الإدارة المحلية تسمح بالبناء على الأراضي المملوكة على الشيوع
قد يتفاجأ الكثير عندما يعرفون أنه ثمة مدن وقرى ومساحات شاسعة ليس فيها ما يثبت أحقية أصحابها وكذلك الأمر مساحات شاسعة مازالت غير محررة ومحددة وإذا عدنا لدفاتر ووثائق المصالح العقارية فهي مسجلة بأسماء أشخاص فارقوا الحياة منذ سنوات طوال جداً.
أما مايثير الدهشة فهو معرفة أن التحديد والتحرير قد تم إنجازه في سورية منذ عشرينيات القرن الماضي وأن ماتم تعديله لايتجاوز إطار المبادرات الخجولة ما جعل الحديث يكثر بالأونة الأخيرة عن وضع الأراضي المملوكة على الشيوع وخاصة مع امتدادها واتساع رقعتها مع كثرة المعنيين فيها على اعتبار أن المستفيدين من هذا النوع من الأراضي باتوا يشكلون شريحة لابأس فيها, ومن هنا بات من الضروري وضع معايير وشروط بالبناء في الأراضي المملوكة على الشيوع وهنا نتساءل:
تجدر الإشارة إلى أن الجهات المعنية قد وضعت في حسبانها اتخاذ قرار بهذا الشأن منذ فترة ليست بقليلة, إلا أن وزارة الإدارة المحلية التي جاءت عطفاً على التعليمات التنفيذية للمرسوم التشريعي رقم (59) وانطلاقاً من أهمية هذا الجانب تلقي «الثورة» الضوء على أهم ماجاء فيها من شروط.
قالت مصادر أن التعليمات قد لحظت بداية مراعاة التقيد بأحكام المادة (5) من المرسوم التشريعي 59 لعام 2008, وإلى أن يتم تنفيذ القانون (33) لعام 2008 أيضاً حيث أجازت منح الترخيص بالبناء في الأراضي المملوكة على الشيوع داخل المخططات التنظيمية للوحدات الإدارية والبلديات باستثناء مجالس مدن مراكز المحافظات أو داخل المخططات التوجيهية المصدقة وفق الاشتراطات الفنية الخاصة بوضعها وتصديقها لمدة عام اعتباراً من تاريخ هذا التعميم على أن يتم خلال هذا العام وضع مخطط تنظيمي عام بديلاً عن المخطط التوجيهي.
كما اشترطت التعليمات تقديم مجموعة من الوثائق للحصول على الترخيص تتمثل بداية ببيان قيد عقاري يثبت ملكية المتقدم بالطلب لأسهم في العقار المطلوب الترخيص عليه أو نسخة مصدقة من عقد البيع الموثق لدى الكاتب بالعدل أو الحكم القضائي المبرم بناء على دعوى قضائية مقامة قبل صدور القانون رقم (2) لعام 2003 لتملكه جزءاً من العقار شريطة أن تكون الملكية قبل تاريخ صدور القانون رقم (1) لعام 2003 ولاتتعارض مع أحكام القوانين والأنظمة النافذة والتخطيط المصدق وناظم ضابطة البناء ويستثني من ذلك الوارث لمورث يملك حصة سهمية على الشيوع ثابتة قبل تاريخ صدور القانون (1) لعام 2003 وشريطة أن يكون القسم المطلوب ترخيصه مطلاً على طريق عامة في إحدى واجهاته على الأقل وأن لايقل طوله عن المحدد في نظام ضابطة البناء المصدق وأن تعادل مساحة الحصة السهمية لطالبي الترخيص الحد الأدنى و لاتتجاوز الحد الأعلى المسموح بترخيصه حسب نظام ضابطة البناء مضافاً إليها نسبة ما يصيبها من مساحة المرافق العامة والمشيدات العامة ووفق النسب المنصوص عليها في الباب الأول من القانون رقم (9) لعام 1974 المعدل، مع تشكيل لجنة فنية في الوحدة الإدارية لتقدير مساحة الحصة السهمية المحددة وما يصيبها من نفقات التخديم بشكل أولي قابلة للتعديل وتستوفي الوحدة الإدارية أو البلدية تأميناً مالياً لقاء هذه النفقات وفق ماقدرته اللجنة إضافة إلى رسوم رخصة البناء أو أي رسوم أخرى مستحقة.
ومن الوثائق التي حددتها التعليمات مخطط كروكي لموقع قطعة الأرض المطلوب الترخيص عليها معتمد من الوحدة الإدارية أو البلدية أو مديرية الخدمات الفنية ( في حال عدم وجود وحدة إدارية) تبين حدودها والطرق والمشيدات العامة في محيطها وداخلها في المخطط التنظيمي أو المخطط التوجيهي للمنطقة وشهادة من الهيئة الاختيارية تشهد بتصرفه لهذه المساحة من الأرض وبيان أسماء المالكين الشركاء المجاورين له مرفقة بوثيقة موقعة من قبل المالكين الشركاء المجاورين لقطعة أرضه موثقة لدى الكاتب بالعدل تشهد بحقه .
وتخصصه بقطعة الأرض، على أن تصدق هذه الوثائق التي نحن بصددها من قبل المكتب التنفيذي للوحدة الإدارية أو المكتب البلدي في البلديات أو من مديرية الخدمات الفنية بعد التأكد من صحة محتواها.
وقدتطرقت التعليمات لضرورة الإعلان عن طلب الترخيص بالنشر في إحدى الصحف المحلية في حال وجودها في المحافظة والإعلان في لوحة إعلانات الوحدة الإدارية والأماكن العامة (الساحات- المواقع الدينية وغيرها) وموقع قطعة الأرض لمدة (30) يوماً وللمعترض تقديم اعتراضه خلالها وتدرس هذه الاعتراضات من قبل المكتب التنفيذي للوحدة الإدارية أو المكتب البلدي أو مديرية الخدمات الفنية، ويرد أي اعترض في حال ورود الاعتراض بعد انتهاء مدة الإعلان المحددة بثلاثين يوماً، وإذا ثبت أن المعترض يضع يده على كامل حصته السهمية من العقار خارج القسم المطلوب ترخيصه وفي حال ثبت أن المعترض ليس له أي ملكية في العقار الذي يقع فيه القسم المطلوب بترخيصه أو إذا ثبت أن المعترض تنازع قضائياً مع طالب الترخيص وصدر قرار قضائي مبرم لصالح طالب الترخيص أو إذا كان المعترض من الشركاء المجاورين الذين سبق موافقته خطياً لطالب الترخيص وأي حالات أخرى.
يرى المكتب رد الاعتراض فيها ويقدم طالب الترخيص تعهداً لدى الكاتب بالعدل ينص على عدم المطالبة بأي عطل أو ضرر أو تعويض نتيجة إلغاء أو وقف الترخيص بسبب المنازعات والدعاوى المتعلقة بالحقوق العينية.
ومن جهة أخرى لحظت أن تقدم جميع المخططات الهندسية المصدقة والوثائق اللازمة لمنح رخصة البناء وفق المخطط التنظيمي ونظام ضابطة البناء أو المخطط التوجيهي وشريطة ألا يكون قد مضى على الوثائق أو تصديقها أكثر من ثلاثة أشهر والتقيد بنظام ضابطة البناء والمخطط التنظيمي المصدق أو المخطط التوجيهي حسب الحال للترخيص مع المساحة المقابلة لأسهمه بعد اقتطاع المساحة المتنازل عنها للأملاك العامة في العقار المراد الترخيص عليه.
مع الأخذ بعين الاعتبار أنه من كان يقيم في بناء مبني على أرض مملوكة على الشيوع تنطبق عليه أحكام القيد العقاري كما ذكرنا في بداية التعليمات ويستخدمه بشكل هادئ وعلني، يجوز له الترخيص وفق نظام ضابطة البناء النافذ شريطة أن يكون البناء غير متعارض مع المخطط التنظيمي العام أصولاً أو تسوية المخالفة في حال كانت قابلة للتسوية.
وللاطلاع على موقف الجهة المصدرة لهذا القرار التقينا المستشار القانوني في وزارة الإدارة المحلية فوزي محاسنة الذي تحدث قائلاً :
لو نظرنا إلى واقع الملكية وثباتها على مستوى القطر لقلنا هذا الواقع لم يعد متوافقاً مع قيود السجل العقاري وخاصة أن التحديد والتحرير في سورية موجود منذ عام 1920 كما أنه لم يشهد الكثير من التطوير منذ ذلك الحين.
وأضاف : نتيجة لتوزيع الملكية وعمليات الإرث والبيوع الجزئية بين المالكين والوارثين أصبح واقع إثبات الملكية الجزء الأكبر بين الموظفين غير وارد ضمن قيود السجل العقاري وإن ورد فهو عبارة عن أسهم من عقار وبالتالي فإن الملكية عندما تكون على الشيوع فهي موزعة بين مجموعة من المالكين لذا فإن من حق أي مواطن من هؤلاء المالكين أن يكون له ملكية في موقع أو زاوية من العقار.
وقال: تنبع أهمية هذه الاجراءات من خلال أنها تعتبر المعايير لتنظيم منح التراخيص على الأراضي المملوكة على الشيوع إلى حين تطبيق القانون (33) لعام 2008 وخاصة أن الاجراءات المتبعة حالياً بهذا الخصوص لم تعد فعالة غير أنها صعبة التحقيق نوعاً ما.
وعن أهم ما جاءت به هذه المعايير تحدث المستشار محاسنة عن استثناء مدن مراكز المحافظات من منح الترخيص في حال الملكية على الشيوع حيث يجب على طالب الترخيص افراز حصته بعقار مستقل أو الترخيص على كامل العقار مع الشركاء في الملكية ووقف العمل بهذه التعليمات في حال تطبيق القانون (33) لعام 2008 في الوحدة الادارية أو البلدية اضافة إلى أن تكون الحصة السهمية ثابتة قبل تاريخ صدور القانون رقم (1) لعام 2003 مع استثناء الوارث لكامل الحصة السهمية من هذا الشرط.
وعن امكانية الحفاظ على حقوق الوحدات الادارية قال: لحظت المعايير التزام الترخيص بالتنازل عن الملحوظ للنفع العام والمشيدات العامة إلى الوحدة الادارية وأن تكون مساحة ملكيته لا تقل عن المساحة المطلوب التنازل عنها مضافاً إليها المساحة اللازمة لمنح الترخيص ووفق نظام ضابطة البناء وشروطه اضافة إلى تدقيق المساحات من قبل لجنة فنية تشكل لهذه الغاية في الوحدة الادارية وحساب ما يصيب ملكيته من نفقات المرافق والبنى التحتية.
ولفت المستشار محاسنة إلى ضرورة الاعلان بالنشر بالصحف الرسمية ولوحة الاعلانات والأماكن العامة وفي موقع قطعة الأرض عن طلب الترخيص لمدة ثلاثين يوماً والحق بالاعتراض خلال ثلاثين يوماً من الاعلان ودراسة الاعتراضات من قبل المكتب التنفيذي أو المجلس البلدي مع إمكانية رد الاعتراض في حال عدم احقيته والتزام طالب الترخيص بعدم المطالبة بأي عطل أو ضرر نتيجة إلغاء الترخيص أو وقفه بسبب المنازعات والدعاوى القضائية المتعلقة بالحقوق العينية وإمكانية الترخيص بالبناء إضافة إلى بناء سابق مرخص أو أن البناء مخالفة قابلة للتسوية وأن ملكيته ثابتة أصولاً .
من جانبها أكدت المهندسة لين ونوس وهي معيدة جامعية ضرورة الإسراع في تعميم وتطبيق هذه التعليمات وخاصة في المناطق التي تحوي أراضي مملوكة على الشيوع بشكل كبير.
وقالت: كما يجب على الجهات المصدرة لهذا القرار أن تقوم بدورات تدريب وتأهيل للعاملين في السجلات المدنية والمصالح العقارية والبلديات لاطلاعهم على كيفية تطبيق هذه التعليمات نظراً لصعوبة تطبيقها وخاصة مع التشعبات الكثيرة التي آلت إليها الأراضي على الشيوع والتي أصبحت تحوي الكثير من حملة الأسهم خاصة مع غياب الحلول لفترة لا بأس بها من الزمن.
وعن التعليمات قالت: أعتقد أن أهم ما جاء بالتعليمات يتمثل في أنها أتاحت المجال لمالكي الأراضي على الشيوع الترخيص للبناء مع تحديد موضع حصة المالكين ضمن الأرض المملوكة على الشيوع وهو حل في غاية الأهمية وخاصة أنه في السابق لم يكن المجال متاحاً للبناء أو حتى تحديد توضع حصة أحد المالكين وكذلك الأمر بالنسبة لتوضع البنى الخدمية في هذه الأراضي.
نلاحظ بعد هذا العرض أهمية هذه التعليمات وخاصة أنها ستقدم حلولاً لمشكلات مستعصية إلا أن المشكلة تكمن في قدرة الجهات المنفذة لهذا القرار على تطبيقه وخاصة مع الحال الصعبة التي آلت إليه الأراضي على الشيوع ومن هنا لا يسعنا إلا أن نتساءل :
هل ستنجح الجهات المعنية في التعامل مع هذا الأمر؟
باسل معلا
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد