أوكرانيا تستفتي الأديان في مسألة القتل الرحيم
عقدت وزارة الصحة الأوكرانية في العاصمة كييف بالتعاون مع منظمة اليونسكو الجمعة طاولة مستديرة هي الأولى من نوعها في البلاد شارك فيها رجال دين مسيحيون ويهود ومسلمون بهدف استكشاف رأي الأديان في قضية القتل الرحيم ومدى مشروعيتها، والتعرف أيضا على أسلوب تعامل تلك الأديان مع المرضى الميؤوس من علاجهم.
وافتتح أعمال الطاولة وزير الصحة فاسيلي كنازيفيتش فأكد على أهمية قيام الجهات الدينية في المجتمعات عموما والمجتمع الأوكراني خصوصا بدورها الروحي الهام، وأن تشارك المرضى معاناتهم وتخفف من آلامهم.
واستعرض الوزير جانبا من الإحصائيات العالمية والمحلية المتعلقة بموضوع البحث. وبيّن أن أوكرانيا تتصدر دول أوروبا من حيث انتشار الأمراض ميؤوسة العلاج كالسرطان والإيدز.
وكشفت الإحصائيات أن أوكرانيا تحتل المرتبة السبعين عالميا من حيث انتشار الأمراض الناجمة عن الإدمان، إضافة إلى كون كبار السن يشكلون فيها نسبة تزيد عن 15% من إجمالي عدد السكان البالغ 46 مليون نسمة، كما وينتهي المطاف بنحو 60% منهم بالعيش في مستشفيات الدولة حتى الموت.وأجمع ممثلو الديانات أثناء نقاشات الطاولة المستديرة على حرمة عمليات القتل الرحيم ورفض تطبيقها معتبرين أنها وحشية لا مبرر لها ولا تبت للرحمة والشفقة بأي صلة، بل إن العمل بها إهانة للنفس البشرية التي كرمها خالقها.
وبحث ممثلو الأديان سبل التخفيف على المرضى ورفع معنوياتهم بشكل يساعدهم على تحمل المرض حتى النهاية. وطالب المجتمعون الحكومة الأوكرانية واليونسكو بتوحيد جهود الجهات المعنية وخاصة الإعلامية في هذا المجال وتفعيل عمليات التوعية لحماية المجتمعات من هذه الأمراض وتبيان نتائجها الوخيمة عليه.
واقترح المشاركون في أعمال الطاولة المستديرة تشكيل لجنة خاصة تضم رهبانا وقسيسين وكهنة ومشايخ لمتابعة شؤون المرضى روحانيا على مستوى البلاد وتفعيل كل ما يمكن تفعيله في هذا الصدد.
وقال الشيخ عماد أبو الرب إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي بكييف عقب انتهاء الاجتماع "من خلال زيارتنا للكثير من مرضى السرطان والإيدز والحديث معهم نستشعر مدى حاجتهم لأي مساندة معنوية وفرحهم بها، وهذا ما يخفف عنهم عناء ما هم فيه من آلام جسدية ونفسية".
وأضاف "أما ما يسمى بالقتل الرحيم فنحن نؤكد على حرمته وتجرده من الرحمة، الديانات جميعها وخاصة الإسلام حرمت قتل حتى الحيوانات إن لم تكن تشكل ضررا على البشر، فكيف للإنسان أن يقتل أخاه الإنسان؟".
وقال الوزير كنازيفيتش "الحكومة والحكومات الأوروبية عموما تؤمن بالدور الهام الذي يمكن أن يلعبه رجال الدين في مجتمعاتها لخدمتها وعلاج عدة جوانب فيها".
وتابع "ومن المهم بالنسبة لنا أيضا معرفة وجهة نظر الديانات من بعض القضايا الحساسة المثيرة للجدل كحقن القتل الرحيم التي تطبق في بعض الدول كأميركا".
يذكر أن القرن الماضي شهد ولادة ما يعرف بالقتل الرحيم بهدف تخفيف آلام المرضى الميؤوس من علاجهم كمرضى السرطان والإيدز، وتسريع نهاية حياة المرضى من كبار السن الذين دخلوا في حالة موت سريري، وغيرها من الحالات المرضية الأخرى الصعبة العلاج.
محمد صفوان جولاق
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد