لماذا يضطهد «الاقتصاد» النساء؟
في هذا المقال، تقدم ست طالبات آراءهنّ حول سبب وجود مشكلة بين الاقتصاد والنساء.
لا تمثل المناهج الدراسية النساء، لذا لا تشعرّن أنها ذات صلة بهنتختفي النساء عند دراسة النظريات الاقتصادية، حيث يستخدم الاقتصاد -لاسيما الاقتصاد النيوكلاسيكي(1)– المفاهيم واللغة الذكورية بشكل كبير. على سبيل المثال، من النظريات المركزية، يُعرف نموذج «الرجل الاقتصادي» بالمصلحة الشخصية والجشع والأفعال التي عادة ما ترتبط بنمط السلوك «الذكوري». يتجلى هذا أيضًا لدى مقاربة منطق السوق، حيث يتم تجاهل العمل الذي تقوم به النساء، مثل العمل المنزلي أو الرعاية، ولذلك يُهمل في تحليل الناتج المحلي الإجمالي.
ومع ذلك، وفي ظل نظرة فاحصة يتضح اهتمام النساء بالاقتصاد. يدرس العديد منهن العلوم الاجتماعية الأخرى مثل السياسة والأنثروبولوجيا والتاريخ، متضمنةً النظرية الاقتصادية، لكن من خلال المناهج التي قد تبدو أكثر ارتباطًا بالنساء. وتدعو درجة التعددية إلى التفكير النقدي، كما تُفتح الأبواب لمشاركة مجموعة متنوعة من الطلاب.
«جانينا زاكرزويسكي» و«ساري ايستون»، طلاب السنة الثالثة، في السياسة والفلسفة والاقتصاد.
«ديناميكيات النوع» غائبة عن الفصول الدراسية
خبراء الاقتصاد خائفون من مناقشة القضايا السياسية التي تبدو غير موضوعية، خاصة المتعلقة بالجندر. لكن إدراج تلك القضايا في المناهج الدراسية ليس مجرد ادعاء سياسي، بل أيضًا قضية اقتصادية. على سبيل المثال، واحد من الركائز الأساسية للاقتصاد هو فهم ديناميكا النمو الاقتصادي. وثبت من خلال الدراسات أن مشاركة المرأة في القوى العاملة والتمثيل النسائي في قاعة المجلس له تأثير كبير على النمو.
وهكذا، إذا أراد الاقتصاديون فهم النمو، فلماذا يهملون دراسة أحد العوامل المؤثرة عليه؟ وهذا مجرد واحد من العديد من الأمثلة. إذا أردنا فهم الاقتصاد، فيجب على الاقتصاديين أن يكونوا أكثر فضولًا بشأن القضايا الجندرية.
«سالي سفينلين»، طالبة بالسنة الثانية للاقتصاد.
اقتصاد ذو دور محدود للنساء هو اقتصاد غير مُرشح للتنمية
يبدو البقاء في قسم الاقتصاد خلال أربع سنوات أمرًا محبطًا إذا كنت تطمح لأن تعمل في المجال الأكاديمي، وذلك لكونها امرأة. وعلى الرغم من أن التنوع الجنسي في فصل دراسي جامعي غالبًا ما يكون متوازنًا، إلا أن مشاركة الاقتصاديات الإناث تتناقص مع تزايد أهمية الموقع، كما أظهرت جمعية الاقتصاد الأمريكية. غالبًا ما تواجه السيدات المحظوظات -اللواتي ينجحن في الحصول على منصب أعلى- مجموعة من الصور النمطية، كما هو موثق من قبل أليس.
هذا بالطبع ليس بجديد، عند دراسة تاريخ الأفكار الاقتصادية – الذي يمتد من اليونان القديمة إلى وقتنا الحالي – لا يستمع الطلاب إلى النساء إلا عند مناقشة قضايا الاقتصاد النسوي. غالبًا ما يكون التفسير على غرار «الأوقات مختلفة» أو «هذه هي الطريقة التي اعتادت أن تكون في الماضي». وقد ثبت في مجالات أخرى مثل «العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات» أن التمثيل الأكثر مساواة بين الجنسين في المناصب الأكاديمية والبحثية يعود بـالفوائد الاقتصادية. لكن يبدو أن الاقتصاد – كما هو الحال دائمًا – هو المجال الوحيد الذي مازال يعيش في الماضي.
«إيفا بارفانوفا»، طالبة السنة الرابعة، في الاقتصاد.
الموضوعات الأساسية كالصحة والتعليم مبخوسة القيمة
لا تضع الكثير من النساء المهن الاقتصادية كخيار لهن. ربما بسبب تفضيلاتهن، وربما تفضل النساء وظائف في مجالات أخرى (الصحة والتعليم هما المجالان الشائعان). بطبيعة الحال، يحق للجميع اختيار مجال عمل. ومع ذلك، في بعض الحالات، يبدو الأمر طبيعيًا لأن الناس لا يرون الاقتصاد خيارًا مهنيًا مناسبًا، أو لا يعتقدون أنه مرتبط باهتماماتهم. فشل الاقتصاديون في تثقيف الجمهور حول تطبيقات الانضباط واسعة النطاق في العالم الحقيقي والتي تتجاوز نطاق الأعمال المصرفية والاستثمار، بما في ذلك الصحة والتعليم.
أعتقد أن أولوية الانضباط ينبغي أن تركز على تحسين فهم الشعوب لاستخدامات الاقتصاد العديدة، بحيث تجد مجموعة واسعة من الأفراد في الأمر ما يستحق المتابعة. هناك عدة طرق يمكن تطبيقها: كالاقتراب من الشباب، وتبسيط اللغة المستخدمة، وغيرها.
«لورا فريتاس»، طالبة السنة الأولى للاقتصاد.
لا يُعامل العمل المنزلي والرعاية كنشاطات ذات قيمة
ليس من الخفي أن أحد المفاهيم الأولية للاقتصاد يعتمد على مبدأ رياضي بحت، ويخضع لتقييم تكلفة وأرباح أنشطتنا وخياراتنا، حتى نتلقى أعلى ربح من اختيارنا. علاوة على ذلك، فإن الكثير مما يدرسه الطلاب يوحي بأنك مواطن صالح، طالما ما تفعله يمكن تحويله مباشرةً إلى أموال لشخص آخر، بحيث يتم احتسابه في الناتج القومي الإجمالي للدولة.
مثل هذه التعريفات تقلل حتماً من مساهمة النساء في المجتمع، لأن عددًا كبيرًا من الأنشطة التي تميل إليها النساء، بما في ذلك العمل والرعاية المنزلية، لا تتحول في الحال إلى ربح، ولا يتم حسابها في إحصاءات المشاركة في العمل. مما يسبب التقليل من شأن النساء كعوامل اقتصادية.
قال الخبير الاقتصادي «ليونيل روبنز» ذات مرة: «كل عمل يتضمن وقتًا وانتقاصًا من الموارد (القدرات، وموارد الثروة، والتفاني) لتحقيق غاية واحدة، هو فعل له جانب اقتصادي». وتبعا لذلك، من الإنصاف القول إن تفاني المرأة في الوقت، والنشاط البدني والعاطفي لصالح الأسرة الأساسية ورعايتها، إما كاختيار شخصي أو للضرورة، مع التخلي عن مجالات التنمية الفكرية أو المهنية الأخرى هي في الواقع أعمال اقتصادية.
«فيرنانديز»، طالب دكتوراه، التاريخ الاقتصادي والاجتماعي.
[1]– الاقتصاديات النيوكلاسيكية أو الاقتصاديات التقليدية المحدثة: مصطلح قدّمه للمرة الأولى ثورستين فيبلين عام 1900، جرى استخدامه في مناهج الاقتصاد التي تركز على تحديد الأسعار والمخرجات وتوزيع الدخل في الأسواق من خلال العرض والطلب.
إضاءات
إضافة تعليق جديد