أميركا تجهز ذرائعها لمهاجمة ايران
يمكنك دائماً أن تعرف ما إذا كان حزب الحرب يريد حرباً جديدة، وذلك عندما تجده يلجأ مراراً وتكراراً في كل صغيرة وكبيرة إلى استخدام صورة هتلر المجازية ومقارنة الأعداء المفترضين به لكسب أي نقاش.
قبل حرب الخليج الأولى 1991 كان صدام حسين قد أصبح «هتلر العرب» لمجرد أنه غزا بلداً صغيراً جداً بنصف حجم الدنمارك ثم تحول ميلوسيفيتش إلى «هتلر البلقان» مع أنه كان قد خسر سلوفينيا، وكرواتيا ومقدونيا، وكان يصارع جاهداً للحفاظ على البوسنة وكوسوفو ولم يستطع إلحاق الهزيمة بأحد. والآن حان الوقت لظهور «هتلر» جديد.
وها هو السياسي الجمهوري نيوت غينغرتش يقول في حديث مع مجلة «هيومان إيفنتس» المحافظة: «هذه الفترة أشبه بعام 1935، ومحمود أحمدي نجاد أصبح شبيهاً جداً بهتلر كما رأينا».
وأضاف غينغرتش: «نحن نعلم الآن من هم، والسؤال هو من نحن، هل نحن بالدوين أم تشرشل؟
«في عام 1935... كان هتلر وموسوليني يرعبان الديمقراطيات والسؤال الآن هو من سيرعب من؟».
إليك بعض الحقائق المهمة في هذا السياق أولاً: عندما خرق هتلر معاهدة فرساي بإعلانه عن إعادة التسلح في مارس 1935، لم يكن بالدوين في السلطة.
ثانياً: إن رئيس الوزراء البريطاني رامسي مكدونالد التقى بسرعة بموسوليني لتشكيل جبهة ستريسا ـ ضد هتلر. ثالثاً: عندما قام موسوليني بغزو الحبشة في أكتوبر 1935، قام بالدوين بفرض عقوبات اقتصادية على إيطاليا.
لكن تشرشل لم يكن موافقاً بشكل كلي.
وقال حينها إن الحبشة «أرض الطغاة والعبودية والحروب القبلية.. وليس بوسع أحد الاستمرار بالادعاء بأن الحبشة تستحق أن تكون عضواً كبقية الأعضاء في عصبة الأمم المتحضرة».
وحتى عام 1938، ظل تشرشل ينادي علناً بعظمة موسوليني: «ستكون حماقة خطيرة للشعب البريطاني إذا قلل من شأن المكانة الرفيعة التي سيتبوأها موسوليني في تاريخ العالم أو السمات العظيمة التي يمتلكها من شجاعة واستيعاب ومثابرة وتحكم بالنفس».
لكن دعونا نعود للحديث عن هتلر الجديد.
الإيرانيون كما يقول غينغرتش: «في حالة حرب استباقية معنا منذ 1979» ويجب علينا الاستعداد لغزو إيران واحتلالها والتعرف على «شبكة من الإيرانيين المستعدين لإدارة... بلدهم» بعد أن نبسط سيطرتنا على المكان.
ويضيف غينغرتش: «استيقظ كل صباح وأنا أفكر بأننا قد نفقد مدينتين كبيرتين اليوم في هجوم نووي يكون بمثابة هولوكوست ثانٍ هذا الصباح».
ماذا عن الدبلوماسية؟
«علينا أن نقول للأوروبيين إنه ليس هناك حل دبلوماسي يمكن تصوره لعلاج هذه المشكلة» والمنطق الذي يفكر به غينغرتش هو: الحرب محتومة وكلما انتظرنا أكثر، كلما زادت المخاطر التي نواجهها فلنسرع في إنجاز الأمر، وقد وصف بيسمارك هذه الحالة بأنها انتحار خوفاً من الموت.
وتفسيري الشخصي لمضمون هذه المقابلة المدهشة هو أن غينغرتش يحاول الجنوح يميناً أكثر من جون مكين بخصوص إيران وتصوير نفسه على أنه تشرشل هذا الجيل.
لكن هل هناك أساس منطقي لمقارنة أحمدي نجاد بهتلر وإيران بألمانيا النازية ناهيك عن مقارنة غينغرتش بتشرشل؟ أم أنها مقارنات سخيفة مضحكة؟ مرة أخرى دعونا نسرد بعض الحقائق.
في عام 1942، كانت جيوش هتلر تسيطر على أوروبا من جبال البيرينيه إلى الأورال، وبالمقارنة فإن أحمدي نجاد هو رئيس بلد تستطيع الولايات المتحدة تدمير سلاحه الجوي والبحري خلال ساعات، وإيران تملك صواريخ قادرة على ضرب إسرائيل، لكنها لا تملك رؤوساً حربية نووية. وفي المقابل تستطيع إسرائيل إمطار إيران بعشرات القنابل الذرية.
كما أن الولايات المتحدة تستطيع دون أن تفقد ولا حتى طائرة واحدة أن تدمر البلد عن بكرة أبيه بغارة واحدة من قاذفة «بي، 2» وبضعة صواريخ نووية من نوع «إم إكس» و«تريدنت».
ثم لماذا يسمح خامنئي، الذي يمتلك نفوذاً أكبر بكثير من نفوذ أحمدي نجاد، بإشعال حرب قد تعني نهاية ثورتهم ونهاية إيران؟ وإذا لم يستطع الاتحاد السوفييتي الذي كان يمتلك آلاف الرؤوس الحربية النووية إدخال الرعب في قلوبنا، فلماذا يتصبب غينغرتش عرقاً أثناء الليل من شدة خوفه من إيران؟
وحالياً يتألف «البرنامج النووي» الإيراني من محاولات لتمرير غاز سداسي فلوريد اليورانيوم عبر بضع وحدات للطرد المركزي، وليس هناك أي دلائل ملموسة على أن إيران قد تستطيع خلال ثلاث سنوات إنتاج كميات يورانيوم عالي التخصيب كافية لصنع قنبلة ذرية واحدة.
وإذا كانت إيران في حالة حرب معنا منذ 1979، فلماذا لم تستهدفنا بأعمال إرهابية خارج أرضنا كما استهدفتنا جهات أخرى، وإذا أثبتت الوسائل الدبلوماسية نجاحها مع القذافي، فلماذا لا تنجح مع إيران؟
وفوق ذلك فإن غينغرتش وحزب الحرب يعبئان في اتجاه بات جارفاً أصلاً، فلقد وجد استطلاع أجرته محطة «فوكس نيوز» أخيراً أن إيران حلت مكان كوريا الشمالية باعتبارها البلد الذي يعتقد الأميركيون أنه يمثل أعظم خطر وشيك يتهددهم.
كما وجد استطلاع أجرته «واشنطن بوست» أن 56 في المئة من الأميركيين يؤيدون الخيار العسكري لضمان عدم تمكن إيران من امتلاك سلاح نووي.
وبدلاً من الانتحار والأسف على الطريقة التي سيقوا بها إلى العراق بالخداع والتضليل، لماذا لا يحاول الديمقراطيون إيقاف هذه الحرب الجديدة قبل اندلاعها؟
ويمكنهم البدء في تقديم مشروع قرار في الكونغرس يحرم بوش من صلاحية شن أي حرب استباقية ضد إيران، ما لم يعلن الكونغرس أولاً الحرب على إيران.
أليس هذا ما ينص عليه الدستور؟
قبل أن نذهب إلى الحرب، دعونا نتناقش فيما إذا كنا نحتاج للذهاب إلى الحرب.
ترجمة: علي محمد
«أنتي وور»
إضافة تعليق جديد