الجيش يتقدم بشكل منهجي وكتائب المعارضة تننقم من المدنيين في دمشق وحلب بقذائف الهاون
في وقت تشتد فيه المعارك على جبهتي حلب الجنوبية والشرقية، إثر العملية العسكرية التي ينفذها الجيش السوري لبسط سيطرته على طرق استراتيجية، تشهد «الجبهة الداخلية» لمسلحي المعارضة حالة من الفوضى، بعد اغتيال خمسة قياديين من «ألوية معارضة»، أبرزهم القائد العسكري لـ«لواء التوحيد»، التابع لجماعة «الإخوان المسلمين» عبد القادر الصالح، المعروف بلقب «حجي مارع». ويحيط بذلك كله تنامي الشكوك حول وجود «خلايا نائمة مرتبطة بالنظام تنشط بشكل متواتر في المناطق المحررة»، بحسب تعبير مصدر معارض.
ويؤكد المصدر المعارض أن حالة الخوف تنامت خلال الأسبوعين الماضيين، ليصف الحالة بـ«الفوبيا». ويقول إن «حالة الفوبيا أصابت معظم الفصائل المعارضة، التي بدأت بالبحث عن هذه الخلايا»، مشيراً إلى أن حملة نفذتها فصائل عدة طالت منازل عدة في أحياء الشعار، وطريق الباب، والميسر، ومساكن هنانو، حيث ألقي القبض على أشخاص «مشتبه في ارتباطهم بالنظام»، ومن بينهم «ناشط إعلامي في صفوف المعارضة»، لم يذكر المصدر اسمه.
ويعيد المصدر إلى الأذهان إصدار «لواء التوحيد» قراراً بفرض «حظر التجول» قبل اغتيال قائده العسكري بيومين، وإصدار «الهيئة الشرعية» المعارضة - وهي «هيئة قضائية» تشكلت باتفاق بين جماعات مسلحة عدة في سوريا أبرزها «لواء التوحيد» و«جبهة النصرة» - قراراً بإغلاق معبر بستان القصر، الوحيد الذي يصل بين أحياء حلب الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة، ووسط حلب وغربها الخاضعين لسيطرة الحكومة. وفي وقت لاحق تم تعديل القرار ليسمح بعبور المواطنين فقط، من دون حمل أي مواد، من الساعة السابعة صباحاً وحتى الساعة الثانية عشرة ظهراً.
ويشرح المصدر أن «هذين القرارين مرتبطان بشكل كامل بفوبيا الخلايا النائمة، حيث وصلت أنباء إلى الهيئة الشرعية حول بعض هذه الخلايا، وعملها على تحديد مواقع وتحركات المعارضة، ما يساعد النظام على تصفيتها عبر عمليات جوية أو عبر استخدام الصواريخ أو المدفعية». ويضيف أنه «بالفعل بعد ثلاثة أيام فقط استهدف النظام اجتماعاً قيادياً في مدرسة المشاة في حلب بصاروخين من طائرة، وقتل على الفور أربعة قياديين، وأصيب حجي مارع، قبل أن يفارق الحياة في أحد مستشفيات تركيا».
ويذهب المصدر إلى تخوّف المعارضة من أمر «أبعد من عملية تحديد مواقع المعارضة». ويقول «هناك تخوّف حقيقي من عمليات انقلاب بعض الفصائل على المعارضة وقتالها إلى جانب النظام مع اقتراب الجيش، ما قد يسقط الجبهة الداخلية للثوار»، موضحاً أنه «فتح استهداف اجتماع القياديين قي مدرسة المشاة الأبواب على تساؤلات كثيرة حول توقيت الاستهداف، وهوية من سرّب موعد الاجتماع، علماً أن هذا النوع من الاجتماعات تحيط به السريّة. وقد دفع الأمر إلى البحث عن قياديين كان من المفترض أن يحضروا الاجتماع ولم يفعلوا، ما رفع مستوى الشك لدى المعارضة حول حجم الاختراق الذي أنجزه النظام في ظل خلافات قيادة المعارضة».
وعن الآلية التي تتبعها الفصائل المعارضة في عملية بحثها عن هذه «الخلايا»، يشرح المصدر أنه «جندت مجموعة فصائل مواطنين، وقامت بتنشيط العمليات الاستخبارية بين المواطنين، حيث تداهم قوة مسلحة أي منزل يشتبه في أنه يشهد نشاطاً معادياً للثورة»، موضحاً أنه «تم القبض على عشرات المواطنين، وتحويلهم إلى التحقيق، ولم يعترف أحد منهم بارتباطه بالنظام حتى الآن». وأشار إلى أن «معظم من تدور حولهم الشبهات هم من المواطنين المحايدين، والذين باتوا يشكلون مصدر خطر على المعارضة».
ميدانياً، يلفت المصدر إلى أن مسلحي المعارضة بدأوا حركة «نزوح» كبيرة من المدينة الصناعية في الشيخ نجار، خصوصاً من مباني «الفئة الثالثة»، تزامناً مع اقتراب الجيش السوري من المدينة بعد سيطرته على بلدة نقيرين، وتقدمه باتجاه بلدة تيارة، التي تحتوي على تلة تطل على المدينة الصناعية، يتمركز عليها الآن مسلحو المعارضة. وتمكن الجيش من السيطرة على تلة أخرى استراتيجية مطلة أيضاً على مباني الفئة الثالثة في المدينة الصناعية، هي تلة الشيخ يوسف.
كذلك، تشهد بعض أحياء حلب الشرقية، كحيي طريق الباب والميسر، حالة نزوح متواترة مع اقتراب الجيش منها. وتوقع المصدر المعارض أن تتحول تلك الأحياء إلى «خط تماس مباشر» في حال واصل الجيش تقدمه.
واستعاد الجيش السوري السيطرة على ست قرى دخلتها المعارضة قبل ايام عدة، هي ديمان، وصدعاية، والحسينية، ورسم الشيح، ورسم عكيرش، ورسم بكرو، في جنوبي حلب. وتشكل هذه القرى «خط تماس» في الوقت الحالي، وتدور على أطرافها معارك متواصلة، إثر محاولة مسلحي المعارضة استعادة سيطرتها عليها، ما يساعد على قطع طريق حلب - خناصر - حماه، وهو يشكل طريق إمدادات للجيش.
ومن جهة أخرى، يصف مصدر على علاقة مباشرة بقادة العملية العسكرية في حلب استراتيجية الجيش السوري في حلب في الوقت الحالي، بأنها «دفاعية» على الجبهة الداخلية (داخل مدينة حلب)، و«هجومية» في مناطق الريفين الجنوبي والشرقي.
ويوضح المصدر أن «مسلحي المعارضة يحاولون استغلال العمل العسكري في مناطق الريف بزيادة الضغط على مناطق الداخل لتحقيق انتصارات داخلية تشحن همم المقاتلين وتكسبهم تفوقاً يغطي على انسحاباتهم من مناطق الريف، حيث يشنون بشكل متواصل هجمات عبر محاور عدة أبرزها سيف الدولة، وعبر منطقة المنصورة في الجهة الغربية من حلب باتجاه أكاديمية الأسد العسكرية. ويترافق ذلك مع استخدام مكثف لقذائف الهاون على وسط المدينة من جهة بستان القصر، آخرها سقوط قذائف عدة في حي الجميلية، تسببت بمقتل 11 مواطناً أمام أحد مطاعم الوجبات السريعة، إضافة إلى حي الأشرفية، والذي يتم استهدافه من منطقة بني زيد».
ويرى المصدر أنه ومن «وجهة نظر عسكرية، ليس لهذه القذائف أي أهمية في ميدان المعركة»، واصفاً هذه القذائف بأنها «عبثية»، تأتي كردة فعل على تقدم الجيش، وفي محاولة لتشكيل رأي عام داخل مدينة حلب بأن مسلحي المعارضة ما زالوا يملكون زمام المبادرة، وليسوا في حالة دفاع، وهو أمر «غير صحيح»، وذلك على حد تعبيره.
علاء حلبي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد