«يديعوت»تنشر«وثيقة لاودر»:نتنياهوتعهد بانسحاب كامل من الجولان
نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» صورة لـ «وثيقة لاودر» التي أبدى فيها رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي بنيامين نتنياهو موافقته على الانسحاب من هضبة الجولان المحتلة في ولايته السابقة آواخر التسعينيات. وتتسم الوثيقة بأهمية كبيرة الآن في ظل ادعاء نتنياهو المتواصل أنه ضد الانسحاب من هضبة الجولان وأنه لم يوافق أبدا على مثل هذا الانسحاب.
والواقع أن «وثيقة لاودر» لم تكن سرا لا يعلم به أحد، إذ جرى تسريب أمرها من قبل حكومة إيهود باراك في العام 2000، بعدما حمل نتنياهو على «تنازلات» باراك في مفاوضاته مع السوريين. كما أن هناك أهمية للجهة التي تقف خلف نشر الوثيقة، وهي داني ياتوم، الذي خدم وقت إعداد الوثيقة كسكرتير عسكري لاسحق رابين، ثم عمل كرئيس للموساد في عهد نتنياهو.
وتظهر الوثيقة في إطار الترويج لكتاب جديد تصدره «يديعوت» هذا الأسبوع لداني ياتوم، عكف على إعداده منذ سنوات بعنوان «شريك سر – من دورية الاركان وحتى الموساد». ويحوي الكتاب تفاصيل اخرى عن المفاوضات مع سوريا، بينها الوثيقة التي نقلها إلى الرئيس الأميركي بيل كلينتون الملياردير اليهودي الأميركي، المقرب من نتنياهو، رون لاودر.
وتتضمن الوثيقة استعدادا واضحا بالانسحاب الإسرائيلي من هضبة الجولان إلى حدود تقوم على أساس خطوط الرابع من حزيران، وفي المقابل تعهد سوري بالسماح بإدارة أميركية - فرنسية لمحطة إنذار في جبل الشيخ. ومن المعلوم أن الملياردير الأميركي رون لاودر أدار مفاوضات غير مباشرة بين بنيامين نتنياهو والرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وقد زار العاصمة السورية مرات لهذا الغرض.
وتورد الصحيفة نص رسالة لاودر للرئيس كلينتون، التي جاء فيها «يبدو أنه طفت نقاط عديدة لسوء فهم بشأن بعض القضايا التي تحدثنا عنها في لقائنا الأخير، ومن أجل توضيح الأمور، فقد قمت بفحص كل تسجيلاتي بدقة، عن الساعات التي قضيناها في تلك الأسابيع الخمسة من اللقاءات المكثفة حول العلاقات بين سوريا وإسرائيل خلال صيف وخريف العام 1998. وبودي أن أطلعك على المواقف الأخيرة للطرفين، والتي تعكس أين وصلت جهودنا».
وتقول «يديعوت» إن لاودر يشير إلى سبب توقف المباحثات «فعلى الرغم من إحراز تقدم كبير، إلا أن المحادثات توقفت عند مفترق مصيري ولم تكتمل لأنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق حول المناطق الأمنية بين إسرائيل وسوريا إلى أن توفر إسرائيل خريطة لحدود الرابع من حزيران 1967».
عموما، تظهر رسالة رون لاودر، التي كتبها باسمه لكلينتون، ان هناك موافقة صريحة على الانسحاب من الجولان. وقد جاء في الوثيقة المعنونة باسم «معاهدة سلام بين إسرائيل وسوريا» ثماني نقاط. وجاء في مقدمتها أن «إسرائيل وسوريا قررتا إقامة سلام بينهما. والسلام سيستند إلى مبادئ الأمن، المساواة، الاحترام والسيادة وسلامة الأراضي الإقليمية، والاستقلالية السياسية لكليهما. قد وافق الطرفان على ما يلي:
ان اسرائيل ستنسحب من الأرض السورية التي احتلت في 1967، وفقا لقراري مجلس الأمن الدولي 242 و338، اللذين يحددان حق كل دول المنطقة في حدود آمنة ومعترف بها في اطار صيغة الارض في مقابل السلام، الانسحاب سيكون الى حدود متفق عليها، تقوم على أساس خط الرابع من حزيران 1967. وسيتم تنفيذ الانسحاب على ثلاث مراحل ويكتمل خلال 18 شهرا مع تطبيق التطبيع في المرحلة الثالثة وإعلان انتهاء حالة الحرب في المرحلة الأولى من الانسحاب».
ويشير لاودر ايضا الى أنه في مقابل الانسحاب الاسرائيلي من الجولان، وافق السوريون على إنشاء محطة انذار مبكر اميركية ـ فرنسية في جبل الشيخ. ويشير البند الخامس في الوثيقة إلى أنه «في حال ثبت أن هناك ضرورة لإنشاء محطة إنذار مبكر.. سيكون بالوسع البقاء في جبل الشيخ لفترة عشر سنوات بعد الانسحاب الكامل.. وستكون هذه محطة أميركية - فرنسية وتحت المسؤولية الكاملة لهاتين الدولتين...».
ورغم كثرة الحديث سياسيا وإعلاميا في الماضي عن «وثيقة لاودر»، إلا أن قلة قليلة فقط أفلحت في الاطلاع عليها. وقد جرى إنكار وجود هذه الوثيقة مرارا من قبل نتنياهو والمقربين منه. ويقال ان العلاقة بين نتنياهو ولاودر ساءت كثيرا لمدة سنوات بسبب هذه الوثيقة. وليس من المستبعد أن تثار قضية جنائية ضد داني ياتوم، ليس فقط لأنه نشرها، وإنما أصلا لأنه نقل إلى بيته وثيقة رسمية سرية اطلع عليها بحكم عمله.
ومن المؤكد أن نشر الوثيقة في ظل تعاظم التقارير الإعلامية عن أكاذيب ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية، يزيد وضع نتنياهو تعقيدا. فالكثيرون يتحدثون عن أكاذيب ديوان نتنياهو بشأن الاستيطان ومواقف سياسية وبشأن الرحلة السرية إلى روسيا. وطبيعي أن يستغل خصوم نتنياهو من اليمين واليسار على حد سواء الوثيقة في صراعاتهم معه اليوم.
وأبلغ داني ياتوم «يديعوت» أن «المهم في هذه الوثيقة، هو أن لاودر يكتب بشكل مفصل أن كل النقاط الثماني التي يعرضها هنا، هي نقاط تحقق فيها اتفاق بين اسرائيل وسوريا، وهناك نقاط اخرى ينبغي انهاؤها من خلال تعريف مناطق الأمن للطرفين. يدور الحديث عن موافقات وليس أماني لاودر». ويشدد ياتوم «بحسب لاودر كان هذا تفاهما تحقق بين الاسد ونتنياهو بواسطته، في لقاءاته مع الاسد».
ورغم نشر صورة الوثيقة، فإن نتنياهو لا يزال ينكر أنه وافق أبدا على انسحاب كامل من هضبة الجولان. ونشر مكتبه بيانا «أسف» فيه لأن «داني ياتوم يردد مرة اخرى احداثا وادعاءات لم تقع ابدا. رئيس الوزراء نتنياهو لم يعطِ ابدا موافقته على انسحاب لخطوط 4 حزيران 1967، لا مباشرة ولا من خلال أي مبعوث كان. وبعد تسلم نتنياهو للمرة الاولى منصب رئاسة الوزراء في العام 1996، عمل على الفور كي يوضح ان حكومته غير ملزمة بالنزول من هضبة الجولان، وهذه ليست سياسته. الخلاصة هي أن رئيس الوزراء أدار في الماضي اتصالات سياسية مع دمشق، واليوم ايضا سيكون مستعدا للوصول الى أي مكان في العالم كي يحث المفاوضات للسلام مع سوريا من دون شروط مسبقة».
كما أن رون لاودر نفى أيضا موافقة نتنياهو على الانسحاب الكامل. وعقب المتحدث باسمه قائلا «الادعاء كأن لاودر تعهد بانسحاب كامل من هضبة الجولان هو كذب. لاودر بالفعل تراسل مع الرئيس كلينتون ضمن امور اخرى حول أفكار طرحها هو (لاودر) في محادثات مع الرئيس السوري، لكن لما كانت هذه مراسلات شخصية بينه وبين الرئيس، فهو لا يعتزم التطرق الى مضمونها».
لكن داني ياتوم أبلغ الإذاعة العبرية أنه «عندما كان باراك رئيسا للحكومة، تلقينا تقريرا رسميا من الأميركيين بأنه أثناء ولاية نتنياهو، توافقت إسرائيل وسوريا على واقع أن الحدود بينهما هي خطوط الرابع من حزيران، بمعنى أن إسرائيل وافقت على الانسحاب الكامل من هضبة الجولان».
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد