«إخوان» مصر سعوا منذ الثمانينيات لفتح اتصالات مع الولايات المتحدة
ما كادت جماهير ثورة 25 يناير في مصر تسلك طريقها باتجاه التغيير الديموقراطي في البلاد، حتى لفت انتباه المراقبين ذلك الغزل السياسي بين الإدارة الأميركية وجماعة «الإخوان المسلمين»، والذي تبدّى خصوصاً في تصريحات العديد من المسؤولين الأميركيين، على رأسهم وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التي قالت إن واشنطن لا تمانع تولي الإسلاميين الحكم في مصر، وهو ما رددته سفيرتها في القاهرة مارغريت سكوبي في ما بعد، في حين بلغ هذا الموقف ذروة الوضوح عندما أكد متحدث باسم الخارجية الأميركية فتح حوار رسمي مع «الإخوان»، وهو ما قوبل برد إيجابي من قبل العديد من قياديي الجماعة، وإن كان قد أثار حفيظة آخرين.
وقد يظن البعض أن ذلك التطور في العلاقات الأميركية - الإخوانية، أمر طارئ على تاريخ الجماعة، لكن وثائق «ويكيليكس» تظهر أن «إخوان» مصر كانوا تواقين لفتح قنوات اتصال مع الولايات المتحدة منذ الثمانينيات على أقرب تقدير.
وفي برقية دبلوماسية سرية صادرة عن السفارة الأميركية في القاهرة بتاريخ السادس عشر من أيلول عام 1988، تحدث السفير الأميركي فرانك ويزنر – وهو المبعوث الذي أرسله الرئيس باراك أوباما إلى مصر في خضم ثورة 25 يناير – عن ثلاثة انطباعات خرج بها، إثر انتخاب قيادة جديدة لـ«الإخوان» في ذلك الوقت، أبرزها أن «القيادة الحالية تتوق لفتح حوار مع السفارة الأميركية»، وأنها تسعى في الوقت ذاته لـ«عدم إثارة المشاكل مع وزارة الداخلية» المصرية جراء اتصالات كهذه.
ويصف ويزنر أول اتصال تجريه السفارة الأميركية بقيادة «الإخوان»، منذ وفاة المرشد عمر التلمساني، إذ يشير إلى أنه كان «قصيراً ولكنه ودّي». ويشير إلى أن القيادي الإخواني مصطفى مشهور تعامل بشكل إيجابي مع الدعوة التي وجهتها السفارة للقاء المرشد الجديد حامد أبو النصر، لكنه طلب من السفارة ضمانات من وزارة الداخلية المصرية.
وبحسب الوثيقة فإن مشهور وأبو النصر رحبا بأحد المسؤولين السياسيين في السفارة، في اجتماع استغرق نحو 20 دقيقة، وقد كرر المسؤولان الإخوانيان طلبهما بترخيص من وزارة الداخلية للقاء المسؤولين في السفارة، تحسباً لسوابق أخرى، تعرّضا خلالها للمساءلة القانونية بعد استقبالهم مسؤولين في السفارة البريطانية.
وتشير الوثيقة إلى أن المسؤول الأميركي رد على هذا الطلب بأن مسؤولين في السفارة أجروا محادثات دورية مع التلمساني خلال السنتين اللتين سبقتا وفاته، وقد بدا أن القياديين الإخوانيين مهتمان بمعرفة ما إذا كان من الممكن الحصول على ترخيص من الداخلية لأكثر من مسؤول دبلوماسي، بما يسمح بإجراء لقاءات من دون الاضطرار للحصول على ترخيص في كل مرة.
وتختم الوثيقة بتوصية من السفير بأن «علينا الاستمرار في إجراء اتصالات مع الإخوان المسلمين».
وفي ظل القيادتين الحالية والسابقة لـ«الإخوان المسلمين»، بدا أن ثمة انفتاحا متبادلا بين الجماعة والولايات المتحدة على الحوار.
وتتحدث برقية أخرى مؤرخة في العشرين من آذار عام 2007، عن توجه رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان سعد الكتاتني طلباً لتأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة. وتشير البرقية إلى أن المسؤول السياسي في القنصلية، أشار إلى أن الإخوان المسلمين والحكومة الأميركية أجريا اتصالات لسنوات عديدة، وأن البعثة الدبلوماسية في القاهرة منفتحة على لقاء أي برلماني مصري، مضيفة أن الكتاتني أبدى أسفاً لعدم إجراء اتصالات بين الجانبين منذ فترة طويلة. وبحسب البرقية فإن الكتاتني طلب تأشيرة الدخول لإلقاء كلمة في جامعة جورج تاون للحديث عن التطورات في العالم العربي، والحاجة إلى «حوار بناء» بين الإخوان والحكومات الغربية، بما في ذلك الحكومة الأميركية.
تلك الشكوى التي أبداها الكتاتني في ما يتعلق بالاتصالات مع الولايات المتحدة، كررها ، حسبما تشير برقية بعث بها السفير الأميركي في 11 تشيرين الثاني عام 2007 لإدارته في واشنطن، إثر زيارة قام بها وفد من الكونغرس إلى مصر، والتقى خلالها رئيس مجلس الشعب فتحي سرور وعدداً من النواب. وتنقل البرقية عن بيان لـ«الإخوان»، استغرابهم إزاء عدم دعوتهم لحضور اللقاء. وتشير البرقية إلى أن توق الإخوان لعقد لقاءات مع المسوؤلين الأميركيين يعكس تطور نظرة الجماعة للولايات المتحدة، مضيفة أن نواب الإخوان ليسوا مستعدين لحضور لقاءات مع نظرائهم الأميركيين فحسب، بل إنهم أصبحوا ينددون بعدم إعطائهم فرصة كهذه.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد