الاحتلال يحاصرالمصلين في الأقصى:عشرات المصابين وإغلاق تام للقدس
مدينة القدس كانت أمس، على موعد جديد مع مواجهات فلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي حاصرت قواته باحة المسجد الأقصى، مانعة نحو 150 مصلياً من المغادرة بعدما رابطوا داخله للحؤول دون تدنيسه من قبل يهود متشددين، ما أسفر عن إصابة عشرات الفلسطينيين بجروح، فيما تم اعتقال أربعة آخرين، بينهم المسؤول السابق عن ملف القدس في السلطة الفلسطينية حاتم عبد القادر.
في هذه الأثناء، تواصلت ردود الفعل الفلسطينية والعربية المنددة بسحب تقرير لجنة تقصي الحقائق في غزة برئاسة القاضي ريتشارد غولدستون من جدول أعمال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، ما اضطر الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الموافقة على تشكيل لجنة تحقيق لكشف ملابسات القضية، علماً بأن دمشق ارجأت زيارة كان يفترض ان يقوم بها عباس اليوم الى سوريا، وأعلنت انها تنوي المضي قدماً في متابعة التقرير وتوصياته التي تنص على محاكمة اسرائيل بارتكاب جرائم حرب في حربها على غزة مطلع هذا العام.
وذكرت مصادر فلسطينية أنّ قوات الاحتلال قمعت بشكل وحشي الاحتجاجات الفلسطينية التي اندلعت على اثر قيام قوات الاحتلال بإغلاق باحة الأقصى بشكل تام، بعدما تداعى الفلسطينيون إلى إحباط مخطط لإدخال مستوطنين إلى باحات المسجد.
وأشـارت مصـادر طبيـة إلى أنّ تسعـة فلسطينيين أصيبـوا بجروح، فيما أصيب العشرات برضوض مختلفة، جراء اعتداء قوات الاحتلال عليهم بالضرب المبرح، في محاولة منها لتفريق المسيرات التي انطلقت منذ الصباح في باب الأسباط وأحياء الصوانة ووادي الجوز في المدينة المحتلة.
كذلك اعتقلت الشرطة الإسرائيلية عدداً من الفلسطينيين، من بينهم المستشار السابق لرئيس السلطة الفلسطينية لشؤون القدس حاتم عبد القادر، ونائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الشيخ كمال خطيب.
ونقلت وكالة «وفا» عن المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين إن سلطات الاحتلال اعتقلت عدداً من الشبان منذ ساعات الصباح، مشيراً إلى أنّ حصاراً مشدداً فرض على المسجد، كما تم نصب أجهزة مراقبة على مداخله لرصد كل من يحاول الدخول أو الخروج منه. وحذر حسين من ارتكاب مجزرة بحق المصلين والمعتكفين في المسجد الأقصى، كما حذر من العواقب التي ستؤول إليها المنطقة برمتها في حال استمرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالسير على سياستها وممارستها التعسفية ضد المقدسات الإسلامية.
وحوّلت سلطات الاحتلال البلدة القديمة من مدينة القدس المحتلة إلى ثكنة عسكرية، حيث عاش سكانها ليلة طويلة سادتها أجواءٌ من الحذر والترقب، خاصة بعد رفض المعتكفين في الأقصى الانصياع لأوامر الاحتلال بالخروج منه.
وقالت «مؤسسة الأقصى للوقف والتراث» إن شرطة الاحتلال الإسرائيلية عرقلت دخول العديد من الحافلات التي تنقل المُصلين من قرى ومدن الداخل من التوجه إلى القدس والمسجد الأقصى لأداء صلاة الفجر فيه. وذكر الشيخ علي أبو شيخة، من الحركة الإسلامية في الداخل، أن الشرطة الإسرائيلية أوقفت قبل ذلك الحافلات في مدينة الناصرة وحيفا، واحتجزت البطاقات الشخصية التي تعود لركابها المتوجهين إلى القدس.
من جهته، قال المتحدث باسم الشرطة ميكي روزنفيلد «لقد طوقنا المدخل إلى جبل الهيكل (الاسم الذي يطلقه اليهود على باحة المسجد الأقصى) اثر عمليات تحريض على العنف بواسطة مكبرات الصوت»، ما دفع بما بين 150 إلى 200 مصلٍ إلى الاحتجاج على هذا الإجراء. وأضاف روزنفيلد إن «المتظاهرين رشقوا قوات الأمن بالحجارة والزجاجات»، مشيراً إلى أنه تم اعتقال أربعة فلسطينيين للاستجواب بشأن «التحريض على العنف».
إلى ذلك، حذرت وزارة الإعلام الفلسطينية من «إشعال برميل البارود» في القدس، مشيرة إلى أنّ إجراءات الاحتلال في القدس «ستعيد المنطقة كلها إلى حلقة مفرغة جديدة تنسف كل دعوات التسوية وتحكم بالإعدام على المسار السياسي».
وفي غزة، اعتبر رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية أنّ سحب تقرير غولدستون من التداول وفر غطاء للاحتلال لاقتحام الأقصى. وقال هنية في كلمة مقتضبة في مكتبه أثناء استقباله الأسيرة روضة سعد، التي أفرجت عنها إسرائيل أمس، إن «هذا القرار الطائــش وغير المسؤول، والذي يفتقر إلى أدنى مسؤولية، ويتاجر بدماء الأطفال في غزة، قد شجع الإسرائيليين على اقتحام الأقصى وارتكاب جرائمهم».
يأتي ذلك في وقت أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس قراراً بتشكيل لجنة تحقيق في ملابسات سحب تقرير غولدستون من جدول أعمال لجنة حقوق الإنسان في جنيف، اثر ردود فعل فلسطينية غاضبة على هذه الخطوة، واتهامات له ولرئيس وزرائه سلام فياض بالخضوع للضغوط الأميركية والغربية.
ويترأس اللجنة عضو اللجنة التنفيذية في المنظمة حنا عميرة، وتضم في عضويتها المفوّض العام لشبكة «أمان» (المنظمات الأهلية الفلسطينية) عزمي الشعيبي وأمين سر لجنة الانتخابات المركزية رامي الحمد اللة، ومن المتوقع أن تصدر نتائج التحقيقات في هذه القضية خلال أسبوعين.
من جهة ثانية، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية حسام زكي أنّ الوزير أحمد أبو الغيط ورئيس المخابرات العامة اللواء عمر سليمان سيتوجهان اليوم إلى عمان لإجراء محادثات مع الملك الأردني عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني حول المصالحة الفلسطينية وجهود التسوية.
وأشار إلى أنّ «مصر تعكف حالياً على صياغة المشروع النهائي لاتفاق المصالحة وسيتم اطلاع جميع المشاركين في الحوار الوطني الفلسطيني عليه تمهيداً لتوقيعه في الأسبوع الأخير من تشرين الاول الحالي».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد