محمودعبد الكريم يفتح النارعلى مديريةالإنتاج التلفزيوني ويتهم مديرها
الجمل- حسن سلمان: بعيدا عن المشاكل التي تعانيها الدراما السورية والمتمثلة بتراجع الإنتاج الدرامي، وامتناع الفضائيات العربية عن شراء الأعمال السورية، فضلا عن نزوح عدد كبير من الفنانين السوريين إلى الدراما المصرية، تشهد أروقة مديرية الإنتاج التلفزيوني حربا بلا هوادة تتمثل بكيل سيل من الاتهامات من قبل عدد من الكتاب والمخرجين لمدير الإنتاج وبعض موظفي المديرية بالموافقة على بعض الأعمال الدرامية ومنع أخرى، في ظل غياب الضمير المهني وسيطرة العلاقات الشخصية محلها.
ويؤكد المخرج علي شاهين أنه قدم بالتعاون مع الكاتب محمود عبد الكريم نصا جديدا بعنوان "قمر أيلول" لمديرية الإنتاج التلفزيوني بتاريخ 22/4/2007، مشيرا إلى أن فكرة النص لقيت استحسانا لدى المدير العام لهيئة الإذاعة والتلفزيون ماجد حليمة ومعاونه توفيق أحمد.
غير أن شاهين يؤكد بالمقابل محاولة عماد ياسين "الذي هبط من الجيش ليستلم رئيسا لمديرية الإنتاج التلفزيوني"، حسب تعبيره، القضاء على حلم شاهين، من خلال عدم موافقته على تملك العمل من قبل مديرية الإنتاج بحجة أن النص ضعيف، رغم موافقة قارئين على تملك النص هما علي الشريف رئيس دائرة التقويم الفكري السابق، ونبيل بشير الذين أقرا بأهمية العمل كونه يطرح قضايا مهمة في الريف السوري أبرزها الفساد والبطالة لدى الشباب، مطالبين بتعديل بعض النقاط في النص.
ويقول شاهين إن الكاتب عمل على تعديل النص وأعاد تقديمه للمديرية، غير أن عماد ياسين لم يوافق على تملك العمل، وأصر على إعطائه لقارئين آخرين هما ريم حنا ومحمد مرعي الفروح رئيس دائرة التقويم الفكري الجديد، بحجة أن القارئين السابقين تربطها علاقة جيدة بالمخرج وبالتالي فإن قرارهما بالتملك غير صائب، مبررا قرار ياسين بتصفية حسابا شخصية معه، كونه لم يوافق على مشاركة عماد ياسين في عمله السابق "بارود اهربوا".
ويتابع شاهين: " بعد قراءة النص من قبل القارئين الجديدين، أكد القارىء الأول السيدة ريم حنا بأن النص جيد ويحمل قدرا كبيرا من الشاعرية، لكنها اقترحت أن يتم تحويله من سباعية إلى فيلم تلفزيوني، في حين جاء قرار الدكتور محمد مرعي الفروح بأن النص ضعيف، وأعتقد أنه اعتمد قراره هذا من باب المحاباة لرأي عماد ياسين، إضافة إلى تصفية حسابات شخصية معي، حيث سبق أن رفضت إخراج ثلاثية له بسبب ضعفها."
فيما يؤكد الكاتب محمود عبد الكريم أن عمله يناقش قضية البطالة في الريف من خلال قصة حب تنشأ بين ابن مسؤول فاسد وفتاة جامعية "ابنة شهيد"، مشيرا إلى أن العمل يحمل قدرا كبيرا من الشاعرية والشفافية، إضافة لكونه يدعو لإعطاء الشباب الفرصة لتقرير مصيرهم بأنفسهم، دون تحميلهم وزر فساد المجتمع من حولهم.
ويشير عبد الكريم إلى أنه قرر أكثر من مرة سحب العمل من دائرة الإنتاج التلفزيوني، بسبب السجالات الكثيرة التي أثيرت حوله، لكن المدير العام للإذاعة والتلفزيون ماجد حليمة رفض ذلك، مؤكدا تملك المديرية للعمل في أقرب فرصة، غير أن تلك الفرصة لم تأت مع تتالي اجتماعات لجنة الدراما، إضافة إلى تأكيد مدير الإنتاج عماد ياسين على تملك النص عند أول اجتماع إداري للجنة، رغم مرور أكثر من 4 اجتماعات دون تملك النص.
ويضيف: " الموضوع باختصار، حقد وانتقام شخصي لا أعرف مصدره، وموضوع فساد في استخدام النفوذ الإداري، وتحويل المنصب إلى مزرعة شخصية، فضلا عن تصفية الآخرين، على كل حال أنا سحبت العمل من الهيئة، لكني لن أتخلى عن مشروعي وسأنجزه بثلاثين حلقة وبنفس العنوان، وسأنوه إلى أنه ُمنع من الإنتاج في التلفزيون السوري."
ويؤكد عبد الكريم أنه لا يحتاج "آراء ومواقف أناس ليس لديهم أية قيمة، سوى قيمة (الهاتف) الذي عينهم، أضف إلى ذلك أن أعمالي المسرحية والتلفزيونية التي تجاوزت 1000 حلقة وشاهدها العرب جميعا، تدافع عن نفسها بجدارة وليست بحاجة لقلوب سوداء، وأساليب إدارية عفا عليها الزمن،
فيما يؤكد علي الشريف، رئيس دائرة التقويم الفكري السابق على أن "قمر أيلول" هو عمل جيد وشفاف، ويحوي عددا من الحوارات البسيطة التي تناقش مشكلة البطالة لدى الشباب في الريف السوري، متسائلا في الوقت نفسه عن سبب اختصار العمل من 15 إلى 7 حلقات إلى فيلم، ومن ثم منعه من التملك.
من جانبه ينفي عماد ياسين رئيس دائرة الإنتاج التلفزيوني ما قاله كاتب ومخرج العمل، مشيرا إلى أنه قرأ النص ووجد بأنه ذات طابع إخباري ولا يحوي أي صور، ولذلك فهو بحاجة لتعديلات كثيرة، مخالفا بذلك رأي علي الشريف ونبيل بشير.
وفيما يتعلق بقراءة النص من قبل أربعة قراء يقول ياسين أنه اتخذ منذ تسلمه إدارة الإنتاج، بناء على اقتراح الدكتور الفروح، قرارا يقضي بقراءة النص المقدم للمديرية من قبل قارئين اثنين وفي حال اختلفا يذهب النص إلى قارىء ثالث ليبت بأمره.
ويضيف: "يجب ألا يقرأ النص قارىء تربطه علاقة بكاتب النص أو مخرجه، وعلي الشريف بحكم صداقته القوية جدا والعائلية مع المخرج، أعطى حكمه على "قمر أيلول" خلال 24 ساعة بأنه نص جيد، رغم وجود نصوص لديه عمرها 3 أشهر لم يقرأها، ثم أعطى النص للسيد نبيل بشير، ووضع هذا الأخير جملة من الملاحظات لتعديل النص، لكني اقترحت على الشريف إعطاء النص لشخص حيادي، فاقترح هو ريم حنا وبعث النص لها".
غير أن علي الشريف ،الذي دفعه عماد ياسين للاستقالة، يفند ما قاله هذا الأخير، مشيرا إلى أنه استغرق وقتا طويلا في قراءة النص، ويؤكد أن النص ُقدم لمديرية الإنتاج التلفزيوني بتاريخ 22/4/2007 في حين أنه كتب تقريره بتاريخ 6/5/2007، من ناحية أخرى يؤكد الشريف أن السيد عماد ياسين هو من أشار عليه أن يرسل النص إلى السيدة ريم حنا التي أقرت بأهمية النص، لكنها اقترحت تحويله لفيلم تلفزيوني.
وربما يتساءل القارىء هنا : إذا كان القراء الثلاثة الذين قرأوا النص (علي الشريف، نبيل بشير، وريم حنا) أكدوا جميعهم على أهمية النص بما يحمله من صور شاعرية جميلة، إضافة إلى مناقشة عدد من القضايا الهامة في الريف، ما المبرر لإعطاء النص لقارىء رابع؟ ثم لماذا لم يتم تملك النص حتى الآن؟
ويجيب ياسين: "نحن لم نقل أننا لا نريد تملك العمل لكننا قلنا إنه يحتاج لتعديل، وبما أن علي الشريف كان متعاطفا مع الكاتب والمخرج، اقترح إضافة بعض المشاهد، فجاءني محمود عبد الكريم بـ 60 مشهدا بشكل منفرد، ومع ذلك وافقت على طباعة النص بعد وضع المشاهد في مكانها، ثم وضعنا النص في جدول الأعمال للتملك."
ولكن ياسين يؤكد أنه خلال أربعة اجتماعات للجنة الدراما لم يتم تملك النص، مقدما مبررات قد تبدو غير منطقية للقارىء، منها: أنه في الاجتماع الأول تم مناقشة موضوع إنتاج مشترك بين مديرية الإنتاج التلفزيوني وإحدى الشركات الخاصة، ولم يكن ثمة وقت للموافقة على تملك النص، مشيرا إلى أنه وبسبب ظروف انتخابات الإدارة المحلية تم تأجيل اجتماع اللجنة لعدة أسابيع، لذلك لم يتم تملك النص، لكنه يعد بتملكه عند أقرب فرصة.
ويضيف: "ونحن حتى هذه اللحظة لم نقل إننا لن نتملك النص، لكن هذا العمل ليس من أولوياتنا لأن هناك أشياء أخرى أهم منه، وليس ثمة مشكلة إن تأخر، لكن إن كان علي شاهين يريد الموافقة على العمل في الصيف ليقوم برحلة استجمام فهذا أمر آخر."
ولكن نعود لنتساءل ألا تكفي مدة 6 أشهر لتملك نص درامي حائز على موافقة ثلاثة قراء، أم أن الأمر يحتاج إلى عدة سنوات ليتم ذلك، غير أن ياسين يعود للتأكيد بأنه يحق له كونه رئيسا لمديرية الإنتاج التلفزيوني بإيقاف تملك أي نص في حال لم يقتنع به، "ولو وافق عليه 20 قارئا"،حسب تعبيره، وربما ُيعدّ هذا مبررا كافيا لعدم تملك النص حتى الآن.
غير أن الكاتب محمود عبد الكريم يعود ليسأل "أولو الأمر": "إذا كان مدير الإنتاج عماد ياسين "فتاكم المدلل" من الموهبة والإبداع والجبروت الروحي، فلماذا لا تستثمروه في قضايا استراتيجية أكثر أهمية من هذا الزاروب الثقافي المهمل والموسمي؟".
ويضيف: " بالنسبة لي، لدي فكرة جلية عن الموضوع بمجمله، لكن كنت أعتقد أن منطق "المؤسسة المزرعة" انتهى منذ عام 1984، لكن يبدو أن وراء الأكمة ما وراءها، ويبدو أن مدير الإنتاج الجديد، بإسناد لا يتزعزع، لم يكتف بتحويل المديرية إلى مزرعة، عائدا بالزمن ثلاثين عاما إلى الوراء، بل أصر على تحويل الهيئة أيضا إلى محكمة تفتيش، ومكان لتعميم ثقافة "التصفية والإهانة" والاغتيال المعنوي.
الجمل
إضافة تعليق جديد