أضرار موجة الصقيع في طرطوس ودرعا والسويداء
خلف الصقيع الكثير من الأضرار للمزارعين في المحافظات حيث لاتزال الزراعة تشكل القطاع الاقتصادي الأهم فيها..
ففي طرطوس أكثر من مئة ألف بيت بلاستيكي حيث لاتزال هذه الزراعة المحمية تشكل عامل جذب للمزارعين في المحافظة ناهيك عن الزراعات الأخرى.. في السهول والجبال.. التي تستوعب الكثير من الأيدي العاملة في محافظة تشتهر بكثرة العاطلين عن العمل. ويعرف الجميع أن عدم توفير المازوت لتدفئة تلك البيوت البلاستيكية كان له الدور الحاسم في ارتفاع أعداد البيوت المتضررة التي وصلت إلى قرابة 13 ألف بيت بلاستيكي بموجب إحصاء رسمي وقدرت قيمة الأضرار بحوالي 400 مليون ليرة.
الآن تغيرت هذه الأرقام فالموجة مستمرة ومشكلة المازوت لم تحل بعد, أي أن الأرقام ربما تتضاعف أوتضاعفت فعلاً.
وهذه المشكلة متكررة أصلاً وإن تعددت أسبابها.. وسنوياً تقوم الجهات المعنية بإحصاء وتقدير الأضرار .. وتبقى تلك الإحصائيات حبيسة الأدرج ولايقف الأمر عند هذا الحد بل هناك مطالبات جدية بالتخلي عن هذه الزراعات المحمية والتوجه نحو زراعات بديلة.. بدل إنشاء صناديق لحمايتها ولو باقتطاع نسبة معينة من أرباحها بمشاركة المزارعين أنفسهم ومشاركة الدولة بنسبة معينة أيضاً.. وبمشاركة اتحاد الفلاحين كونه الجهة الصالحة والمعنية بهكذا أمور.. لأن المطالبة بالبحث عن زراعات بديلة حل ارتجالي لمشكلة يمكن تجاوزها بتعاون الجميع.. لأن هذا القطاع يستوعب أكثر من ثلث القوة العاملة في المحافظة وتعيش من وراء تلك البيوت آلاف الأسر..
لذلك المطلوب التعاون لحماية هذا النمط من الزراعة كي يعود إليها بعض من اسمها وتعود زراعة محمية.. لامجرد أنفاق بلاستيكية!!
أما محافظة درعا فنالت وكباقي محافظات القطر نصيبها من خسائر الصقيع في ( أربعينية ) الشتاء الحالي, حيث لم تقتصر الخسائر هذا العام على بعض المحاصيل الشتوية مثل الفول, بل أدت شدة الصقيع إلى تأذي آلاف الأشجار المثمرة والحراجية مثل الليمون واللوزيات والكينا والعنب والتفاح والرمان بالإضافة إلى مئات الدونمات المزروعة بمحاصيل الفول والخس والزهرة والملفوف وأنفاق الشتول والخضار.
فموجة الصقيع هذا الشتاء كما ذكر المزارع عدنان محمود لم يشهد لها مثيلاً منذ عام 1954 حيث تجمدت المياه الراكدة حتى في قاع وادي اليرموك وهذا أمر يؤكد الانخفاض الشديد للحرارة ما أدى إلى تأذي الخضار الباكورية والأشجار في وادي اليرموك في مناطق جلين وكويا وحيط وغيرها وهذه ظاهرة لم تحدث حتى الآن منذ أكثر من /55/ سنة ولم يسبق أن تجمدت المياه في قاع الوادي!
وأكد المزارع عبد الرحمن أبو حسن أن كامل محصول الفول تضرر في مناطق زراعته في مزيريب وطفس ونوى وداعل والعجمي وغيرها وتقدر خسارة المزارعين هذا الموسم بعشرات الملايين وخاصة بعد غلاء أسعار بذار الفول وأجور الأراضي الزراعية.
وأشار الفلاح ياسر الحايك إلى أن الأضرار هذا العام بسبب الصقيع كانت كبيرة وشديدة التأثير على الوضع المادي للفلاحين, فالصقيع أدى لإتلاف محصول الفول والأزهار ومعظم الأجزاء الخضراء منه وأصبح لون الثمار والنبات أسود وكأنه محروق بالنار مشيراً إلى حدوث أضرار في محاصيل الخس والزهرة والملفوف والبازلاء.
أما المواطن قاسم أحمد فقد أفاد أن الصقيع أثرّ بشكل كبير في أسعار الخضار وخاصة الفول وقد ارتفعت أسعاره بسبب قلة العرض ونادراً ما نلاحظ في الأسواق حالياً محصول الفول الأخضر وسعر الكيلو غرام منه يتجاوز /50/ ل.س قابلة للزيادة وهذا الأمر ينسحب على باقي الخضار والفواكه حيث بدأت أسعارها تتحسن بشكل تدريجي.
بينما ذكر المزارع محمد الطيباوي أن احتمالات حدوث الصقيع في أشهر كانون وشباط كبيرة وبالتالي تتكرر المأساة كل عام ونقع في الخسائر بسبب عدم المقدرة على اتخاذ التدابير اللازمة للوقاية من هذا الشر القاتل حيث تكلف وسائل الوقاية أموالاً وهذا الموسم جاء الصقيع مفاجئاً وطالت أيامه وكان شديداً.
ولم تقتصر أضرار الصقيع على الخضار والأشجار فقط بل أدت شدة البرودة والتجمد إلى حدوث أضرار كبيرة في شبكات مياه الشرب داخل المنازل وحتى الشبكات العامة أخذت نصيبها من ذلك وتجمدت فيها المياه ما أدى إلى تأذي نحو 45% من شبكات وخطوط المنازل حسب مصادر وحدات المياه والعاملين فيها بالمحافظة.
وذكر المهندس معن أن تجمد المياه أدى إلى انفجار سخان مياه الحمام في منزله أثناء محاولة تشغيله, كما أن سخانات المياه الشمسية المنزلية أصيبت بأضرار كبيرة في المحافظة وتفجرت أنابيبها, حيث يزداد حجم المياه أثناء التجمد وبالتالي حدوث ضغط كبير داخل الأنابيب ما يؤدي إلى انفجارها في أضعف نقطة لها.
وأشار المواطن معين عثمان إلى أن خط مياه منزله انفجر بسبب الصقيع ولم يشهد طوال حياته مثل هذه الحالة من الصقيع, مشيراً إلى حدوث أضرار في شبكات المياه المنزلية والعامة وقد كبدت المواطنين خسائر مادية كبيرة وخاصة مستخدمي الطاقة الشمسية في الحمامات وتسخين المياه.
وفي محافظة السويداء.. تؤكد المعطيات أن هناك انخفاض في المساحات المزروعة بالمحاصيل الحقلية للموسم الزراعي الحالي, فالمساحة المخططة لزراعة القمح البعل والمروي 26309 هكتارات والمنفذة لغاية 16/1/2008 -7056 هكتارا, الشعير البعل مخطط 19640 هكتارا منفذ منها 11171 هكتارا وبالعودة إلى أسباب تدني نسبة تنفيذ الخطة نراها في انحباس الامطار منذ بداية الموسم الزراعي وتخوف الفلاحين وعدم اقبالهم على الزراعة جراء ذلك وبينت الأرقام أن كميات الأمطار الهاطلة منذ بداية الموسم لغاية 20/1/2008 في السويداء 67,5 مم قابلها في الموسم الماضي 82مم عين العرب 113,8مم -157,7مم,شهبا 51,5مم -101مم , الصورة 33مم-76مم, صلخد54,5مم- 89مم وهذا بدوره أثر كذلك على واقع الاشجار المثمرة التي تحتاج إلى كميات كبيرة من الأمطار خاصة شجرة الزيتون المرتبط انتاجها بنسبة الهاطل المطري حيث يشهد الانتاج تراجعا ملحوظا لقلة الهاطل خلال السنوات الثلاث الماضية وأمام هذا الواقع بات من الضروري التوجه نحو الزراعات ذات الجدوى الاقتصادية والتي تتلاءم وتتكيف مع كميات الأمطار الهاطلة سنويا خاصة أن النشاط الزراعي هو الأهم على ساحة المحافظة ويجب أن يكون قطاعاً رابحاً باعتباره مصدر الرزق الأساسي لابناء المحافظة, ومخاوف الفلاحين في هذا الموسم لم تقف عند انحباس الأمطار بل تعدى ذلك لوقوع خسائر كبيرة وحدوث أضرار على المزروعات الشتوية نتيجة موجة الصقيع التي تعرضت لها المحافظة كباقي محافظات القطر فتراوحت نسبة المساحات المتضررة المزروعة بالخضار الشتوية ( ملفوف- قرنبيط- بازلاء - فول) من 10 إلى 40% من المساحات المزروعة والبالغة 58 هكتارا على شكل اهتراء بالأوراق الخارجية والطبقة الخارجية وتضرر أشجار الحمضيات المتواجدة بالحدائق المنزلية وتمثلت بجفاف الأوراق والثمار.
محمد حسين طرطوس- جهاد الزعبي درعا- رفيق الكفيري السويداء
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد