أوروبا تكلّف مصرفيين تنظيم الأسواق المالية
لإصلاح سوقه المالي، كلّف الاتحاد الأوروبي مؤخراً ثمانية من رجال المصارف مهمة إعداد خطة لإعادة تنظيم هذه السوق، بما يكفل الخروج من الأزمة الحالية وتفادي الوقوع في أزمات مستقبلية مماثلة. لكن ثمة من يحذّر من أن تسليم قوانين السوق للمصرفيين هو بمثابة أن يُعهد للذئاب بتصميم حظيرة للدواجن. لعلّ نظرة متفحصة لهؤلاء المصرفيين تفي بالإيضاح.
بين الشخصيات الأكثر إثارة للجدل في فريق العمل الذي اختارته المفوضية الأوروبية لإعداد الخطة، يبرز كالوم ماك كارثي، الذي شغل منصب رئيس جهاز الخدمات المالية البريطانية بين عامي 2003 و2008. وهو جهاز تعرض لانتقادات حادة بسبب فشله في التنبؤ بكارثة إفلاس مصرف «نورزرن روك». وكان كارثي أصرّ، رغم انهيار ثقة المدخرين بالمصرف في العام 2007، على رفض النداءات التي وجهت له لتعزيز آليات المراقبة. وحمّل تحقيق أجرته لجنة برلمانية بريطانية الجهاز، قسطاً كبيراً من المسؤولية في انهيار المصرف، باعتباره الجهة المسؤولة عن التنظيم المالي.
إلى جانب كارثي، تضمّ النخبة الخبراتية المختارة راينير ماسيرا، الذي ترأس مصرف «ليهمان براذرس إيتالي» للاستثمارات في العام 2007، قبل عام من إشهار الشركة الأم للمصرف في الولايات المتحدة إفلاسها، كأكبر «ضحية» لأزمة القروض العقارية.
أما رئيس الفريق، جاك دو لا روزيير، فقد شغل منصب المدير التنفيذي في صندوق النقد الدولي في الثمانينات، تزامنا مع تعميم مفهوم «التسوية الهيكلية». وهو مفهوم تسبب، بشهادة منظمات إنسانية عالمية، بمعاناة منقطعة النظير لبؤساء أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، لأن «التسوية الهيكلية» هذه فرضت على الحكومات تقليص إنفاقها على خدمات حيوية كالصحة والتعليم، كشرط لمساعدات حصلت عليها سواء من صندوق النقد الدولي أو من البنك الدولي.
«أغلبية هؤلاء الأشخاص» الذين اختارتهم المفوضية الأوروبية، يؤكد الناشط في منظمة «أصدقاء الأرض» غير الحكومية بول دي كليرك، «يتصرفون كرعاة أبقار متوحشين». يضيف «لقد جلبوا البؤس لملاين البشر... هم جزء من المشكلة لا الحل. لا يجب أن تعتمد المفوضية الأوروبية على فريق مرتبط كل هذا الارتباط بصناعة المال».
قبل أيّام، سلّم فريق العمل تقريره للمفوضية الأوروبية، موصياً بتأسيس جهاز جديد لمراقبة مخاطر النظام المالي يعمل بإشراف المصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت، تحت تسمية «الجهاز المجلس الأوروبي لنظام المخاطر». وتفادى تقرير فريق العمل اقتراح تأسيس جهاز تنظيم أوروبي مشترك، بذريعة أنه «غير واقعي».
(نقلاً عن وكالة «إنتر برس»)
إضافة تعليق جديد