أولمرت يتوعد بالعدوان ولن يوافق على التهدئة حتى لو وافقت حماس
باتت الأراضي الفلسطينية على أعتاب تصعيد إسرائيلي إضافي بعد تهديد رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت بعدوان «لا يستثني أحداً»، في أعقاب مقتل مستوطن بصاروخ للمقاومة الفلسطينية على مستوطنة سديروت، مشيراً إلى أنه لن يوافق على التهدئة «حتى إذا وافقت حماس».
وفيما استشهد 6 فلسطينيين بغارات متتالية على قطاع غزة خلال اليومين الماضيين، جدّدت فصائل المقاومة رفض دعوات «التهدئة غير المتزامنة»، التي كان آخرها من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي وعد بشمول التهدئة الضفة الغربية في وقت لاحق، وهو ما رفضته «حماس» خصوصاً، قائلة، على لسان المتحدث باسمها أيمن طه، «لن نستسلم ولن نرفع الراية البيضاء».
وهدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، أمس، بتوسيع دائرة الاستهداف، رداً على استمرار إطلاق صواريخ «القسّام» على مستوطنة سديروت وجوارها. وأقرّ، خلال جلسة الحكومة الأسبوعية أمس، بعدم إمكان المنع التام لاستمرار إطلاق الصواريخ على قاعدة «لا أريد خلق انطباع أنه يمكن وقف إطلاق الصواريخ بشكل تام».
وقال أولمرت إن «كل من لهم دور في الإرهاب لن يكونوا محصّنين»، موضحاً أن «العمليات تهدف إلى ضرب كل من له علاقة بإطلاق الصواريخ». وأشار ضمناً إلى احتمال تعرض الحكومة الإسرائيلية لضغط خارجي لوقف عدوانها على قطاع غزة عندما قال «إننا لا نخضع لأي جدول زمني يُفرض علينا من الخارج، نحن نقرر متى، وكيف وأين نعمل، من دون قبول شروط من أي جهة أخرى».
ودعا وزير الصناعة والتجارة ورئيس حزب «شاس»، إيلي يشاي، إلى زيادة حدة «الرد» الإسرائيلي. وقال إن «كل قرية يطلقون منها يجب إنزالها (تدميرها) وبعد قرية أو اثنتين ستتوقف الصواريخ».
يُشار إلى أن يشاي أطلق المواقف نفسها خلال العدوان على لبنان عندما قال «يجب أن يكون واضحاً لحزب الله أنه إذا ألقى حجراً واحداً على إسرائيل، فسيكون علينا تحويل القرية التي ألقي منها الحجر إلى كومة حجارة».
وهدد الوزير رافي إيتان باغتيال رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية إذا تعرّض الأسير الإسرائيلي لدى المقاومة الفلسطينية جلعاد شاليط لأيّ أذى. وقال إن «رئيس الوزراء الفلسطيني يدرك أنه إذا سقطت شعرة من رأس شاليط فسيدفع رأسه ثمناً لذلك. الفلسطينيون يدركون أنهم يجب أن يحافظوا على حياة شاليط لأنه ورقة مساومة بالنسبة لهم».
أما وزير الداخلية، روني برؤون، فرأى من جهته أنه «لا يوجد حل سحري للصواريخ. عندما كنا في غزة أيضاً سقطت صواريخ. مع ذلك أقول لهم إنه لا أحد محميّ، لا يمكنني أن أعرض على من يتعاطى بالإرهاب بوليصة تأمين».
بدوره، رأى وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، آفي ديختر، أن العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي لا يمكنها بأية حال أن تمنع سقوط «القسام» على سديروت وغيرها. ودعا إلى اعتماد سياسة ردع أخرى ناجعة، حيث «لا يمكن أن يستمر سقوط الصواريخ علينا، بينما تنعم بيت حانون وبيت لاهية بالأمان».
كما دعا وزير البنى التحتية بنيامين بن اليعيزر إلى «تنفيذ عمليات من قبل وحدات خاصة على أساس استخبارات نوعية»، مؤكداً أنه عبر هذه الطريقة يمكن فقط تغيير المعادلة، ورافضاً أن يكون الحل عبر تحصين سديروت.
وقدم رئيس الشاباك يوفال ديسكين تقريره الأمني، خلال جلسة الحكومة، أمس، في ظل تزايد الدعوات الإسرائيلية إلى تصعيد الرد الإسرائيلي، وصولاً إلى الخروج في عملية عبرية واسعة في القطاع. وقال «لقد أعدّوا أنفاقاً مفخخة، وقناصات، وعبوات ناسفة استعداداً لهذه الإمكانية». وأوضح أن الشاباك يوصي، بالتنسيق مع الجيش، بالاستمرار في العمليات التي تجرى حالياً، مشيراً إلى أنه «ينبغي الاستمرار والعمل بشكل مركّز من أجل الامتناع عن المسّ بالأبرياء، وعدم القبول بأي تهدئة في يهودا والسامرة والاستمرار في جباية الأثمان اليومية من حماس».
واعتبر ديسكين أن حديث الفصائل الفلسطينية مع بعضها البعض بحثاً عن حلول لوقف النار «يشير إلى الصعوبات» التي تواجهها هذه الفصائل. وأكد أن «حركة حماس وخالد مشعل قلقان جداً من الأجواء واليأس السائد في الجمهور الفلسطيني».
ولدى إصرار أعضاء الحكومة على معرفة إن كان بحوزة حماس القدرة على إطلاق صواريخ بأعداد أكبر في كل يوم، أجاب ديسكين «هم يستطيعون تركيز جهود كهذه لأيام محدودة، لكن ليس أكثر من ذلك... وإنه ليس صدفة عدم إطلاقهم صواريخ القسام إلى اشكلون (عسقلان). لديهم القدرة والتقنية للقيام بذلك، لكنهم سيقومون بذلك فقط في المرحلة المقبلة في حال حصول تصعيد، ورداً على ضربات أكثر قساوة».
وأما في ما يتعلق بتأثير المواجهة الحالية على موازين القوى داخل السلطة، فقد رأى ديسكين أن «حقيقة أن حماس مضغوطة دفع خالد مشعل إلى فهم أنه محتاج أكثر إلى أبو مازن الذي يمنح الشرعية والسلم لحماس، وهم لا يرون فيه (أبو مازن) وسيطاً مقابلنا، ولكن في نهاية الأمر يمكن أن يتحدث مع إسرائيل».
ولفت ديسكين أيضاً إلى أن «أبو مازن يريد أن يرى وقف إطلاق النار أولاً في غزة، وبعد ذلك في يهودا والسامرة، وفي المرحلة الثالثة يريد أن يرى عودة إلى خطوط أيلول عام 2000 (قبل انطلاقة انتفاضة الأقصى). أما حماس فتريد وقف النار في يهودا والسامرة لأن بناها التحتية تضررت جداً هناك، ولذلك تريد وقف النار» في تلك المنطقة.
وفي السياق، رفض جيش الاحتلال الإسرائيلي اقتراح «حماس» بوقف الاعتقالات في الضفة كشرط لوقف صواريخ «القسام». وقال مسؤولون رفيعو المستوى في الجيش الإسرائيلي إن «هذه المعادلة خطيرة، ومن شأنها أن تعيد العمليات القاسية إلى الجبهة الإسرائيلية الداخلية».
وقدّر ضباط رفيعو المستوى في الجيش أن حقيقة «أن حماس امتشقت الورقة الأهم من ناحيتها (الحديث عن مصير شاليط في حال اغتيالات قادة حماس)، فهذا يدل على أن الحركة تشعر بأنها مضغوطة». واعتبرت المصادر نفسها أن ذلك «يُظهر بأن العمليات الهجومية تعطي إشاراتها رغم أنها لن تؤدي إلى حسم عسكري. وفي النهاية، الحل سيكون بالتدخل السياسي».
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد