أول حكم غيابي بحق بن علي وزوجته: السجن 35 عاماً وغرامة 45 مليون يورو
في أول قضية من أصل 93 مرفوعة ضد الرئيس التونسي المخلوع بن علي وزوجته ليلى طرابلسي، حكم القضاء التونسي عليهما بالسجن 35 عاماً بعد إدانتهما باختلاس أموال عامة، وفرض عليهما معاً دفع غرامة بقيمة يناهز مجموعها حوالى 45 مليون يورو، فيما أرجئ الحكم في قضية ثانية معروفة بقضية «قصر قرطاج» تتعلق بحيازة مخدرات، إلى 30 حزيران الحالي، بطلب محامي الدفاع.
وكان بن علي خرج امس على جمهور التونسيين برسالة نقلها محاميه اللبناني أكرم عازوري، وصف فيها ما أسماه بـ«الخدعة» التي أودت به خارج البلاد، نافياً أن يكون قد فرّ من تونس وأن يكون قد أمر بإطلاق النار على المحتجين خلال أيام الثورة التونسية.
وأعلن القاضي التونسي التهامي الحافي الحكم غيابياً على كل من زين العابدين بن علي وزوجته ليلى الطرابلسي بالسجن 35 عاما بعد ادانتهما باختلاس اموال عامة. واعلن القاضي هذه العقوبات المشددة التي اضيفت اليها غرامة بقيمة خمسين مليون دينار (25 مليون يورو) بحق بن علي وغرامة بقيمة 41 مليون دينار (20.5 مليون يورو) بحق زوجته. واعلن القاضي ايضاً إرجاء المحاكمة في قضية اخرى الى 30 حزيران الحالي بهدف السماح للمحامين بتحضير دفاعهم.
وبعد المناداة على المتهمين، أصدر القاضي بطاقة جلب دولية بشأنهما وإدراجهما ضمن لائحة المفتش عنهم دولياً وفي الأمانة العامة للانتربول، مضيفاً أنه تمّ استدعاؤهما لحضور الجلسة بواسطة إنابة قضائية لمقرهما المعلوم وأرجع جذر الاستدعاء دون إجابة. وأوضح انه طبقاً لأحكام الفصل 141 من مجلة الإجراءات الجزائية طلبت دائرة الاتهام من الهيئة الوطنية للمحامين تسخير محام وقد فوّضت المحامي عبد القادر المسعودي للدفاع عن المتهمين. كما حضر المكلف العام بنزاعات الدولة بوصفه قائماً بالحق الشخصي منذ بدء التحقيق.
ثم أحيلت الكلمة للنيابة العمومية حيث أكد ممثلها أن «أدلة الإدانة واضحة من خلال المبالغ المالية التي تم حجزها والاختبارات المجراة من قبل أهل الخبرة وشهادة الشهود التي جاءت تصريحاتهم دقيقة عن كيفية التخطيط والتنفيذ للجريمة»، وبيّن «كيف بلغ الجحود بالمتهمين حداً لم يتوانيا جراءه عن نهب أموال الشعب وثروات البلاد جاعلين من قصر سيدي الظريف مخزناً لما كانا يستوليان عليه. كما انعدم لديهما الشعور بالوطنية وغاب منهما الإحساس بالمسؤولية تجاه حماية مصالح الشعب التونسي وثرواته فخانا الأمانة عوض الذود عن مقدرات البلاد». وأشار ممثل النيابة العمومية إلى أن المتهم الرئيسي بن علي الذي «ما فتئ يستولي على المال العام من خلال الزيادة في راتبه الشهري من 2000 دينار في بداية تسلمه مقاليد الحكم إلى 21 ألف دينار لتبلغ القيمة الجملية لهذا الراتب 4 ملايين و693 ألف دينار، كما قام في العام 1992 بإحداث صندوق الأموال الأمنية لرئاسة الجمهورية بلغت قيمة الأموال الجملية التي كانت تسحب لتمويله من ميزانية رئاسة الجمهورية بتعليمات شفهية ولا تخضع لرقابة مالية، 16 مليوناً و480 ألف دينار».
وأوضح أن «كل هذه الدلائل والحساب المصرفي في بيروت الذي تمّ الكشف عنه على ذمة المتهم بقيمة 27 مليون دينار فضلا عن القطع النقدية الذهبية والصيغة تشكل دليلاً على أصل الإدانة والتهمة المنسوبة للمتهمين، كما أن مسؤولية صون المجتمع وحماية مسار الثورة تجعل النيابة متمسكة بالإدانة وتطالب بتسليط أقسى العقوبات».
ودار جدل كبير بين هيئة المحكمة والدفاع حول الفصل 141 من مجلة الإجراءات الجزائية الذي ينص على وجوب حضور المتهم بالجلسة في مادة الجنح والجنايات المستوجبة لعقوبة سالبة للحرية والذي مكنت بموجبه المحكمة المحامي من الخوض في الجانب الشكلي دون الخوض في الأصل. ثم واصلت المحكمة بعد استراحة 15 دقيقة النظر في القضية الثانية بقضية «قصر قرطاج» والتي تتعلق بالمخدرات وبإدخال أسلحة وذخيرة نارية وعدم الإعلان عن امتلاك آثار منقولة.
من جهته، نقل محامي بن علي اللبناني أكرم عازوري عن موكله رسالة جاء فيها أنه «في 14 كانون الثاني 2011 حضر إلى مكتب الرئيس بن علي المدير العام المكلف بأمن الرئيس علي السرياطي ليعلمه أن أجهزة استخبارات صديقة أكدت ان أحد افراد الحرس الجمهوري مكلف باغتياله»، وأن السرياطي أصرّ على أن يرافق الرئيس عائلته إلى جدة لبضع ساعات «كي تتمكن الأجهزة من كشف المؤامرة وضمان امن الرئيس. على هذا الأساس صعد الرئيس إلى الطائرة مع أفراد عائلته بعد أن أمر قائد الطائرة بانتظاره في مطار جدة كي يعود إلى تونس». وأكد بن علي في الرسالة أن الطيار خالف أوامره وعاد إلى تونس من دونه.
واعتبر بن علي أن «ظروف مغادرته قسراً وبالخدعة لتونس، لم تكن سوى الفصل الأول من الخطة التي استمرت عبر استهداف حكمه لحملة إعلامية منظمة وغير بريئة غايتها تصوير حقبة الحكم الماضية وكأنها الشرّ المطلق تمهيداً لجعل التونسيين مستعدين لقبول نظام سياسي جديد يتم الإعداد له بغفلة منهم وبتخطيط محترف».
كما أكد بن علي «أنه لم يعط خلال الأحداث الأخيرة الأمر بإطلاق النار بالذخيرة الحية على المتظاهرين وذلك ثابت بكافة الاتصالات الجارية من وإلى رئاسة الجمهورية ووزارة الداخلية ووزارة الدفاع الوطني وهي جميعها مسجلة». ونفى أيضاً امتلاكه لأي حساب مصرفي خارج تونس، ولا أي عقار. وزعم أن الأسلحة التي اتهم بامتلاكها والمجوهرات هي هدايا له ولزوجته، وأن الأموال التي صودرت من قصوره قد دسّت فيها بعد مغادرته للإيقاع به.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد