وقائع اليوم الرابع عشر للحرب
في اليوم الرابع عشرللحرب الاسرائيلية المفتوحة ضد لبنان، ظلت المعطيات الميدانية مقررة للمسارات السياسية والدبلوماسية، وبدا ان اكثر من خمسة آلاف غارة اسرائيلية دفع لبنان ثمنها مئات الشهداء وحوالى الفي جريح وأكثر من سبعمئة وخمسين الف نازح وتدمير جزء كبير من بناه التحتية ومنشآته المدنية والسكانية، لم يكن كافيا ل اقناع الاميركيين بتعديل مسار اجندتهم السياسية والعسكرية، وبالتالي ظلت احتمالات التسوية بعيدة المنال حتى الآن.
وفي المقابل، بلغ انهمار الصواريخ، امس، درجة قياسية، على شمال فلسطين المحتلة، وخاضت المقاومة اللبنانية ثانية ملاحمها في بنت جبيل التي ظلت معظم احيائها حتى ساعة متأخرة من ليل امس تحت سيطرة المقاومين، وذلك بعد مواجهات ضارية وشرسة ومحاولات إنزال من الشرق والجنوب والشمال سقط خلالها عدد من جنود الاحتلال قتلى وجرحى.
وعلى المستوى السياسي، تتوجه الانظار الى روما التي ستشهد اليوم مؤتمرا دوليا نجح رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في فرض مطلب وقف اطلاق النار على جدول اعماله نظريا، وهو كان صريحا عندما توقع من بيروت، صعوبة تحقيق هذا المطلب، خاصة في ظل الموقف الاميركي الذي استمر على حاله بعد زيارة وزيرة الخارجية كوندليسا رايس الى اسرائيل وفور وصولها الى روما مساء امس.
وإذا كان وقف النار مؤجلا، فإن المؤتمر سيركز على نقطتين اثنتين، الاولى هي المساعدات الانسانية، في ظل توقعات من مصادر دبلوماسية عربية في الامم المتحدة، بأن يحصل لبنان على صندوق كبير من الاموال والمساعدات بالمليارات من الدولارات، وشكلت المساعدة السعودية بنحو نصف مليار دولار باكورتها الاولى، فضلا عن وضع مليار دولار وديعة لدى المصرف المركزي اللبناني لوضع كوابح لظاهرة سحب الودائع من المصارف في لبنان.
وعلم ان وزير المال جهاد ازعور اعد تقريرا سيوزعه على المشاركين من دول ومنظمات حول نتائج العدوان، فضلا عن تقرير آخر اعده النائب بهيج طبارة يتعلق بالتعويضات التي يطلبها لبنان من اسرائيل على نتائج العدوان.
أما النقطة الثانية وهي الاكثر جوهرية، والتي كان يفترض بالمؤتمر، حين تقرر موعده، ان يبت بها، وهي مسألة القوة الدولية المتعددة الجنسيات، فإن بعض المصادر الدبلوماسية المتابعة، قدّرت وجود صعوبات كبيرة في التوصل الى توافق حولها لاسباب عدة اوجزتها في الآتي:أولا عدم نجاح اسرائيل في مهلة الاسبوعين اللذين كانت قدرت بان يكونا كافيين من اجل ضرب بنية حزب الله وانشاء منطقة عازلة تتولى القوة الدولية اشغالها، بعد ان يكون مسار المعركة قد حسم لمصلحة الاسرائيليين.
ثانيا عدم وجود توافق رسمي لبناني حتى الآن حول موضوع القوة الدولية، فرئيس الحكومة الذي لم يمانع في تشكيل المتعددة الجنسيات، اصطدم برفض من رئيسي الجمهورية اميل لحود والمجلس النيابي نبيه بري، وهو حاول قبيل سفره القيام بمسعى عبر ايفاد مستشاره السفير محمد شطح الى عين التينة، لكن لم يكن يتم التوصل الى صيغة وظل بري متمسكا بموقفه القائل بتعزيز وتفعيل قوات الطوارئ الدولية وتطوير مهامها، رافضا اي بحث بموضوع قوة متعددة الجنسيات او من حلف الناتو.
وقد استقر الموقف اللبناني على صيغة مفادها ان التفويض المعطى للحكومة يقتصر على الرزمة التي توافق عليها مجلس الوزراء مؤخرا لجهة المطالبة بوقف فوري للنار وتبادل الاسرى واستعادة مزارع شبعا وتسلم خرائط الالغام والتأكيد على تمسك الدولة ببسط سيادتها على جميع الاراضي اللبنانية والحصول على تعويضات عن الاضرار الناجمة عن الاعتداءات الاسرائيلية.
وقالت مصادر حكومية لبنانية ان اي بحث خارج حدود هذه العناوين سيكون محكوما بالعودة الى مجلس الوزراء اللبناني.
ثالثا بات السؤال المطروح في روما ونيويورك والعديد من العواصم الاوروبية من هي الدول الاوروبية التي ستتجرأ على ارسال جندي واحد الى لبنان اذا كان حزب الله وحركة امل غير موافقين على ذلك، وربما كان ذلك هو السبب في اصرار كل من بري والسنيورة في الساعات الاخيرة على اشتراط ان تكون اية قوة ضمن اطار الامم المتحدة.
رابعا في مواجهة الاصرار الاسرائيلي على رفض اية قوة اممية، يبدو ان خيارات القوة الدولية سواء اكانت من الامم المتحدة او اوروبية او اطلسية دونها عقبات موضوعية، ما يعني ان المؤتمر سيكون عاجزا عن الحسم وهو ما اظهرته المداولات بين كوفي انان والعاملين في مطبخ المؤتمر من الاميركيين والاوروبيين، حسب المصادر الدبلوماسية العربية المتابعة للمؤتمر.
وأشارت المصادر الى ان ذلك يعني ان ملف القوة الدولية سينتقل تلقائيا الى مجلس الامن الدولي الذي سينتظر ما التقارير الآتية من اسرائيل حول موعد الانتصار الذي لن يتحقق في ظل المعطيات الميدانية الحاصلة على الارض.
وفي السياق نفسه، لاحظت المصادر تطورا نوعيا في موقف الامانة العامة للامم المتحدة وفهمها الدقيق للواقع السياسي الاقليمي باقرارها ان سلاح حزب الله لا ينزع بالقوة ومطالبتها بأن تكون ايران وسوريا، جزءا من الحل. واعتبرت المصادر ان التجديد ل اليونيفيل لمدة شهر هي تعبير عن موقف جريء ولو متأخرا من جانب الامم المتحدة.
في هذه الاثناء، كشف الرئيس بري انه تبلغ صباح امس من وزيرة الخارجية الاميركية كوندليسا رايس بواسطة السفير الاميركي جيفري فيلتمان عن استبدال مطلب تراجع حزب الله الى شمال الليطاني بنزح سلاحه في المنطقة العازلة. وقال بري ل العربية انه لمس من فيلتمان ان هناك حلحلة في ما يتعلق بمزارع شبعا. وأعلن انه ابلغ رايس ان السلة الواحدة غير قابلة للتطبيق ولا يمكن تطبيقها الا بإيجاد فتنة داخلية في لبنان وهذا الامر خطر جدا، كما تبلغ بري أن رايس ستزور بيروت مجدداً.
ونقلت صحيفة <واشنطن بوست> في عددها امس عن مسؤولين لبنانيين وإسرائيليين قولهم ان خطة رايس تدعو الى نشر قوات دولية ربما بقيادة حلف شمال الاطلسي في منطقة عازلة داخل الجنوب اللبناني من ستين الى تسعين يوما. وتبدأ القوات الدولية بعد ذلك بتدريب الجيش اللبناني على نزع اسلحة حزب الله والسيطرة عليه، حسب المسؤولين.
وذكر مسؤولون اميركيون للصحيفة ان بري رفض الخطة لكن السنيورة وعد بدراسة المقترحات مع الحكومة. وقال مسؤول اميركي يرافق رايس في زيارتها للشرق الاوسط ان السنيورة كان متقبلا لافكارنا وقدم لنا ما يكفي للاستمرار. ولم تحدث اختراقات. وأضاف :خرجنا ونحن مقتنعون بأن السنيورة والولايات المتحدة على خط واحد ويعملان من اجل الاهداف نفسها.
وقالت مصادر رسمية لبنانية في بيروت ان السلة التي طرحتها رايس في بيروت تضمنت اقتراحا بنشر قوة من الجيشين الاردني والمصري على طول الحدود اللبنانية السورية من الشمال الى البقاع لضمان عدم امداد حزب الله بالاسلحة والصواريخ عن طريق سوريا بحسب الوزيرة الاميركية.
مجازر جديدة ضد المدنيين والدوليين
في هذه الاثناء، واصلت اسرائيل ولليوم الرابع عشر على التوالي ارتكاب المجازر، وآخرها مجزرة استهدفت مبنى وملجأ في قاعدة لمجموعة المراقبة التابعة للامم المتحدة في لبنان في منطقة الخيام، حيث ادت غارة اسرائيلية الى مقتل اربعة ضباط هم صيني ونمساوي وكندي وفنلندي ظلوا حتى ساعة متأخرة من فجر اليوم تحت انقاض الملجأ المدمر.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، في بيان في روما، إسرائيل الى التحقيق في الاستهداف الواضح في ما يبدو لقاعدة الأمم المتحدة.
وقال أنان :أنا مصدوم ومضطرب بالعمق من (قصف) القوات الإسرائيلية الذي استهدف على ما يبدو عمداً مركزاً لمراقبي الأمم المتحدة في جنوب لبنان، (ما) أسفر عن مقتل مراقبين عسكريين من الأمم المتحدة.
وأعربت إسرائيل عن أسفها <للوفاة المأساوية> لمراقبي الأمم المتحدة، مشيرة الى أنها تحقق في الموضوع.
كما ارتكبت مجزرة في مدينة النبطية ذهب ضحيتها سبعة مواطنين كانوا بداخل منزلهم وهم: سعد حمزة، وزوجته إنعام العزي، وولداهما أحمد ومحمد حمزة، ومحمد غندور، وحسن غندور، وعلي كلاّس.
كما ارتكب الطيران الحربي الاسرائيلي مجزرة ثالثة في الضاحية الجنوبية التي استهدفت عصر امس بسبع غارات رمت خلالها اطنانا من المتفجرات، حيث استشهد أربعة مواطنين كان بعضهم يتفقد منزله لاستخراج ما يعين عائلته.
وتواصلت المواجهات الضارية بين رجال المقاومة وقوات الاحتلال في خراج مدينة بنت جبيل التي زعم العدو انه احتلها فيما نفت المقاومة ذلك، وأكّدت صمود مقاتليها فيها. وقالت مصادر المقاومة ان الاسرائيليين انزلوا قوة مشاة في تلة مسعود عند مثلث الطيري بنت جبيل عين ابل وحاولوا التقدم جنوبا باتجاه بنت جبيل فتصدت لهم المقاومة فيما كانت مجموعة كوماندوس اسرائيلية ثانية تحاول تنفيذ إنزال قبالة كونين، وقد منعها رجال المقاومة.
وأضافت مصادر المقاومة ان الاسرائيليين تلقوا ضربة جديدة، قبيل ساعة متأخرة من ليل امس عندما تم تدمير جرافة اسرائيلية كانت تحاول التقدم نحو خزانات المياه عند اسفل تلة مارون من اجل سحب ثلاث دبابات ميركافا تم تدميرها في وقت سابق.
وأشارت مصادر المقاومة الى ان الاسرائيليين لم يتمكنوا من التقدم باتجاه بنت جبيل لا عبر محور مارون من جهة يارون ولا من جهة الشرق عبر مثلث عيترون بنت جبيل مارون الراس ولا عن طريق محور تلة مسعود صف الهوا.
وفي وقت متأخر من الليل، أعلنت المقاومة في بيان تصديها لمحاولة تقدم للعدو باتجاه مركز ال17 في بنت جبيل، وتدمير دبابة ميركافا.
وكثّفت اسرائيل من غاراتها على مناطق العرقوب وقرى مرجعيون والخيام ودبين حتّى بلغت 14 غارة، طاولت منازل مدنية وطرقات، كما ألقت مناشير ضدّ المقاومة وتدعو السكّان إلى المغادرة شمالاً.
وقد استهدفت الغارات نبع إبل السقي، والخريبة، والطريق بين إبل السقي والخيام التي سقطت في وسطها صواريخ دمّرت العديد من المنازل المدنية وأدّت إلى استشهاد المواطن خليل حسّان.
وأغارت طائرة أباتشي إسرائيلية، على طريق ترابية في منطقة كفرا مقابل طريق عام الباروك عين زحلتا في الشوف، ملقية صاروخي جو أرض ومن دون وقوع إصابات.
إضافة تعليق جديد