مدير مركز درسات الوحدة العربية : مصر ساهمت في التحريض على العراق
أكد مدير عام مركز دراسات الوحدة العربية الذي يتخذ من بيروت مقرا له الدكتور خير الدين حسيب أنه ليس أمام الولايات المتحدة سوى الانسحاب من العراق بأقل قدر من الخسائر الممكنة. وقال في تصريحات أدلى بها خلال عدد من الندوات التي نظمت في العاصمة الأمريكية، واشنطن هذا الأسبوع أنه متفائل من أي وقت مضى بانتصار المقاومة العراقية وأن العراق سيشهد بداية نهاية الإمبراطورية الأمريكية وأن تحرير العراق سيعقبه زلزال في المنطقة. وأكد حسيب الانباء التي تناولت الاجتماع الذي عقده وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد مع الرئيس العراقي صدام حسين في معتقله بمطار بغداد العام وعرضه مقابل وقف المقاومة والالتحاق بالعملية السياسية، نقله وعائلته إلى أي بلد أوروبي وأن يضمن له المعاملة الرئاسية. كما قال حسيب أن وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليسا رايس قامت مؤخرا بالأمر نفسه في زيارتها للعراق.
وقد تناول الدكتور حسيب في محاضراته التي ألقاها في جامعة جورج تاون ومركز الدراسات الفلسطينية بواشنطن المبادرة التي كان أطلقها مؤخرا بالتنسيق مع أطراف عراقية وطنية ومنظمات المقاومة العراقية، وقال إن المبادرة تعبر عن آراء وإرادة المقاومة الوطنية العراقية والقوى السياسية الوطنية الرئيسية المناهضة للاحتلال الأمريكي-البريطاني للعراق، وهي تدعو إلى إنهاء الاحتلال وانسحاب قواته دون شروط بوضع جدول زمني قصير لا يزيد عن ستة أشهر.
وقال الدكتور حسيب إن المبادرة التي تتضمن 21 بندا قد تم إرسالها إلى كافة أعضاء الكونغرس الأمريكي بمجلسيه النواب والشيوخ وأعضاء مجلس العموم البريطاني ومجلس الأمن الدولي والحكومات العربية ووسائل الإعلام الدولية وأنه تلقى ردودا مشجعة من نحو عشرة من أعضاء مجلس العموم البريطاني.
وأكد حسيب أن الغزو الأمريكي للعراق لا يتسم بأي صفة قانونية وأنه غير شرعي وباطل وأن أهداف الولايات المتحدة من الغزو واحتلال العراق محددة ولا تزال بثلاثة أهداف: الأول يتعلق بالاستراتيجية الأمريكية والثاني السيطرة على نفط العراق والثالث حماية أمن الكيان الإسرائيلي.
وقد انتقد حسيب بشدة الدول العربية التي تنصلت من التزاماتها القومية تجاه العراق طبقا لاتفاقية الدفاع العربي المشترك الموقعة عام 1951، وقال إن بعض الدول العربية شاركت في التحريض على العراق وخاصة مصر التي قام رئيسها حسني مبارك بإبلاغ الرئيس الأمريكي جورج بوش بأن لدى العراق مختبرات متنقلة لانتاج أسلحة بيولوجية وقال حسيب نقلا عن كتاب الصحافي الأمريكي البارز بوب وودورد أن الرئيس مبارك نقل هذه المعلومات إلى بوش في رسالة حملها ابنه جمال أثناء زيارة غير معلنة قام بها إلى واشنطن. كما أن القائد السابق للقيادة المركزية الأمريكية الجنرال تومي فرانكس الذي قاد الحرب على العراق في مارس 2003 قد ذكر ذلك في مذكراته التي نشرت العام الماضي. وقال حسيب إن مصر سمحت بمرور البواخر الأمريكية المحملة بجنود الاحتلال وإعادة تزويد الوقود لها والسماح للطيران الحربي الأمريكي المتجهة للعراق بالمرور في الأجواء المصرية. كما ذكر أن كافة الدول العربية الخليجية قد سمحت للقوات الأمريكية باستخدام قواعدها وأراضيها في عملية غزو العراق.
وقال حسيب إن من ساهم في الحرب على العراق لا يمكنه المشاركة في وضع حلول لإنهائها لإلا بما تريده الولايات المتحدة. وصنف الدول العربية في هذا الشأن إلى أربعة فئات: ساكتة وخائفة ومتواطئة علنا أو متواطئة سرا.
وتساءل الدكتور حسيب عما إذا كان نهب العراق وتدمير مؤسساته التاريخية والثقافية والحضارية وسجلاته وآثاره هو عملية متعمدة من قبل سلطات الاحتلال التي يطالبها المجتمع الدولي طبقا لاتفاقيات جنيف بالحفاظ على أمن واستقرار ووحدة البلد الخاضع للاحتلال (العراق)، وقد خلص حسيب إلى القول استنادا إلى العديد من الشواهد والباحثين إلى أن ذلك كان متعمدا حيث أرادت الولايات المتحدة ومن يعمل لصالحها وأيضا الكيان الصهيوني إلى القضاء على الذاكرة العراقية.
وقال حسيب إن قوات الاحتلال الأمريكي لم تعد تتحدث عن عراق واحد وشعب عراقي واحد بل عن طوائف دينية وعرقية وشجعت على تقسيم العراق على هذا النحو بدءا من تشكيلها لمجلس الحكم على النحو الطائفي العراقي. وقال حسيب إن قوات الاحتلال الأمريكي الآن تحصد نتائج ما زرعته بعد مرور ثلاثة سنوات على احتلال العراق. فهي تعاني الآن مما خلقته من تقسيم عرقي وطائفي ومذهبي. وقال إن مفوضية الانتخابات وأشخاصها قد تم تعيينهم من قبل الحاكم الإداري العسكري الأمريكي السابق بول بريمر والانتخابات التي جرت وقد تجري لا تخضع لأي رقابة دولية وهو ما أكده الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان عندما قال إن المنظمة الدولية تقدم فقط الخدمة الفنية فقط ولا تشرف على الانتخابات كما أنه قد تم إعداد قانون إدارة الدولة الذي لم يرد ذكره في أي من وثائق مجلس الأمن.
وفي معرض تناوله للمقاومة العراقية أشار إلى أنها على غير عادة ما يحصل في العالم إزاء الاحتلال فإن المقاومة العراقية اشتعلت فور سقوط بغداد في التاسع من إبريل 2003 وأنها تتصاعد باستمرار مشيرا إلى تقرير الباحث البارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن أنتوني كوردسمان الذي صدر في 23 مارس الماضي والذي لا يدع مجالا للشك بوجود مقاومة متصاعدة ومنتشرة على درجة عالية من التخطيط والتقدم التكنولوجي. وقال إن نحو 50 بالمائة من الإصابات التي تلحق بالجنود الأمريكيين مصدرها القنابل التي تزرعها المقاومة على طرقات دوريات الاحتلال.
غير أن الدكتور حسيب دعا إلى ضرورة التفريق بين المقاومة وعمليات الإرهاب في العراق التي يدينها شخصيا والتي قال إن المقاومة غير مسؤولة عنها مشيرا إلى أن بعضها تقع مسؤوليته على قوات الاحتلال حيث تقوم قوات أمريكية خاصة بأعمال إرهابية باسم الزرقاوي وقال "هناك زرقاوي أمريكي وزرقاوي نص نص وغيره"
وقال إنه يمكن تصنيف القوى الرئيسية للمقاومة العراقية في أربعة مجموعات هي الجيش الإسلامي الذي يتكون من الجيش العراقي الذي حلته سلطة الاحتلال وهو باختصاصات مختلفة. مشيرا إلى أن صفة الإسلامي لا تعني أن أفراده إسلاميون بل هم خليط. والثانية كتائب ثورة العشرين التي بدأت من الفلوجة والرمادي لتمتد إلى مناطق أكثر في العراق. وجيش المجاهدين وجيش الفاتحين الذي كان يعمل سابقا تحت اسم جيش محمد ومعظمه من حزب البعث.
وقال حسيب إن ما تردده الولايات المتحدة وحلفاؤها وأعوانها بالقول إن المقاومة هم تكفيريون وصداميون ليس سوى محاولة لتشويه المقاومة العراقية مؤكدا "إن أي محاولة للتهرب من الحقيقة والواقع لا يفيد بأي شيء."
وقال حسيب إن الحكومة العراقية التي يسعى الأمريكيون إلى تشكيلها في العراق ستكون موالية لهم لعقد اتفاقية أمنية وعسكرية مع الولايات المتحدة للاعداد لبعض الانسحاب ودعوة دول عربية للمشاركة في الوضع الأمني، ولكن الأمريكيون لم ينجحوا حتى الآن في ذلك مشيرا إلى أن الائتلاف (الشيعي) العراقي منقسم على نفسه والتيار الصدري أعلن أنه سيقاوم القوات الأمريكية إذا لم يتم اختيار إبراهيم الجعفري رئيسا للحكومة كما أن الأمر يتطلب أيضا اتفاقا على رئيس الجمهورية ونوابه ونواب رئيس الحكومة. كما يتطلب الأمر تشكيل لجنة لإعادة النظر في الدستور خلال 120 يوما لكي تستكمل عملها وقال "حتى لو قامت اللجنة بعملها فيجب أن يوافق عليها مجلس النواب وبعد 60 يوما يمكن لثلثي ثلاث محافظات عراقية أن تسقط الدستور" واضاف "حتى لو تشكلت حكومة فليس هناك دولة في العراق حيث دمرتها الولايات المتحدة، والحكومات التي تشكلت على أساس طائفي، وليس هناك جهاز دولة عملي" في العراق.
وتساءل حسيب عن الحل البديل قائلا إن هناك عدة احتمالات:
1- أن تستمر الولايات المتحدة في خطتها ولكنها ستفشل في الحفاظ على الأمن وتقديم الخدمات وحتى من اشتركوا في العملية الانتخابية بعد ملاحظتهم للفشل المستمر سيتجهون لدعم المقاومة وهناك احتمال أن ينضم التيار الصدري للمقاومة.
وقال إن الوضع في العراق الآن شبيه بالحرب الأهلية في لبنان في فترة السبعينات من القرن الماضي التي عايشها شخصيا: ميليشيات وسرقة وخطف وفوضى عارمة ولا يوجد سوى المنطقة الخضراء تحت السيطرة في بغداد.
2- أن تقوم الولايات المتحدة بانهاء احتلالها والانسحاب على الفور لوقف خسائرها.
3- أن يجري تحرير المقاومة العراقية للمدن الرئيسية حيث تشير كافة الدلائل إلى سيطرة المقاومة على جميع مداخل بغداد.
وقال حسيب إنه في ظل هذا الوضع تقدم بمبادرته لمعالجة الوضع في العراق وإنقاذ البلد وحفظ ماء وجه الولايات المتحدة التي قال إنه يتوجب عليها التسليم بالانسحاب الكامل في موعد أقصاه ستة أشهر وأن لا تقيم قواعد دائمة في العراق وأن يصدر قرار من مجلس الأمن بهذا الشأن وبضمانته وتعيين رئيس محايد ورئيس حكومة محايد وحكومة تكنوقراط وأن تكون هناك فترة انتقالية لمدة سنتين يتم خلالها وضع قانون انتخابات ومجلس تشريعي ومجلس استشاري من 150 شخصا وتلتزم الولايات المتحدة بدعم إعادة لإعمار العراق بنحو 120 مليار دولار وأن تقدم بريطانيا 20 مليار دولار وأن يتم وقف إطلاق النار من قبل المقاومة حال صدور قرار الانسحاب. وقال إن لدى المقاومة العراقية قسم خاص لإعداد بناء الجيش العراقي.
وأن يتم تشكيل لجنة خاصة تحقق في كل المخالفات التي حدثت بعد ثورة 14 يوليو (تموز) 1958 تنظر وتحقق في الشكاوى وأن يقرر البرلمان العراقي في السنة الثانية كيفية التعامل معها.
وقال حسيب إن المبادرة تتضمن "جزرة" للولايات المتحدة وهي عدم استثناء الشركات الأمريكية من عقود النفط العراقي وإعادة الإعمار.
وحول حظوط المبادرة قال حسيب إنه لن يتم النظر فيها قبل أن تتيقن الولايات المتحدة وحلفاؤها من فشل العملية السياسية في العراق وفشل مشروعها الاحتلالي.
المصدر : الوطن
إضافة تعليق جديد