أطفال اللاذقية المحررين لايزالو مأسورين نفسيا وخائفين على من تبقى رهينا لدى الإرهابيين
«تلك هي ابنتي. تبدو صبياً بتسريحتها الغريبة، فقد عاقبوها بقصّ شعرها، برغم أنها لم تبلغ أربع سنوات. لم أعرف ذنبها». هكذا يعبّر أحد الآباء بعد رؤية طفلته المحررة بين مخطوفي ريف اللاذقية الشرقي، العائدين إلى اللاذقية بعدما احتجزهم مسلحو المعارضة مدة 9 أشهر.
في وقت، يروي فيه أحد الأطفال المحررين أوضاع المخطوفين المجهولي المصير، الذين لم يشملهم الاتفاق. يقول عبارة يرفض العقل تصديقها: «اقتلعوا عيني أحد الصبية، ولم نعد نعرف عنه شيئاً»!
يوم تسوية حمص القديمة مضى من دون إتمام كامل بنود الاتفاق، ولا سيّما المتعلقة باستكمال الإفراج عن 40 من أصل أكثر من 95 مدنياً اختطفهم مقاتلو المعارضة في آب الماضي، من ريف اللاذقية الشرقي. يوم أمس، خرج إلى الحرية 11 طفلاً و4 نساء. وصل المفرج عنهم إلى حاجز قرية كفرية الواقعة على مشارف اللاذقية، ليحطّوا الرحال في المستشفى الوطني وسط المدينة، بهدف الاطمئنان إلى أوضاعهم الصحية. أصوات الصراخ والبكاء ملأت قسم الجراحة النسائية، حيث انتظر الأهالي أبناءهم، بعد غياب دام شهوراً طويلة. الأطباء وعناصر الجيش انتشروا بين المدنيين الخمسة عشر، يستمعون إلى فصول معاناتهم ويقدمون إليهم المساعدة، كلّ حسب حالته. وجوه العائدين إلى ذويهم تشوبها علامات عدم التصديق بعد اتهامات كثيرة كالوها للمسؤولين بسبب إهمال أوضاع مخطوفي الساحل السوري. دموع الفرح تحوّلت أسى ولوعة أمام أسئلة «أم علي» عن مصير ولدها ذي الستة أعوام. لم تملّ السيدة من سؤال المحررين فرداً فرداً عن طفلها. تصرّ في السؤال أمام إحدى المحررات، حتى تفجعها المرأة العائدة بالقول: «ابنك قُتل برصاص المسلحين منذ أشهر».
حكاية الأم الثكلى ليست الوحيدة، فالعديد من الآباء والأمهات مرّوا بالتجربة ذاتها خلال الساعة المؤثرة من حياة ضحايا اجتياح المسلحين حياة أهالي الريف الشرقي آب الفائت. ثلاثة أطفال من قرية بلوطة التابعة لبلدة صلنفة، تراوح أعمارهم بين 5 أعوام و11 عاماً، عادوا سالمين إلى والدهم. يقول الأخير: «لا أصدّق أنهم عادوا إليّ أحياء بعد تجربة مريرة كلفتنا حياة والدتهم، التي قُتلت بدم بارد أثناء محاولتها مقاومة الخاطفين الإرهابيين». يخشى الرجل إعطاء أسماء أولاده، كأن المسلحين يقفون في انتظاره على باب المستشفى، لإعادة فصول مأساته مجدداً. الخوف واضح في عيون جميع المحرّرين، الذين يتبادلون نظرات قلقة. منهم بتول، الفتاة المحررة ذات الأعوام الخمسة عشر، التي لا تجرؤ على ذمّ المسلحين. تمضي وقتها في الشرح لوسائل الإعلام عن حسن تعامل المسلحين مع المخطوفين. تقول الفتاة: «لم نتعرض للأذى. احتجزونا في منزل كبير، مقسّمين على مجموعات عدّة، وموزّعين على الغرف داخل المنزل». وتضيف: «كان يحرسنا 50 مسلحاً. بعضهم يبقى داخل المنزل. غذاؤنا كان جيداً إجمالاً. فيما كانوا يسمحون لنا بالاستحمام كل 5 أيام». لا تستطيع بتول تأكيد موقع المنزل الذي جرى احتجازهم داخله، إنما تقول إنها كان تسمع المسلحين يتحدثون بلغة غير عربية في ما بينهم، ومع بعض الغرباء الذين يزورونهم. بقية النساء المحررات خرجن بالحجاب الكامل. إحداهن ذكرت بارتباك أن لا أحد أجبرهن على ارتداء الحجاب، إنما قيل لهنّ أن ارتداءه مفضّل. «جميعنا ارتدينا الحجاب. كان من الطبيعي تلبية طلبهم»، تقول المرأة . تسوية حمص القديمة تشمل إخراج 40 مدنياً من قرى صلنفة في الريف الشرقي، من أكثر من 95 مدنياً، من دون توضيح مصير بقية المختطفين. ويتوقع أن تستأنف، اليوم، عملية إخراج 25 مدنياً من الريف الشرقي الواقع تحت سيطرة مسلحي المعارضة.
زينب بهجت
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد