اكتشاف كنوز تعود للعصر البرونزي الحديث
يفاجئنا تل إيرس في موسمه الخامس 2007م والذي يقع إلى الجنوب الشرقي من مدينة جبلة وعلى بعد ثمانية كيلو مترات وفي قرية تدعى رويسة الحجل, بوفرة مكتشفه الأثري الجديد والمذهل الذي تمثل بالعثور ولأول مرة في سهل جبلة على منجل صواني وثلاث طبعات أختام تعود لعصر البرونز الحديث.!!
وللتعرف على نوعية وأهمية المكتشف الأثري الجديد في تل إيرس وحصيلة أعمال التنقيب للموسم الحالي, التقت الثورة الدكتور انطوان سليمان المشرف العلمي للبعثة الوطنية المنقبة حيث قال:
كافة أعمالنا لهذا الموسم تهدف الى التوسع في سوية عصر البرونز الحديث, وذلك بناء على اقتراح الدكتور ميشيل المقدسي ,مدير التنقيب حيث تم تحقيق هذا الهدف في الكشف الكامل عن مساحة الاستيطان في القطاع A, الذي يقع في الجهة الشرقية من التل, وتبلغ المساحة المنقبة فيه حوالي ألف متر مربع, أي استطعنا تحديد عدد من الغرف وأحجامها وتعامل أساساتها الحجرية مع الكتلة الصخرية لهذا الموقع فقد أدت أعمال الحفر في القطاع A إلى الكشف عن عدد من الجدران التي تعود إلى عصر البرونز الحديث من 1400 إلى 1200 ق.م وهذه الفترة تعاصر مملكة اوغاريت حيث وجدنا تشابها ما بين اللقى الأثرية المكتشفة في التل واوغاريت من نواحي الصناعة والأشكال والأنواع, وهذه الجدران تكون فيما بينها عددا من الغرف والممرات الممتدة من الشمال إلى الجنوب أي مع انحدار وميول التل, علما بأن هذه المنطقة قد احتوت على عدد من الآبار المحفورة في الصخر ومدفن جماعي يعود إلى فترة أقدم أي إلى نهاية عصر البرونز الوسيط ( 1700-1600 ق.م) عثر فيه على حوالي 13 هيكلا عظميا مع وجود حوالي 90 قطعة أثرية تنوعت بين الفخار والبرونز.
أيضا أدت المكتشفات الحديثة إلى توضيح شبه كامل لأبنية البرونز الحديث مع رؤية واضحة لتوزيع الغرف ضمن هذه المنطقة, إذ إن المسقط المعماري لها يعطي كتلة معمارية مترابطة فيما بينها ويبين وجود ممر طويل وعلى يمينه نجد عددا من الغرف الكبيرة والصغيرة ما يدل على وجود سلطة كانت تقيم في هذا المنزل ونحن الان قيد دراسة وظيفة كل غرفة من خلال الموجودات التي عثر عليها ولكن للوهلة الأولى نستطيع القول بأن أمامنا مبنى ذا سيادة سياسية أو دينية أو..?
وكذلك من خلال التنقيبات تم الكشف عن الطبقات المتراكمة من الأعلى إلى الأسفل إذ توضحت لدينا فكرة الحريق الذي ارتبط بتدمير وحرق مملكة اوغاريت من قبل شعوب البحر, وهذا يعني أن طبقة الحريق التي تعلو سوية عصر البرونز الحديث والممتدة أفقيا على طول مساحة أبنية هذا العصر تؤكد أن المنطقة قد تعرضت للحريق حيث بلغت سماكة طبقة الرماد فيها عشرة سنتيمرات وتقع على علو من أرضيان المبنى حوالي المتر. كما نؤكد على وجود بعض الكسر الفخارية والمرتبطة ببعض الجدرات الضعيفة أي المتناثرة هنا وهناك تعود إلى عصر الحديد الأول 1100-900 ق.م وهذا العصر مرتبط بالعصر الآشوري البسيط.
وعن أهم اللقى المكتشفة في التل في موسمه الحالي ونوعية المكتشف الجديد وأهميته قال الدكتور سليمان: تم الكشف في طبقات سوية عصر البرونز الحديث على بعض القطع الهامة وخاصة تحت طبقة الحريق, حيث عثر على رؤوس سهام مصنوعة من البرونز والحديد, وعثرنا على الكثير من الكسر الفخارية الملونة المتشابهة مع فخاريات اوغاريت ووجدنا بعض الأدوات البازلتية التي تستخدم للأعمال المنزلية اليومية مثل مدقات وساحقات حبوب وأجران بازلتية.
وأما المكتشف الجديد فقد تمثل بالعثور ولأول مرة في سهل جبلة على منجل صواني مؤلف من ثلاث قطع صوانية تأخذ شكل انحناء وكان يستخدم في موسم الحصاد علما بأنه تم العثور على مثيل له في حفريات اوغاريت في نفس فترة البرونز الحديث, وأيضا عثر على طبعة ختم على سطح حوض فخاري وهذه الطبعة الثانية تمثل مشهدا لثلاثة أشخاص وتنين ومن الممكن إرجاع تاريخها إلى نهاية عصر البرونز الحديث وبداية عصر الحديد الأول وأما الطبعة الثانية فهي مصنوعة من الفخار ومثقوبة من الأعلى للتعليق ويوجد لدينا الكثير منها أو ما يشبهها في اوغاريت على شكل فوانيس وعليها مشهد يمثل شخصين وبينهما شجرة نخيل ( الأشخاص تشبه الاله بعل) لأن الشخص يرتدي تنورة مع فتح اليدين فضلا عن أن الشخصين متقابلان وتعتبر هذه الطبعة مادة تاريخية من ناحية ومن ناحية أخرى وثيقة تدل على الارتباطات التجارية والدينية فيما بين الشعوب وكذلك عثرنا على طبعة ختم من نوع آخر موضوعة على سطح الحوض الفخاري عليه مشهد يمثل رحلة صيد ( آشورية التأثير أو اوغاريتية..) وهو عبارة عن حصانين يجران عربة فيها شخصان يجريان وراء غزال له قرون عالية, كما نشاهد أحد الأشخاص بيده قوس موجه نحو الغزال. وهذه الطبعات الثلاث لأول مرة تكتشف في سهل جبلة فقط ومن فترة البرونز الحديث.
لينا ريا
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد