اتصالات فرنسية سورية، وموافقة أميركية، تمهّد لتسمية رئيس اللبنان
وضع الاستحقاق الرئاسي، البطريركية المارونية، أمام مسؤولية تاريخية تتعدى حدود سلطتها المعنوية، وأدخلها في متاهات تجاذب سياسي خطير، بات يتعدى في مضامينه حدود الداخل اللبناني، وهو ان دلّ على شيء انما على بلوغ الأزمة السياسية الداخلية حافة الانزلاق الى المشهد الأسود الذي ما زال طريا في ذاكرة اللبنانيين.
وإذا كانت بكركي ترغب، اليوم، بتفادي الكأس المرة التي تجرعتها قبل عقدين من الزمن تقريبا، عندما مارس الأميركيون ضغوطا كبيرة عليها لتسمية خمسة مرشحين لرئاسة الجمهورية، وعندما فعلت ذلك، انفجر «الصاعق المسيحي» بوجهها، ليجر البلاد الى خيار الحكومتين ومن ثم الفوضى قبل أن تنعقد التسويات الكبرى، فإن هذا الهاجس زنّر بكركي مجددا، لكن الضغط الدولي المتصاعد، أعطى مؤشرات بأن بكركي تحملت أو هي على وشك تحمل مسؤولياتها، فما أن تسربت المعلومات بأنها سلّمت الفرنسيين لائحة مرشحين، حتى كرت سبحة الزوّار والمرشحين الموارنة اليها، وخاصة من فريق 14 آذار، لسؤال البطريرك الماروني نصر الله صفير عما اذا كان قد سمّى فعلا وكان جوابه للجميع «لم أسمّ أحدا حتى الآن».
وعندما سئل الموفد الفرنسي جان كلود كوسران من بعض أصدقائه اللبنانيين بعد جولة له على عدد من القيادات السياسية وسلسلة اتصالات قادها من السفارة الفرنسية مباشرة، أجاب بأن صفير «لم يقدم لنا اية لائحة حتى الآن».
وحاول كثيرون الاستفسار من كل من الرئيس نبيه بري والنواب ميشال عون وسعد الحريري ووليد جنبلاط، فكان الجواب جازما من الجميع بأن أحدا لم يتسلم شيئا حتى الآن. وقال بري بإيجاز ذي دلالة: «لم نتسلم شيئا وما زلنا ننتظر أنا والشيخ سعد»، وأضاف «حتى الآن الأمور مكانها وأنا على تفاؤلي».
غير أن مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى في بيروت، أبلغت «السفير» وبشكل حاسم أن بكركي «سلّمت الفرنسيين لائحة من ستة أو سبعة أسماء، على الأرجح، وهي باتت متداولة بين عدد من العواصم الدولية والإقليمية»، ورفضت الجزم حول ما اذا كان بري والحريري يعلمان بأمرها وقالت «لقد دخلت الأمور حلقة من الكتمان الشديد وهذا دليل ايجابية في البحث القائم وفي تعامل الأطراف الأساسية مع الأمر».
واستدركت المصادر نفسها بالقول «الانتخابات حاصلة حتما وقبل الرابع والعشرين من الجاري، وكلما اقتربنا من هذا الموعد سيزداد التوتر السياسي». وأشارت الى أن اللائحة «جاءت نتيجة اتصالات فرنسية سورية وبموافقة أميركية».
وفهم أن اللائحة تضم أسماء ميشال عون ونسيب لحود وبطرس حرب وروبير غانم بالاضافة الى ثلاثة آخرين، تم التكتم على أسمائهم من المصادر نفسها.
وعُلم أن أحد شروط صفير التي أبلغها للفرنسيين، الإبقاء على اللائحة سرية، بانتظار آلية تسويقها لدى الأطراف المسيحية تحديدا، خاصة في ظل الاستنفار الذي حصل من جميع مسيحيي الأكثرية والمعارضة على حد سواء، كما أن صفير اشترط أيضا تقديم ضمانات متعلقة بتوفير النصاب القانوني، أي الثلثين، بعدما أبلغ قادة الأكثرية، وآخرهم وليد جنبلاط (عبر موفده وائل ابو فاعور) وسمير جعجع مباشرة بأنه درس موضوع نصاب النصف + 1 جيدا واتخذ قرارا نهائيا بعدم تغطيته مهما كلف الأمر.
وعلم أن البطريرك صفير بصدد القيام بعملية تشاور سياسي تشمل جميع القيادات السياسية اللبنانية في الساعات المقبلة وربما يبادر في ضوء النتائج الى اعلان موقف سياسي ما لم تحدده بعض الأوساط المقربة منه.
وعلى خط الاتصالات الدولية يصل الى بيروت اليوم الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، كما من المتوقع ان يزور وزير خارجية ايطاليا ماسيمو داليما بيروت يوم غد، على ان يصل خلال نهاية الاسبوع وزير خارجية اسبانيا ميغيل آنخيل مورتينوس، لدعم المبادرة الفرنسية.
وقال الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في بيروت، غير بيدرسن لـ«السفير» ان زيارة بان كي مون تؤكد أن المجتمع الدولي مهتم بإنجاز الاستحقاق الرئاسي في لبنان لأن استقرار لبنان السياسي والأمني هو جزء من الاستقرار الاقليمي والدولي.
وأضاف أن بان كي مون يتابع الوضع في لبنان، وخاصة الملف الرئاسي «عن كثب» وهو سيبلغ جميع القيادات التي سيلتقيها اليوم اهتمام المجتمع الدولي بإجراء الانتخابات في موعدها الدستوري ووفق الآليات الدستورية وعلى قاعدة أوسع توافق ممكن، كما سيؤكد على الموقف السابق الذي أعلنه بوجوب تفادي كل الخيارات «الدراماتيكية»، ولا سيما خيار الحكومتين.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد