أشباه الرجال وربيع الدجال : الزمن المجمد من لورنس إلى ليفي
عندما توغل لورانس في الصحراء العربية،وعاش البداوة وعايش أهلها، لم يكن في رحلة إستكشافية إستشراقية،بل كان في مهمة لقتل الرجل المريض(الخلافة العثمانية)وذلك من خلال توحيد القبائل العربية لتسخيرها لحرب الدولة العثمانية،وبعد ما يناهز المئة عام يعود لورانس بثياب هنري ليفي في مهمة أشد قسوة لهدم آخر قلاع الدولة القومية ،بل وآخر حصون العروبة،وإعتماداً منه على القاعدة الذهبية بأن أمة إقرأ لا تقرأ،فهو يعيد نفس السيناريو وبسذاجة مطلقة وإعتماداً منه على خرائب عقولنا.
تساءلت كثيراً بيني وبين نفسي عن السر الذي أدي للزيادة الكبيرة على مبيعات كتابه الشهير(أعمدة الحكمة السبعة)والذي يُعتبر كسيرة ذاتية له خلال عمله باستحمار الأعراب وجرهم لدفع الدماء نيابة عن بريطانيا العظمى،وذلك مباشرة بعد إحتلال العراق عام 2003،لم أصل لإجابة شافية ولكن من الممكن أن نكون أمة نكرة حاضراً فتذكرها العالم عندما بدأ بنحرها من وريد العراق،وفي هذا الكتاب المثير للجدل كصاحبه،لا ينفك لورانس عن الإستخفاف بالعرب وصحرائهم وبداوتهم رغم بعض دموع التماسيح التي حاول ذرفها.
يقول لورانس وفي تعبير عن السذاجة التي لمسها عند الأعراب( أن العربي حين يصدق بك ويؤمن برسالتك، سوف يتبعك إلى أقاصي الدنيا، ولو بذل في ذلك حياته) قد يبدو من ظاهر هذه العبارة أنه قصد أن العرب أهل مروءة ووفاء،ولكن الحقيقة أنهم أهل سذاجة وغباء،فبمجرد أن تضلله يبدأ باتباعك على غير هدى حتى ولو كان المصير حتفه،واليوم يعيد التاريخ نفسه ،فالأعراب يتبعون هنري ليفي إلى حتفهم،والفرق الوحيد أن لورانس وحد شتات القبائل تحت راية فيصل بن الحسين،أما ليفي فقد وحدهم تشتيتاً تحت ألف راية،راية الإخوان وراية السلفيين،راية القاعدة وراية السنة وراية الشيعة وراية العلويين وراية الأكراد وراية المسيحيين،و لكن الهدف كان ومازال موحداً،فكان مع لورانس الإجهاز على الرجل المريض للقضاء على فكرة الوحدة والإصلاح،واليوم هدف هنري ليفي القضاء على سوريا لتقسيم المقسم وتجزيئ المجزأ بحجة الإصلاح.
ويقول لورانس( لو قيض للحلفاء أن ينتصروا فإن وعود بريطانيا للعرب لن تكون سوى حبر على ورق ، ولو كنت رجلاً شريفاً وناصحاً أميناً لصارحتهم بذلك وسرحت جيوشهم وجنبتهم التضحية بأرواحهم في سبيل أناس لا يحفظون لهم إلاً ولا ذمة ) يعترف لورانس بأنه رجل وضيع لا يمتلك أي ذرة من شرف،ولكن في ثنايا السطور يُفاخر بأنه ذو عقل رشيد يسوق قطعاناً من مخلوقات صحراوية لحتفها بأحلام العصافير،ومازالت هذه المخلوقات الصحراوية تسير إلى حتفها بأحلامها العصافيرية التي أوحى لهم بها ليفي،فيا أيتها المخلوقات ،بعد مئة عام ستكونون أجداداً،وستلعنكم الأحفاد وسيلعنون هنريكم كما نلعنهم الآن ونلعن لورانسهم،وسيكتب هنري ليفي أعمدة حكمته السبعة لكنكم لن تقرأوه.
ويقول لورانس( إني أكثر ما أكون فخراً أن الدم الإنجليزي لم يسفك في المعارك التي خضتها) أتقرأون يا أجداد المستقبل،إنه فخور بأن الدم الإنجليزى مصان لأنه ثمين،أما دمكم فهو بخس رخيص،وسيفخر ذات يوم هنري بأن الدم الغربي لم يسقط في سوريا،لأنه دم ثمين،وهناك دم رخيص يُسفح ليهدم لا ليبني،فإنهم يحاولون إسقاط سوريا بأرخص الحروب،دم عربي ومال عربي يسقي شجرة الربيع التى زرعوها ليقطفوا ثمارها تفتيتاً وتقسيماً لنا،وثروات وهيمنة لهم،فهل منكم رجل رشيد.
ويقول لورانس( لقد جازفت بخديعة العرب لاعتقادي أن مساعدتهم ضرورية لانتصارنا القليل الثمن في الشرق ، ولاعتقادي أن كسْبَنا للعرب مع الحنث بوعودنا أفضل من عدم الانتصار ) أتنتظرون أن يُخرج لكم هنري ليفي لسانه كما أخرجه لورانس لأجدادكم،لا يمكن إلتماس الأعذار لأجدادكم في عار إنخداعهم ،رغم جهلهم البائن وبداوتهم المفرطة،فكيف ستعتذرون وأنتم أهل حضر وكلكم في عصر ثورة المعلومات الرخيصة تحيون.
قال الرئيس الأسد ذات يوم يا أشباه الرجال،وكل منهم يعرف نفسه بشخصه وصفته،يأتزر إشتباهاته كورقة توت أخيرة،ويتمسك بها بأشفار عينيه،فإن بقي زعيم الشام كاشف إشتبهاتهم فستسقط عنهم أوراق التوت وتبين عوراتهم العفنة القبيحة،لذلك تراهم من كل حدبٍ ينسلون،وأردفهم ليفي بكل ملائكة الديمقراطية وحقوق الإنسان،واردفهم بجبريل الحقوق ،فقد أصبح ليفي سنياً لا يغمض له جفن على حقوق أهل السنة الضائعة،(تكبييير).
وكختام المسك أو مسك الختام يقول صلى الله عليه وآله وسلم(غيرَ الدجال أخوفني عليكم ، إذا خرج فيكم فأنا حجيجه دونكم – أكفيكم مؤونته – ، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤٌ حجيجُ نفسه – فكل منكم مسؤول عن نفسه – ، والله خليفتي على كل مسلم )وهذا جزء من حديث طويل ومفصل عن الدجال،وأقتبس منه أيضاً أن ناره جنة وجنته نار،وأنا لا أدعى أن هنري هو الدجال أو أن جنة ربيعه هى النار أو نار سوريا هى الجنة،ولكني لا يساورني شكٌ مطلقاً،في أن هذا الهنري هو تجربة حية للدجال،قد فتن الناس في أوطانهم وسخر لهم ساسةٌ ودينيون يمارسون الفحشاء في عقولهم وهم ملتذون بآلام المستقبل.
إيهاب زكي
بانوراما الشرق الاوسط/
إضافة تعليق جديد