الأبناء ضحايا الحروب الزوجية
ثمة أزواج يدفعهم الضعف تارة وغياب الحكمة تارة اخرى إلى اتخاذ الابناء دروعا أو اسلحة في خلافاتهم وحروبهم الزوجية إما من خلال تحريضهم على الطرف الآخر وإما باستمالتهم للوقوف في صفهم أو حتى باستغلال تأثيرهم العاطفي فيهم لكسب ولائهم وشدهم نحوهم غير مدركين الأثار التدميرية التي تلحق بصحتهم النفسية مستقبلا.
ما الذي يدفع البعض إلى اللجوء إلى هذا الخيار الذي يسبب الماً ودماراً للجميع؟
( منى ) ربة منزل تقول: خمسة عشر عاما بقيت أهدد زوجي بسلاح الأطفال لترميم أعمدة بيتي الزوجي المتهالك مع كل خناقة أتكئ على نقطة ضعفه الوحيدة وهي حبه لأولاده وتعلقه بهم حاولت جاهدة أن اصلحه لكن دون فائدة هو يشرب كثيرا ويأتي باخر الليل لينعتني بأحقر الكلمات ويضربني وكنت أسكت وأحاول جاهدة أن أسكته لكي لا يستيقظ الأولاد مذعورين ويسمعوا أباهم ويرونه على هذه الصورة لكن مع الأسف لم تفلح جهودي لهذا لم أجد بدا من استخدام ابنائي سلاحا لأشهره في وجهه فكلما جاء على هذه الحال استدعيهم ليشهدوا على تصرفاته البغيضة وبالفعل بدأ يرتدع شيئا فشيئا لشدة خوفه على ابنائه.
( أحمد) مهندس يقول: اتمنى أن تبعد زوجتي الولدين عن أي مساومات ولا تستخدمهما أوراق ضغط علي وكما أمل أن تعطيهما صورة حقيقية عني.
الولدان لا ذنب لهما فيما يدور بيني وبين زوجتي لأن هذه مشكلات طبيعية ويمكن حلها لكني أخاف الأثر النفسي الذي يمكن أن يخلفه الحديث عني بما لا أحب,أنا أود أن أكون قدوة حسنة لهما وان ينظرا إلي كأب مرشد وموجه لا مجرد ( ماكينة مصاري ) لكن زوجتي ومع الأسف تقحمهما حتى في الخلافات التافهة.
( زينب) موظفة تقول: إن زوجي لا يتورع أن يسبني ويشتمني أمام ابنائي واحيانا قد يجرني إلى غرفهم عندما يكونوا نائمين ليوقظهم ويقول لهما أمكما صفتها كذا ونعتها كذا الخ... من الشتائم افتقدت احترام ابنائي لأن تأثير زوجي عليهم كبير للغاية خاصة وأنه يغدق عليهم بالهدايا والمال ويفرح كثيرا عندما يتطاول أحد من ابنائي عليّ أمام ناظريه.
( لما) معلمة تقول: أولادي يعلمون كل شيء عن والدهم فهو إنسان لا مبال ودائم السهر خارج البيت هم يشهدون خناقاتنا الزوجية ومشاجراتنا الكثيرة ويتفهمون الوضع حينما انفعل في وجه زوجي نتيجة تصرفاته المخجلة وأثور عليه إن اطلاع أولادي على الحقيقة جعلهم سندا لي وهم باستمرار يكشفون لي ما خفي علي من تصرفات ابيهم هذا الأمر يغيظ زوجي لكنه يشعرني بالارتياح خاصة وأنا اسمع توسلاته لأبعد أولادي عن خلافاتنا.
( بسام) صيدلي يقول: أود أن أقارن بين نساء اليوم ونساء الأمس فأنا أتحسر على الزمن الذي غير الأشياء الجميلة. أمهات الأمس كن صبورات ويتحملن مشقات كثيرة للحفاظ على بيوتهن ومن أجل الابناء فالأم كانت دائما ترسم صورة مشرقة للأب حتى و إن لم يكن كذلك لكن المرأة اليوم ومع خروجها للعمل واعتمادها ماديا على نفسها استغنت عن الرجل ولم تعد مجبرة على أن تتحمله وأصبحت تهدده بالأولاد وهذا اخطر سلاح.
الاختصاصية الاجتماعية ( هدى عجاج) تقول: من الطبيعي أن تحدث خلافات ونقاشات بين الزوجين لكن من غير الطبيعي أن يدخلا أولادهما كأطراف منحازة أو حتى كشهود حكم فمن المهم عدم اشراكهم البتة في مثل هذه الصراعات فأسوأ شيء في الوجود هو ان نفقد احترام ابنائنا بعد كل التضحيات التي نقدمها لهم من سهر وتعب ومعاناة لتضيع كل الجهود سدى في موقف ما أو خناقة يتبادل فيها الزوجان الاتهامات لأن الابناء دائما ينظرون إلى أبائهم نظرة ترقى إلى القدسية أحيانا معتبرين الأب أو الأم الشخص العاقل القادر على منحهم الأمان لكن عندما يرون ذلك ينهار وأنهم مجرد اشخاص ضعفاء بل ويستغيثون بهم لتصفية مشكلاتهم يسقط المثال وتضيع التربية.
ومن اصعب المواقف ان نضع الأبناء في مأزق الاختيار بين الأم والأب ما يهز استقرارهم النفسي ويفقدهم الثقة بالوالدين الذين هما مصدر التلقي والتربية والتعلم ويجعلهم يبحثون عن بديل وهذا البديل غالبا ما يكون أسوأ إلى جانب انعدام الأمان النفسي وتعلم التجسس والانتقام واحتقار الآخوين بل أن اخطرها تعلم الولد عقوق الوالدين أو احدهما اضافة إلى الجروح النفسية التي لا تمحى على مر الأيام وتؤثر سلبا على مستقبل حياتهم الزوجية.
بثينة النونو
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد