محاور الصراع في البحرين عشية الانتخابات البرلمانية
الجمل: سوف تشهد دولة البحرين انعقاد جولة الانتخابات البرلمانية العامة، وعلى خلفية موعد الاقتراع العام الذي أصبح على الأبواب، فقد تزايدت التوترات بين الفئات والشرائح المجتمعية البحرانية: فما هي مكونات الصراع البحراني عشية الانتخابات؟ وما هي إستراتيجيات كل طرف في خصوص اللعبة السياسية والتي على ما يبدو أنها تنطوي على حضور قوي بواسطة الأطراف الثالثة الإقليمية والدولية وعلى وجه الخصوص: أمريكا والسعودية وإيران؟
* توصيف مسرح الصراع السياسي عشية الانتخابات: ماذا تقول المعلومات؟
يعرف الدستور دولة باعتبارها دولة ملكية-دستورية، وفي هذا الخصوص توجد المؤسسة المالكة الحاكمة جنباً إلى جنب مع المؤسسة السياسية التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتأسيساً على ذلك، فقد سعى الدستور البحراني الحالي إلى ضبط التوازنات السياسية وفق السياق المؤسسي الآتي:
• المؤسسة الملكية الحاكمة: وتضم الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
• المؤسسة التنفيذية: وتضم رئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة.
• المؤسسة التشريعية: وتضم البرلمان البحراني والذي يتكون من مجلسين هما: المجلس الاستشاري (الغرفة العليا) ومجلس النواب (الغرفة الدنيا).
على أساس اعتبارات دستور عام 1973م، فإن البرلمان البحراني يتكون من 80 عضواً، منهم 40 عضواً في المجلس الاستشاري ويتم تعيينهم عن طريق الاختيار المباشر بواسطة الملك، و40 عضواً في مجلس النواب ويتم تعيينهم عن طريق الانتخابات العامة. وتأسيساً على ذلك، فقد أصبحت عملية صنع واتخاذ القرار السياسي في الدولة البحرانية تنطوي على ثنائية يمكن الإشارة إليها على النحو الآتي:
- يختص مجلس النواب بالقرارات التشريعية.
- يختص الملك بإصدار القرارات السيادية العليا.
هذا، وعلى خلفية توازن برلماني يقوم على أساس اعتبارات وجود برلمان مكون من مجلسين أحدهما الغرفة الدنيا (مجلس النواب) يمثل الشعب، والثاني الغرفة العليا (مجلس المستشارين) يمثل الملك، فإن مجلس النواب يستطيع إصدار مرسوم ملكي إضافةً إلى أن قدرة البرلمان البحراني على تخطي أو تجاوز سقف القرار الملكي هو أمر غير ممكن من الناحية العملية طالما أن جلسة البرلمان الموحدة التي تضم أعضاء مجلس النواب (40) وأعضاء مجلس المستشارين (40) هي جلسة لا يمكن لها من الناحية العملية البرلمانية إحداث أي اختراق في سقف القرار الملكي، خاصةً وأن مجلس النواب نفسه لا يمثل كتلة موحدة، وعادةً ما يكون لأنصار الملك فيه العدد الأكبر من المقاعد.
* مفاعيل إدارة الصراع البحراني: إلى أين؟
تقول المعلومات والمعطيات، بأن البحرين عبارة عن جزيرة تبلغ مساحتها 750 كم2 بعدد سكاني إجمالي في حدود900 ألف نسمة تقريباً، وعلى أساس اعتبارات نظام الحكم المحلي تتوزع هذه المساحة إلى خمس محافظات هي: محافظة العاصمة، المحافظة الوسطى، المحافظة الشمالية والمحافظة الجنوبية، أما على أساس اعتبارات التركيب الديني فنسبة المسلمين هي 81.2% والمسيحيين 9%، ويشكل الهندوس وأصحاب العقائد الأخرى حوالي 9.8%، وبرغم التكتم الشديد على إحصائيات أعداد المسلمين السنة والمسلمين الشيعة، فقد قدرت دوائر مكتب الكومنولث البريطاني بأن الشيعة يشكلون 66% والسنة 33% من إجمالي عدد المسلمين، ولكن، توجد إحصائيات أخرى تقول بأن عدد الشيعة يشكل 80% من إجمالي عدد المسلمين والـ20% المتبقية هي للمسلمين السنة.
أبرز الجماعات الإثنية-القبلية التي تشكل مكونات المجتمع البحراني هي: الأعجمية (ذوي الأصول الفارسية)، البحارنة (ذوي الأصول العربية الشيعية)، البانياد (ذوي الأصول الهندية)، البدو (ذوي الأصول العربية) وهم مجموعة من عشائر: العتيبة، الدواسرة، النعيمية والمنايعة وجميعهم من المسلمين السنة ويدينون بالولاء الشديد لأسرة آل خليفة المالكة، الهوالا (ذوي الأصول العربية الشيعية) والنجدية (ذوي الأصول العربية السنية).
هذا، ويتميز المجتمع البحراني بالتسامح الديني، وفي هذا الخصوص تقول المعلومات بوجود المساجد والكنائس والمعبد الهندوسي إضافةً إلى كنيس يهودي جنباً إلى جنب في البحرين، وهو أمر لا يوجد في بقية بلدان منطقة الخليج والمملكة العربية السعودية.
جاءت الانتخابات البرلمانية العامة هذه المرة لتشكل الصراع السياسي الداخلي البحراني في وقتٍ مبكر، ومن أبرز عوامل ومفاعيل الصراع البحراني نشير إلى الآتي:
• غياب عملية الاصطفاف السياسي الانتخابي على أساس المصالح الاقتصادية.
• تزايد وتائر عملية الاصطفاف السياسي الانتخابي على أساس اعتبارات الهوية الطائفية.
التمركز الطائفي، وما ترتب عليه من حالة انقسام سني-شيعي تم على أساس تأثيرات العوامل الآتية:
- تزايد طموحات الأغلبية الشيعية البحرانية، إضافةً إلى تزايد انتقاداتها للنظام الملكي الحاكم، ومن أبرز الدوافع: تزايد الوجود العسكري الأمريكي في البحرين، بما أدى إلى تعاظم شعور وإدراك الشيعة البحرانيين بأن هذا الوجود العسكري الأمريكي يستهدف الشيعة الإيرانيين وبقية السكان الشيعة في بلدان المنطقة العربية. إضافةً لذلك، فقد أدت مقاومة الشيعة اللبنانيين للقوات الإسرائيلية إلى تزايد مشاعر الثقة بالنفس في أوساط الشيعة البحرانيين والخليجيين.
- تزايد مخاوف الأقليات السنية البحرانية، إضافةً إلى تزايد مخاوفها من احتمالات أن يؤدي فقدانها للسلطة إلى تعرضها للتهميش وضياع المصالح.
تقول المعلومات والمعطيات، بأن الصراع السياسي البحراني الدائر حالياً يتمحور حول النقاط الآتية:
• المطالبات بضرورة إصلاح النظام الانتخابي، وذلك لأن عدد الدوائر الانتخابية قد تم توزيعه بشكل غير عادل، بحيث تم تخصيص دوائر أكثر في المناطق التي يتمركز فيها المسلمون السنة، ودوائر أقل في المناطق التي يتمركز فيها المسلمون الشيعة.
• المطالبات بضرورة إصلاح القوام المؤسسي البرلماني بما يتيح انتخاب كامل لأعضاء البرلمان، بحيث يتم عبر الانتخابات اختيار أعضاء مجلس النواب الـ 40، وأعضاء مجلس المستشارين الـ40.
• المطالبة بتوفير البنية السليمة الآمنة لإجراء الانتخابات، وتتهم المعارضة السلطات بالقيام بالمزيد من قمع المعارضين السياسيين.
هذا، وتجدر الإشارة إلى أن تركيبة مجلس النواب البحراني المنتهية ولايته كانت تتضمن الآتي: 17 مقعداً لحزب الوفاق الإسلامي الداعم للملك والأسرة الحاكمة، 7 مقاعد لجمعية المنبر الإسلامي، 6 مقاعد لحركة الإصلاح، 9 مقاعد للمستقلين، مقعد واحد لحركة العمل الديمقراطي.
تقول التقارير والتسريبات بأن العديد من الأحزاب السياسية البحرانية قد قررت مقاطعة الانتخابات، وبالتالي، فمن المتوقع أن تكون المشاركة الشيعية بين طرف صغير مؤيد للعملية السياسية الرسمية وطرف كبير رافضٍ لهذه العملية السياسية. وعلى خلفية التوقعات، وبتزايد الاحتقانات والخصومات، فإن البحرين على موعد مع المزيد من الاضطرابات السياسية ربما خلال الانتخابات، وربما بعدها!
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
التعليقات
تقرير غير قوي و فيه معلومات غير دقيقة
استفهام من القارئ السيد حسين
نأمل من الأخ حسين أن يذكر لنا خطأنا ويصوبه لنا مع ذكر المصدر مع وافر الاحترام والتقدير
الجمل - قسم الدراسات
(وتجدر الإشارة إلى أن تركيبة
إضافة تعليق جديد