ليبيا على مفترق والصراع داخل النظام

23-05-2014

ليبيا على مفترق والصراع داخل النظام

في وقت بدا أنّ تطورات الأزمة الليبية دخلت في الساعات الأخيرة في مرحلة مراوحة معلنة، كانت انعكاساتها الإقليمية تظهر شيئاً فشيئاً في الخطاب الرسمي لأكبر جارتين، مصر والجزائر، اللتين أعربتا وعلى أعلى مستوى عن «القلق البالغ». وفي مشهد له دلالاته على الساحة العربية أيضاً، ربطاً بمآلات «الربيع العربي» الراهنة، كان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي يتزعمه الداعية القريب من «الاخوان المسلمين» يوسف القرضاوي، يدعو الليبيين إلى مواجهة «من يريد إسقاط الشرعية» في بلادهم «بحزم»، في إشارة إلى اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
وفي التطورات الداخلية للأزمة الليبية، فبعد أقل من 24 ساعة على تعزيز اللواء المتقاعد المنشق خليفة حفتر الضغوط على السلطات الرسمية إثر طلب تشكيل «مجلس رئاسي» لمرحلة انتقالية في بلد أصبح بحسب قوله «وكراً للإرهابيين»، أمر رئيس المؤتمر الوطني العام الليبي نوري أبو سهمين، أمس، باتخاذ الإجراءات القانونية في حق الضباط والعسكريين الذين أعلنوا تأييدهم للواء خليفة حفتر. وجاء ذلك في أمرين رسميين لأبو سهمين، وحملا توقيعه بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة الليبية.حفتر خلال مؤتمر صحافي في بلدة الابيار شرق بنغازي امس الاول (رويترز)
وكانت خريطة الطريق التي أعلنها حفتر، مساء أمس الأول، قضت بمطالبة المجلس الأعلى للقضاء، وهو أعلى سلطة قضائية في ليبيا، «بتكليف مجلس أعلى لرئاسة الدولة يكون مدنياً ويكون من مهامه تكليف حكومة طوارئ والإشراف على الانتخابات البرلمانية المقبلة».
من جهتها، وفيما أطلقت دعوات لتنظيم تجمع جماهيري اليوم في مدينة بنغازي للتنديد بالجماعات المتطرفة ودعماً للدولة، دعت الحكومة الليبية المؤقتة برئاسة عبد الله الثني «كافة قيادات الكتائب المسلحة في نطاق طرابلس الكبرى الخروج منها والابتعاد عن المشهد السياسي لحماية المدينة وسكانها»، في موقف يعكس التخوف من تدفق عناصر الكتائب الموالية لرئاسة المؤتمر الوطني العام إلى طرابلس.

ورأت الحكومة، المقربة في مواقفها من حفتر، أنّ «الأوامر التي أصدرها رئيس المؤتمر الوطني العام بتحريك درع الوسطى مع تواجد قوى أخرى في طرابلس تنضوي تحت كتائب القعقاع والصواعق ومع وجود مجموعات مسلحة أخرى في نطاق طرابلس الكبرى بات يهدد المدينة وسلامة سكانها». وأشارت كذلك إلى أنها «تتخوف.. من فرض قرار سياسي في أجواء قعقعة السلاح بما يهدد البنيان السياسي للبلاد»، مضيفة أنها «تحمِّل رئاسة المؤتمر وأعضاءه كافة المسؤولية البرلمانية والوطنية عما ينجم من تداعيات ومخاطر تهدد سلامة البلاد وأمن مواطنيها وضياع هيبتها وضرب مؤسساتها».

وقالت حكومة عبد الله الثني في البيان إنها «تطلب من كافة القوى السياسية والوطنية أن تتوحّد جميعاً وتتحمل مسؤوليتها للدفع ناحية الحل لهذه الأزمة ... والدفع بالعملية الديموقراطية والحث على التوجه إلى صناديق الاقتراع بأسرع وقت ممكن لانتخاب مجلس النواب المقبل».

أما في المواقف العربية، فقد كان بارزاً، أمس، موقف كل من مصر والجزائر، الدولتين المجاورتين لليبيا. وفي هذا الصدد، أكد مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماعه أمس، أنه يتابع «باهتمام بالغ تطورات الأحداث المتسارعة في ليبيا»، مشدداً على أنّ مصر «تدعم كل ما من شأنه إنهاء الانقسام القائم على الساحة الليبية وأهمية وقف إراقة دماء». وأشار كذلك إلى «حرص مصر على وحدة التراب الليبي واستقرار ليبيا، وتحقيق تطلعات وطموحات شعبها الشقيق، ورفض أي تدخل خارجي في شؤونها الداخلية».

وفي موقف لافت، دان مجلس الوزراء المصري «محاولات البعض داخل وخارج ليبيا الزج بمصر في التطورات الجارية هناك، التي تعتبرها مصر شأناً ليبياً خالصاً». كما قرر المجلس «تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير الدفاع أو من ينوب عنه، وعضوية كل من وزراء الداخلية والخارجية والنقل والصحة والتضامن الاجتماعي والطيران، وتكون اللجنة في حالة انعقاد مستمر لمتابعة الموقف».

وفي السياق ذاته، أعلن وزير الخارجية الجزائري رمطان العمامرة أنّ بلاده تتابع «بانشغال عميق» تطورات الوضع في ليبيا، وأضاف أنّ «سلطات البلاد تشارك .. في مشاورات واسعة غير رسمية مع أطراف وشركاء مختلفين». ومع التأكيد مجدداً على مبدأ «عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى»، قال العمامرة إنّ الجزائر «تعير كامل الاهتمام لوضع يتسم بانعدام الاستقرار والأمن، يتكبد الشعب الليبي الشقيق جراءه محناً كبرى وتترتب عنه تحديات عديدة بالنسبة للبلدان المجاورة لليبيا».

كذلك، عقد مجلس جامعة الدول العربية جلسة تشاورية على مستوى المندوبين الدائمين بشأن الوضع في ليبيا. وقد أكد المجلس، وفقاً لبيان، دعمه «لجهود الأمين العام (نبيل العربي) وممثله (ناصر القدوة) في مهمته لمساعدة الأشقاء في ليبيا على تحقيق الحوار الوطني والمصالحة والتوافق بما يُمكِّن دولة ليبيا من إرساء دعائم مؤسسات الدولة وتحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ على وحدتها الوطنية وسلامتها الإقليمية».

بدوره، قال سفير الجزائر لدى القاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية نذير العرباوي إنّ «اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين كان بغرض التشاور حول الوضع في ليبيا واستعراض اتصالات الأمين العام للجامعة بشأن مهمة مبعوثها الخاص إلى ليبيا ناصر القدوة»، مضيفاً أنه «تم التوافق خلال الاجتماع على انتهاز فرصة اجتماع المؤتمر الوزاري الـ 17 لدول عدم الانحياز في الجزائر (26-29 أيار) لعقد اجتماع تشاوري على مستوى دول الجوار المباشر الليبي بحضور ليبيا باعتبارها عنصراً أساسياً لبلورة رؤية والتشاور حول كيفية التحرك». وأكد العرباوي أنّ «دول الجوار الليبي المباشر العربية والأفريقية، ومن ذلك تشاد والنيجر، ستحضر الاجتماع باعتبارها هي المعنية بشكل مباشر بالأزمة التي تمر بها ليبيا فضلاً عن الجامعة العربية التي سيمثلها أمينها العام نبيل العربي والاتحاد الأفريقي».

وفي موقف آخر له دلالاته، دعا الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي يتزعمه الداعية القريب من «الاخوان المسلمين» يوسف القرضاوي، الليبيين، أمس، إلى مواجهة «من يريد إسقاط الشرعية» في بلادهم «بحزم»، في اشارة إلى القائد العسكري خليفة حفتر. وندد البيان بـ«استخدام السلاح خارج اطار الحق والشرعية القائمين على إرادة الشعب الحرة، ما يهدد الأمن والسلم داخل ليبيا وربما في المنطقة بالكامل».

كما طالب الليبيين بـ«حل الخلافات بالتشاور والحوار من خلال أهل الحل والعقد المختارين بإرادة شعبية حرة»، محذراً إياهم كذلك من «كل من يستخدم قواعد الخداع الإستراتيجي ضد قضيتهم العادلة أو يستخدم مصطلحات مطاطة على غير حقيقتها كالحرب على الإرهاب وغيرها بهدف السطو المسلح على السلطة ومن ثم النيل من حرية الليبيين التي استردوها بالثورة والدماء الطاهرة».

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...