاء الزيارة التي كانت ستحمله إلى منطقتي الطويشة والطينة قرب الحدود التشادية التي كانت معقلاً للمتمردين. ونفى حاكم ولاية شمال دارفور عثمان محمد يوسف كبر، أن تكون زيارة البشير للولاية ألغيت، وتوقع تأخيرها فترة قصيرة فقط.
وحذّرت «حركة العدل والمساواة» في بيان قبل يومين البشير من زيارة منطقة الطينة باعتبارها رمزاً لقبيلة الزغاوة التي ينحدر منها غالبية قادة الحركات المسلحة. وتوغّلت قوات الحركة خلال الأيام الماضية من شمال دارفور إلى ولاية شمال كردفان على متن 40 سيارة، وقال الجيش إنه رصد سيارات المتمردين تتجه نحو منطقة وادي هور في شمال دارفور.
على صعيد آخر، برزت بوادر أزمة مكتومة طرفها التيار السلفي والسلطات السودانية بعدما وصفت صحيفة «المحرر» الاسبوعية التي تصدرها الجماعة السلفية بزعامة محمد عبدالكريم، البشير بـ «الرئيس الراقص الذي يكذب على شعبه ليلاً ونهاراً». وكتبت الصحيفة أن «الرئيس الراقص» يكذب على شعبه و «يعدهم بالشريعة والدين ويمنّيهم بالحياة الكريمة لكن يعدهم ويمنّيهم وما يعدهم إلا غروراً».
وأشارت الصحيفة في كلمتها الافتتاحية بقلم مديرها العام اسامة عبدالحميد إلى حجم الفساد المستشري في البلاد، ووصفت قيادات حكومة الخرطوم بأنهم «يخوضون في الربا وينهبون ويسرقون ويتلاعبون بعقيدة الأمة ودينها تشيّعاً وتنصيراً».
وعقدت الصحيفة السلفية في كلمتها مقارنة ما بين عمر البشير والرئيس المصري محمد مرسي، حيث رجّحت كفة محمد مرسي في حين وصفت عمر البشير بالكذاب. ويتوقع أن تتخذ السلطات إجراءات في مواجهة الصحيفة لا يستبعد أن تنتهي بتعطيلها كما حدث لصحف أخرى في مواقف مشابهة.
النور أحمد النور
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد