الجعفري في مواجهة دائمة مع الرئاسة القطريّة للجمعية العامّة يؤازره زميله الروسي
لا تزال القيادة السورية تنظر إلى النوايا الدولية والعربية بعين الريبة، رغم الدعم العلني الذي يعرب الجميع تقريباً عنه لتطبيق خطة الموفد الأممي ــ العربي، كوفي أنان. وفي آخر علامات التشكيك السورية، قال المندوب السوري لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري»، إن تقويض الخطة ماضٍ على قدم وساق، وهو ما يُترجَم بأشكال مثل تنظيم مؤتمر «أصدقاء سوريا» في إسطنبول، وتمويل المعارضة وتسليحها، وفي مواقف رسمية معلنة مثل تصريحات وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل.
ويشير الجعفري إلى أنه لا يمكن تصديق الدول العربية قبل «وقف الشحن الإعلامي الذي تقوم به قنوات سعودية وقطرية»، إضافة إلى ما يسمّيه الدبلوماسي السوري «الجلسات الكثيرة المتعلقة بسوريا، ومن ضمنها تسخير جلسات الجمعية العامة ومجلس الأمن وغيرها من الجلسات لهذه الغاية».
غياب التعاون بين سوريا وبعض «المجتمع الدولي» يأخذ أشكالاً ومواقف تصاعدت حدتها في الأيام الأخيرة؛ فمن جهة، قالت المندوبة الأميركية، رئيسة مجلس الأمن في دورته الحالية، سوزان رايس، إن ما يشاهد على الأرض «من تصعيد عسكري، يختلف عما يُتوقع لمن وافق على سحب القوات من المدن». أما رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، القطري ناصر عبد العزيز النصر، فقد اصطدم بكل من المندوبين السوري والروسي فيتالي تشوركين خلال الجلسة الطارئة التي عُقدَت على عجل أول من أمس، حيث يقول الدبلوماسيون السوريون إنها «استُغلَّت لشن حملة إعلامية ضد سوريا». وفي تفاصيل القصة أن النصر دعا مساء الأربعاء على عجل لعقد جلسة غير رسمية لأعضاء الأمم المتحدة الـ193 لكي يستمعوا إلى إحاطة هي الثانية في غضون 3 أيام لكوفي أنان عبر الأقمار الصناعية من جنيف، بعدما كانت الاحاطة الأولى يوم الاثنين الماضي أمام مجلس الأمن. ودعا النصر وسائل الإعلام لتغطية الحدث الذي أعلن أنه سينقل على الهواء مباشرة بواسطة قناة الأمم المتحدة، لكن عندما توجّهت طواقم وسائل الإعلام إلى القاعة، فُوجئت بطردها بتعليمات أوضحت «دائرة المعلومات الأممية» أن مصدرها هو رئاسة الجمعية العامة. أمر قلّما اختبره المراسلون في تاريخ الأمم المتحدة.
افتتح النصر الجلسة الرابعة بشأن سوريا منذ تولّيه منصبه. بعدها، وفي نقطة نظام، طلب الجعفري الحضور للوقوف دقيقة صمت على أرواح جميع الضحايا السوريين، بغضّ النظر عن انتماءاتهم. ارتبك النصر وتشاور سريعاً بعصبية ظاهرة مع الأمين العام بان كي مون الجالس على يمينه، ثم مع مساعديه، واتفقوا خلال دقيقة أو اثنتين على رفض الطلب السوري. وأعطى النصر الكلام لبان، تلاه كوفي أنان، وبعد ذلك، أُعطيت التعليمات لتلفزيون الأمم المتحدة لقطع البث دون إخطار وسائل الإعلام التي كانت تنقلها مباشرة، فإذ بالجميع يشاهد شاشات سوداء.
تحوّلت الجلسة إلى مغلقة، منح خلالها النصر المندوب السعودي عبد الله المعلمي فرصة التحدث لربع ساعة، وقيل للجعفري إن الفترة المتاحة له للردّ يجب أن تقتصر على 3 دقائق. وعندما تجاوز الدقائق الخمس، قُوطع على نحو أثار غضبه. وعندما طلب الجعفري نقطة نظام للاحتجاج على إقفال بث الجلسة، أعلن النصر تعليق الاجتماع. أمر أثار استغراب المندوب الروسي تشوركين، الذي أعرب عن اعتراضه على أسلوب الإدارة، فما كان من النصر إلا التصرف بعصبية «وكأنه ناظر مدرسة» بحسب أحد الدبلوماسيين الذين حضروا الجلسة.
خرج الجميع من القاعة، ليعقد الجعفري مؤتمراً صحافياً شن فيه حملة عنيفة على مندوبَي قطر والسعودية اللذين «سخّرا الجلسة لغاياتهم السياسية الضيقة» وفق تعبيره. وشدد الجعفري على أن النصر «تصرّف على نحو معيب لم يسبقه فيه أي رئيس جمعية عامة، فخرق كل الدساتير والأعراف الأممية». وحمل الدبلوماسي السوري على السعودية «التي تعيش في القرون الوسطى» بحسب كلامه. وواصل الجعفري الكلام على مدى ساعة كاملة لوسائل الإعلام، فاتهم النصر بخرق القوانين في ست نقاط أساسية، من ضمنها منح مندوب الاتحاد الأوروبي حق الكلام قبل المندوب الروسي، وهو ما ينطوي على «مخالفة جوهرية، لكون الاتحاد الأوروبي ليس معترفاً به كدولة».
أما النصر، فقد فسّر الأمر بالقول إن الجلسة كانت غير رسمية، وبالتالي لا يمكن فرض قوانين رسمية عليها، كاشفاً أنه سمح للمندوبين بالسؤال والجواب فقط في حوار مع كوفي أنان. وانتقد النصر زميله السوري «الذي أراد أن يرد على كل شيء»، من دون انتقاد المندوب السعودي الذي تحدث لربع ساعة.
نزار عبود
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد