لصالح من تعمل الولايات المتحدة؟
الجمل ـ *بقلم إيريك زويس ـ ترجمة رنده القاسم:
ورد في أحد تسريبات ويكيليكس الأخيرة: "يقول البريد الالكتروني لكلينتون بأننا نحتاج لاستخدام قدراتنا الدبلوماسية و الاستخباراتية من أجل الضغط على حكومتي قطر و السعودية، اللتين تمنحان دعما سريا ماليا و لوجستيا لداعش و مجموعات سنية متطرفة أخرى في المنطقة"..
هذه الرسالة الالكترونية أرسلتها كلينتون في 17 آب 2014. ..و أية إشارة إلى الحكومة السعودية ليست سوى إشارة إلى العائلة المالكة السعودية، التي تملك الحكومة السعودية.
و في 17 شباط 2016 كتبتُ : " في الثلاثين من كانون الأول 2009 أرسلت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون برقية (تم نشرها فيما بعد من قبل ويكيليكس) إلى السفراء الأميركيين في السعودية و قطر و الإمارات العربية المتحدة و الكويت و باكستان تحت عنوان : "تمويل إرهابي: الإجراء المطلوب من أجل العمل على مستوى أعلى بخصوص تمويل الإرهاب"....و طلبت من السفراء أن يوضحوا للطبقات الحاكمة في الدول المذكورة أنه، و تحت حكم الرئيس الأميركي الجدي باراك اوباما، لن يكون هناك بعد الآن أي تسامح حيال الاستمرار بالتبرع للقاعدة و مجموعات جهادية أخرى تهاجم الولايات المتحدة. و استهلت البرقية بعبارة: "إنها برقية لاتخاذ إجراء، ما يعني أن عمليات سفارات الولايات المتحدة في الدول المذكورة سوف تراقب للتأكد من إذعانها لطلب وزيرة الخارجية".
و رغم تأكيدها لم تكن هناك مسؤولية، و مع ذلك استمرت بالشكوى لهم بشكل شخصي من التمويل الملكي لمجموعات إرهابية.
و في الحادي عشر من شباط 2015 كتبتُ مقالا تحت عنوان : "مسؤول الحسابات في القاعدة يكشف السر"، و فيه قلت بالارتباط مع وثائق قضائية من الولايات المتحدة:
"زكريا موسوي كان المحاسب و جابي الأموال لصالح القاعدة، لكن خدمة الاستخبارات الأميركية تكتمت عن هذه الحقيقة قدر المستطاع، لأن ما يعلمه حول الداعمين الماليين الهامين للقاعدة يمكن أن يكون ضارا جدا بالطبقة الأرستقراطية الأميركية ، التي تعتمد بشكل كبير على النفط و المقربة جدا من العائلة المالكة السعودية، التي خلقت القاعدة لإرضاء رجال الدين السعوديين المسلمين الوهابيين الذين كانوا دائما يهددون العائلة المالكة بفضح فسادهم الاقتصادي و الأخلاقي إلا إذا مولت انتشار فرق وهابية (مثل القاعدة) و بهذا يمولون الانتشار العالمي لتأثير و نفوذ رجال الدين هؤلاء"...
و هذا ما ذكره أيضا المحاسب السابق للقاعدة ، الذي اختاره القائد العسكري للقاعدة أبو حفص ( و المعروف أيضا بمحمد عاطف) لخدمة أسامه بن لادن و وردت شهادة زكريا موسوي على الشكل التالي:
"شهد موسوي أمام المحكمة أنه جمع ملايين الدولارات نقدا كهبات للقاعدة من الأمير وليد بن طلال، الأمير تركي الفيصل آل سعود، الأمير بندر بن سلطان آل سعود، الأمير محمد الفيصل آل سعود و آخرين من العائلة المالكة. و عندما سؤل عن مدى أهمية هذا للقاعدة أجاب: "لقد كان حاسما،أعني انه من غير نقود السعوديين لن تملك شيئا" ...
هذه الشهادة أمام المحكمة بقيت مخفية حتى يومنا الحالي، و قد تم تجاهلها تماما في الإعلام، و من دون دفع عائلات ضحايا الحادي عشر من أيلول نحو قضية شرعية، لما حدثت هذه المحاكمة على الإطلاق.
و في العاشر من أيلول 2016 كتبت حول الصفحات الثمانية و العشرين المفقودة، و كانت في الواقع تسع و عشرين، و التي بقيت سرا حتى وقت قريب و فعليا حذف منها، و المتعلقة بدراسة قام بها الكونغرس حول أصل هجمات الحادي عشر من أيلول و قد ورد في المقال:
" الأمر الذي أظهرته الوثيقة و أثبتته (و استشهدت بأقوال محققين في FBI الذين كان من الممكن أن يشهدوا علنا في حال طلب منهم) أن السفير السعودي لدى الولايات المتحدة ، الأمير بندر بن سلطان (و الذي يعرف في واشنطن بلقب "بندر بوش" بسبب قربه من عائلة بوش) كان يقوم سرا بدفع نقود إلى مدربين سعوديين يقومون على تدريب اثنين على الأقل من أصل الخمسة عشر سعودي خاطفي طائرات الحادي عشر من أيلول، و زوجة بندر و أقارب آخرون كانوا أيضا يدفعون النقود للخاطفين المفترضين و عائلاتهم، و بهذا يمكنون الخاطفين المستقبليين من الحصول على تدريب الطيران اللازم من أجل هجمات الحادي عشر من أيلول".
لماذا إذن يقوم الرئيس الأميركي باراك أوباما ،الذي أقسم باحترام دستور الولايات المتحدة و شعبها ، بالتصويت ضد مذكرة الكونغرس التي تسمح لعائلات ضحايا التاسع عشر من أيلول بمحاكمة الحكومة السعودية أو العائلة المالكة السعودية؟ من الذي يحميه أوباما و لماذا؟ هل سأل أحدا هذا السؤال؟
و لاحظوا ماذا قال الشخص ذاته ، أوباما الذي يحمي السعوديين ، عن الرجل غير الطائفي الذي التزم بفصل الدين عن الدولة القائد السوري المعادي للجهاديين بشار الأسد، و الذي تدعم السعودية و الولايات المتحدة القاعدة و المجموعات الجهادية الأخرى من أجل إسقاطه..ففي 19 تشرين الثاني 2015 و تحت عنوان :"أوباما يقول أن القائد السوري بشار الأسد يجب أن يرحل" ورد في صحيفة Wall Street Journal : "لأنه من الصعب إيقاف الحرب الأهلية هناك بينما الغالبية الساحقة من الشعب السوري تراه ديكتاتورا قاسيا و قاتلا.. لا يمكنه استعادة الشرعية."
و يقول أوباما بأن القاعدة في سوريه و جهاديين مشابهين (و الذين يدعوهم معارضة معتدلة) يجب أن يسقطوا الأسد ( و هذا من المفترض أن يكون أكثر شرعية).
و لكن في الواقع حتى استطلاعات الرأي برعاية غربية تظهر باستمرار أن الأسد هو الشخص الوحيد في سوريه الذي يختاره أكثر من 50% من الشعب السوري قائدا له، بينما الولايات المتحدة مكروهة هناك لأن 82% من السوريين يحملونها مسؤولية عشرات الآلاف من الجهاديين الذين أدخلوا إلى سوريه ( مولوا من قبل السعوديين و تم تدريبهم عسكريا من قبل الأميركيين) مسببين شقاء لا حدود له للشعب السوري.
لماذا يتهم الرؤوساء الأميركيين بالعلاقات الخاصة خارج الزواج و لكن لا يحاسبون على الخيانة و دعم أعداء أميركا الفعليين ضد مصالح ضحايا الحادي عشر من أيلول و بقية الشعب الأميركي؟هل الحكومة الأميركية ضد مصالح الشعب الأميركي؟ من الذي تمثله حقا؟ و لماذا؟
*كاتب أميركي و باحث في التاريخ.
عن موقع Strategic Culture Foundation
إضافة تعليق جديد