أطفال العراق: 5 مليون يتيم، 1300سجين، 11 ألف مدمن عدا المغتصبين
بحسب الاحصاءات الحكومية الرسمية وتقارير المنظمات الدولية، فإن في العراق اليوم نحو 5 ملايين يتيم يعيش معظمهم ظروفاً اجتماعية صعبة ومعقدة، كما ان 30 في المئة من الذين لم تتعد اعمارهم سن 17 سنة في العراق لم يتمكنوا من اداء امتحاناتهم المدرسية النهائية، ولم تتجاوز نسبة الناجحين في الامتحانات الرسمية 40 في المئة من مجموع الطلبة الممتحنين داخل البلاد.
وبلغ عـــدد الاطــفال النازحين في سن الدراســـة الابتدائية 220000 طفل لم يستطع ثلثاهم مواصلة تعليمهم خلال عام 2007 فضلاً عن ان 760000 طفل لم يلتحقوا اصلاً بالمدارس الابتـــدائية، وبلغ المعدل الشهـــري للاطفال النازحين جراء اعمال العنف والتهديدات من الميليشيات والجماعات الارهابية 25000 طفل تراوح أوضاعهم بين التهجير الداخلي والهجرة الى دول الجوار (تحديداً في أعقاب تفجير مرقدي الإمامين في سامراء في شباط (فبراير) 2006.
لذلك لم يأت قرار منظمة «يونيسيف» بجعل عام 2008 عاماً للطفل العراقي اعتباطاً، إذ لا يحتاج المرء الى تأكيدات تقارير الامم المتحدة والمنظمات الدولية بأن الطفولة في العراق تحتضر وهي في طريقها الى الموت.
الواقع اليومي يدل بوضوح على ان اطفال العراق يعانون اشرس ما يمكن ان يمر به طفل في عالم اليوم، فتداعيات الغزو الاميركي للعراق، ومشاهد القتل اليومي التي طاولت الأطفال، والانفجارات والجثث المتناثرة ودوي القنابل والرصاص كلها عوامل تضاعف من مأزق اطفال هذا البلد.
وينتشر الاطفال في شوارع بغداد، كما في المدن العراقية الاخرى، للتسول او العمل في المهن الرثة او التي تمثل انتهاكاً لطفولتهم. وعلى رغم تباين اسباب تشرد الاطفال الا انهم يشتركون في همّ واحد هو فقدانهم لممارسة حقوقهم كأطفال وما يتمتع به اقرانهم في حالات ومواقع اجتماعية اخرى.
ويقول ممثل منظمة «يونيسيف» في العراق روجر رايت ان «حياة ملايين الاطفال مازالت مهددة بسبب العنف وسوء التغذية وقلة المياه الصالحة للشرب على رغم استمرار البرامج الموجهة لأطفال العراق التي يصل تمويلها الى نحو مئة مليون دولار سنوياً».
ويضيف إن «أطفال العراق أكثر أطفال العالم عرضة للأذى وتصــعب حماية حقوقهم في نيل طفولة آمنة اذ ينشؤون خارج نطاق جهود التنمية، وغالباً ما يكونون غير مرئيين في النقاشات والتشريعات العامة في البلاد وحتى في الإحصاءات والتقارير الإخبارية « مشيراً الى أن «الوضع الأمني المتدهور يحول دون وصول فرق عمل المنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني الى مناطق عدة في العراق».
وتضمن التقرير السنوي الأخير لمنظمة «يونيسيف» حول وضع الأطفال في عام 2007، تفاصيل مهمة عن أطفال العراق. ويبحث التقرير محنة مئات ملايين الأطفال في العالم الذين يعانون الاساءة والاستغلال والتمييز، ودعت المنظمة في تقريرها هذا الى صحوة عالمية تتمثل بالعمل على تسليط المزيد من الضوء على خلفية الوضع الذي يعيشه اطفال العراق وتخصيص سنة 2008 لدعم الاطفال في العراق وجعله في اولويات الاستثمار الدولي داخل البلاد».
ويقول مدير منظمة «أصوات الطفولة» عماد هادي إن «غياب الجهات الحكومية المعنية بشؤون الطفل وفقر عمل المنظمات الانسانية والعالمية ومنظمات الامم المتحدة فاقمت ازمة الطفل في العراق ويجرى السكوت يومياً على مئات الانتهاكات ضد الطفل العراقي».
ويضيف «لا احد يدري بأن هناك 11000 طفل مدمن على المخدرات في بغداد ولا يصدق أحد بأن اطفال العراق باتوا فريسة للاغتصاب اذ تعرض عشرات من الفتيات في سن (12 سنة) الى التحرش الجنسي، لا بل ان هناك اماكن تستخدم لممارسة الجنس مع الاطفال في بغداد والمحافظات الاخرى عملت مجموعة من المنظمة على رصدها». وعلى رغم أن إنعدام الامن هو مشكلة العراقيين جميعاً الا ان تأثيره المباشر يكون في الاطفال اكثر من سواهم، إذ إن الانفجارات اليومية والسيارات المفخخة التي انفجرت بالقرب من المدارس أودت بحياة المئات منهم.
وتشير بعض التقارير شبه الرسمية الى ان نسبة 20 في المئة من ضحايا هذه التفجيرات هم من الاطفال.
ويشدد الدكتور مظفر الطائي، رئيس قسم الاختبارات في مركز البحوث النفسية والتربوية في جامعة بغداد، على ان «المشكلة لا تتوقف عند انفجار قنبلة تودي بحياة اطفال، وأن الناجين ليست لديهم مشكلة، بل على العكس تماماً، فإن تأثيرات انعدام الأمن في حياة الاطفال ليس لها حدود»، مضيفاً ان «التأثيرات النفسية لهذه الانفجارات وعمليات القتل، وتصوير مقتل العشرات وقطع الرؤوس وتمزيق الاجساد تفوق جميع التأثيرات الاخرى».
ويلفت الى انه من المؤكد بقاء تلك التأثيرات السلبية في هؤلاء الاطفال مدة طويلة جداً لا سيما ان هذه الحوادث تجرى امام اطفال لا تراوح اعمارهم بين السادسة والسابعة وعلينا تخيل اي نفسية ستتكون عند هذا الطفل وأي تأثير في سلوكه في المستقبل.
وشهدت الايام القليلة الماضية في العراق سلسلة من المؤتمرات والندوات التي تسلط الضوء على حجم الكارثة التي يتعرض لها الطفل العراقي.
ويقول رئيس هيئة النزاهة موسى فرج إن «المؤتمر الذي نظمته الهيئة هو بمثابة جرس انذار للعراقيين أفراداً وحكومة ومنظمات ومجتمعاً مدنياً ومجلس نواب حول مأساة الطفل العراقي داخل العراق وخارجه» داعياً الى «تبني برنامج مؤسساتي وتشريعي لمساعدة الاطفال لا سيما الايتام منهم من خلال استحداث وزارة او تشكيل هيئة مستقلة، تعنى بالطفولة» لافتاً الى ان «غياب مثل هكذا مؤسسات ساعد في شكل كبير في تفاقم الازمة».
وعلى رغم ان مجلس النواب الذي يعد المسؤول الاول عن مثل هذه التشريعات الا أن موقفه سلبي تجاه القضية. وبحسب قول رئيسة لجنة المرأة والطفل في البرلمان سميرة الموسوي فإن «الصراعات بين الكتل البرلمانية داخل البرلمان حول قضايا شائكة غالباً ما تقف حجر عثرة أمام طرح قضايا يعدها البعض ثانوية في الوقت الراهن».
وتضيف ان لجنتها «اقترحت اكثر من مرة مشاريع قوانين لإنشاء صندوق لرعاية الايتام وتشكيل هيئات تنفيذية ورقابية تعنى بالطفولة»، الا انها، كما تؤكد، «لا تلقى اذناً صاغية من الكتل السياسية المتصارعة في ما بينها».
وتشير الى انه «على رغم إمكانات اللجنة المحدودة الا أننا تمكنا من تسليط الضوء على مشاكل الاطفال في العراق»، موضحة ان اللجنة قامت بزيارة السجون والمعتقلات في وزارات الدفاع والداخلية والعدل من اجل الوقوف على أعداد الاطفال المعتقلين اذ اكتشفت ان هناك ما يقارب 1300 طفل معتقل في هذه السجون!
إضافة تعليق جديد