أكثر من 300 مزرعة أسماك تستنزف مياه حماة الجوفية
أكثر من /300/ مزرعة للأسماك تعمل في مجال محافظة حماة، منها /77/ مزرعة مرخصة فقط، والباقي غير مرخص، رغم التأكيدات التي تصدر تباعاً من وزارة الزراعة، كما هو حال القرار رقم 30/ت تاريخ 19/6/2004 الذي يطالب أصحاب هذه المزارع بتسوية الأوضاع القائمة لديهم تحت طائلة الاغلاق..
لكن شيئاً من هذا لم يحصل، وكأن أصحاب هذه المزارع يدركون جيداً ان هذا القرار لا يتعدى البلاغ، وعنده ينتهي كل شيء.
فلماذا لا يتم الترخيص أو الاغلاق.. رغم ان 50٪ من هذه المزارع لا تقدم إلا مخلفات الدواجن (وعفش) المسالخ لهذه المسامك؟!.
نحن لم نقل هكذا، انما واقع الحال يدل على ذلك، بدليل تجاهل أصحاب هذه المسامك لهذه القرارات، فهل يعقل من أصل /300/ مزرعة لتربية الأسماك في مجال محافظة حماة (زراعة الغاب وزراعة حماة) لا يوجد سوى /77/ مزرعة مرخصة أصولاً.. والقرار يتلو القرار للتأكيد على الترخيص، لكن لطالما لا أحد يسأل.. ولا أحد يلاحق تطبيق هذه القرارات، ستبقى الأمور سائبة بهذا الشكل.
المهندس عبد الكريم اللحام، مدير زراعة حماة، قال لنا في معرض إجابته: لماذا لا ترخص بقية المسامك؟.. قال: ليس هناك أي مبرر، وقد بلغناهم ان هناك قرارات صادرة من وزارة الزراعة تؤكد على تسوية هذه المزارع منذ عام 2004 وحتى نهاية 2006.. مضيفاً: ان الذين تقدموا بطلبات ترخيص ستدرس هذه المسامك، وسنتخذ الإجراءات اللازمة حيال ذلك وفق التعليمات الناظمة.
وعن المساحات التي تشغلها مسامك زراعة حماة، أشار المهندس اللحام إلى ان المساحات غير المرخصة هي /350/ دونماً، وتشكل /70/ وحدة لزراعة الأسماك، أما عدد المزارع المرخصة فهي /33/ فقط، بمساحة إجمالية مقدارها /247/ دونماً، وتعطي هذه المزارع مجتمعة من الأسماك سنوياً في مجال زراعة حماة /420/ طناً من الأسماك.
في حين أشار المهندس فادي سلوم مدير الثروة الحيوانية والأسماك في الهيئة العامة لزراعة الغاب إلى ان المساحة التي تشملها مزارع الأسماك مرخصة وغير مرخصة هي /4000/ دونم، تعطي من الأسماك سنوياً بحدود الـ/4000/ طن.
وفي معرض إجابته عن سؤالنا: لماذا لا يرخص أصحاب هذه المسامك ليحصلوا على الأعلاف الجيدة من مؤسسة الأعلاف، بعيداً عن مخلفات الدواجن و«عفش» المسالخ..؟!.
أجاب المهندس سلوم قائلاً:
مؤسسة الأعلاف لا تعطي هؤلاء المربين حاجتهم من المادة العلفية، حتى وان كانوا مرخصين، تصور ان تكون حصة الدونم الواحد من مساحة المسطحات المائية (أحواض الأسماك) /76/ كغ فقط من الأعلاف، هذا إذا كانت إنتاجية الدونم الواحد فوق الـ /800/ كغ من الأسماك، أي إنتاج مكثف.. مضيفاً: ان هذه الكمية تقل إلى النصف في حال تدنى إنتاج الدونم إلى الـ /400/ كغ، وهذه الكميات غير كافية اطلاقاً، ما يدفع البعض إلى تقديم مخلفات الدواجن والمسالخ لهذه المزارع.
وهل يبرر غياب الأعلاف تقديم هكذا أعلاف للمسامك..؟!.
طبعاً لا.. وقد تم تنظيم مئات الضبوط التموينية وغير التموينية بحق من يضبط متلبساً وهو يقدم هذه المخلفات.
وما هو الحل برأيك لطالما عملت مطولاً في مجال الأسماك..؟!.
الحل في تأمين الأعلاف اللازمة والكافية، وعند ذلك يمكن الانتهاء من ظاهرة تقديم الحيوانات النافقة وغيرها من المخلفات لهذه المسامك.
منذ سنوات لم نسمع ان جهة معينة في حماة أغلقت مزرعة واحدة ضبطت تقدم مخلفات المسالخ للأسماك، فقط كان ينظم ضبطاً تموينياً بحق صاحب المسمكة وينتهي الأمر عند ذلك.. فلماذا لا يتم اغلاق كل مسمكة تقدم علفاً حيوانات نافقة أو عفش المسالخ والمشافي..؟!.
هذا ما يتعلق بالجانب الغذائي والأعلاف، وهناك مشكلة أخرى قد لا تقل خطورة عن الأولى، إنما هذه المشكلة تتمثل في استنزاف المياه الجوفية، فلنا ان نتصور /300/ مضخة تعمل ليلاً نهاراً على ضخ المياه الجوفية لرفد أحواض الأسماك بالمياه المتجددة، ألا يشكل هذا نهراً..؟!.
أو يمكن ان يصح السؤال على الشكل التالي: لو كانت على نهر.. ألم يجف جراء هذا الضخ المتواصل..؟!.
أقول هذا الكلام وأنا أتذكر بحيرة عين الطاقة والينابيع المجاورة لها:
في منتصف الثمانينيات وأوائل التسعينيات، كيف كانت ترعب المنازل المجاورة ولم يستطيعوا (ترويضها) إلا بمحطات الضخ التي تم وضعها على هذه البحيرة، من أجل ضخ المياه إلى سدود أفاميا، وذلك من خلال مشروع تطوير الغاب.
فإذا كانت مسامك القطاع العام هي الأخرى لا تلقى الاهتمام المطلوب، رغم ما تقدمه وحدة الغاب سنوياً تصل إلى /400/ طن وقد تزيد، فهي خاسرة بامتياز، وعمالها لا يستحقون بطاقة شكر بنظر المؤسسة العامة للأسماك، بدليل انهم محرومون من كل شيء، إلا من (صقيع المياه الباردة)، عند صيد الشبكة لاصطياد الأسماك.. فالإنتاج الفعلي من الغاب والإدارة العامة في جبلة، المهم يجب تكاتف جهود الجميع للنهوض بالثروة السمكية وتوفرها على مدار العام للمستهلك، لا ان تكون موسمية (كما هو الحال) بالنسبة لمسامك الدولة.
أما بخصوص ما بدأنا به وهو مسامك القطاع الخاص، فالحل الأمثل هو بإلزام أصحاب هذه المسامك بالتراخيص أصولاً أولاً، وثانياً: تأمين المادة العلفية الكافية لهذه الأسماك، وحتى ذلك مساءلة من يقدم المخلفات والأعلاف غير الصحية لأحواض الأسماك، إلا إذا كنا نريد قططاً من خشب تصطاد ولا تأكل.
ثم أين هي الاستثمارات، وأين قروض البطالة التي منحت في مجال منطقة الغاب.. وقبلها.. وقبلها.. ولماذا لم يفتتح معمل واحد للأعلاف في منطقة الغاب..؟!.
وحيال هذا.. وذاك.. فالكل يقول الأعلاف متوافرة.. والمربون يقولون بأنها غير متوافرة.. وهكذا دواليك..
وما دامت أغلب حلول مشاكلنا (ترقيعية) ستبقى مستمرة، وسنبقى نأكل أسماكاً هي نتاج مخلفات المسالخ.
محمد فرحة
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد