قمة الأسد ـ سليمان السبت ... وبجدول أعمال مفتوح

22-07-2008

قمة الأسد ـ سليمان السبت ... وبجدول أعمال مفتوح

كان مقدرا للقمة اللبنانية السورية بين الرئيسين بشار الأسد وميشال سليمان أن تبحث جدول أعمال ثلاثيا يتضمن العلاقات الدبلوماسية وترسيم الحدود ومراجعة الاتفاقيات الثنائية، لكن المناخ الايجابي الذي تركته زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم الى بيروت، أمس، وتسليمه الرئيس سليمان، الدعوة الرسمية، للزيارة، جعلت دوائر القصر الجمهوري في بعبدا تردد بما لا يقبل الالتباس أن القمة الأولى من نوعها في دمشق بين الأسد وسليمان »ستكون بجدول أعمال مفتوح يتضمن كل ما يمكن أن يخطر على بال أي مواطن لبناني«. 
وقالت مصادر أن القيادتين اللبنانية والسورية حددتا موعدا مبدئيا للقمة قبل ظهر يوم السبت المقبل، على أن يسبقها اتصال هاتفي بين الجانبين من أجل تثبيت الموعد نهائيا، على أن تقام مراسم استقبال للرئيس ميشال سليمان قبل أن يعقد محادثاته مع الرئيس الأسد الذي سيولم على شرفه بحضور كبار المسؤولين السوريين.
وقالت مصادر سياسية لبنانية متابعة للزيارة ان زيارة سليمان »ستكون زيارة تاريخية بكل معنى الكلمة، وسيجد لدى القيادة السورية استعدادا للبحث في كل ما من شأنه أن يعيد وضع العلاقات بين البلدين على سكتها الطبيعية وبالتالي تجاوز صفحة السنوات الثلاث الأخيرة بما حملته من تشوهات تركت أثرا كبيرا في البلدين، ولكن ما دامت هناك ارادة سياسية، فإن كل الأمور قابلة للتصحيح«.
وتوقعت المصادر أن يصدر عن القمة اعلان رسمي واضح حول قرار القيادتين اقامة علاقات دبلوماسية كاملة وفتح سفارتين في كل من بيروت ودمشق، على أن يترك لحكومتي البلدين وكذلك لمجلسي النواب أن تضع الآلية القانونية، خاصة أن بعض الأمور قد تسوجب تعديل المعاهدة أو بعض الأطر التي استولدتها مثل المجلس الأعلى وذلك يحتاج الى قرار سياسي أولا والى اقراره ضمن المؤسسات الدستورية في كلا البلدين ثانيا«.
وأكدت المصادر نفسها أن سوريا ستكون منفتحة على أي طلب لبناني بشأن ترسيم الحدود، باستثناء الأراضي المتداخلة مع واقع الاحتلال الاسرائيلي، وبالتالي يمكن أن توضع آليات تأخذ بالاعتبار الهاجس السيادي للجانبين، لكن بما لا يؤدي للاضرار بمصالح المواطنين، وخاصة أن هناك قرى لبنانية، على سبيل المثال لا الحصر، لا يمكن الوصول اليها الا عبر الأراضي السورية«!
وأوضحت المصادر أن موضوع الاتفاقيات الثنائية والهواجس الأمنية المتبادلة وقضية المفقودين والمعتقلين في سوريا »كلها ستكون مطروحة للبحث في ظل رغبة متبادلة من الجانبين بإجراء مصارحة ومراجعة لمسار العلاقات بروحية ايجابية وبناءة«.
وقالت المصادر ان ابواب سوريا ستكون مفتوحة أمام رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة بعد أن تنال حكومته الثقة، وسيصار الى وضع آلية لمتابعة نتائج الزيارة الرئاسية تنفيذيا، عبر الوزراء المعنيين في البلدين، بالاضافة الى تحديد موعد أولي للزيارة التي سيقوم بها الرئيس السوري بشار الأسد الى بيروت في وقت لاحق.
واذا صحت التوقعات، فإن لجنة البيان الوزاري، ستنجز عملها غدا الأربعاء، أو الخميس، على أبعد تقدير، على أن يقر في جلسة تعقدها الحكومة في القصر الجمهوري برئاسة رئيس الجمهورية إما يوم الخميس أو الجمعة المقبلين، ليوزع بعد ذلك من قبل دوائر المجلس النيابي على النواب، ومن ثم يحدد موعد جلسة مناقشة البيان الوزاري والثقة في مجلس النواب بعد ٤٨ ساعة (أي الاثنين أو الثلاثاء).
ووفق التقديرات نفسها، فإن الحكومة ستنال الثقة في موعد أقصاه الأربعاء، وهذا يعني أن الطريق ستكون سالكة أمام قيام رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس الجمهورية بتوقيع مرسوم ضباط دورتي العامين ٢٠٠٧ (دورة الارادة الوطنية الجامعة) و٢٠٠٨ (دورة اللواء الركن الشهيد فرنسوا الحاج) العسكريتين، تمهيدا لتوزيعه على الضباط في احتفال تقليد السيوف، لمناسبة العيد الـ٦٣ للجيش اللبناني، وذلك صباح يوم الجمعة في الأول من آب في الفياضية، بحضور رئيس الجمهورية الذي سيلقي كلمة بالمناسبة وكذلك بحضور رئيسي المجلس النيابي والحكومة والوزراء والنواب.
واكتفت مصادر القصر الجمهوري بوصف اجواء اللقاء بين سليمان والمعلم بأنه كان »ايجابيا جدا وتطرق الى كل المواضيع المثارة في العلاقة بين البلدين«.
وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم بعد عودته مساء أمس الى دمشق ان زيارته الى بيروت »كانت ايجابية وبناءة ومثمرة«، مشيرا الى أنه تحدث في كل الأمور مع الرئيس اللبناني، وأكد أن موعد القمة يحدده الرئيسان السوري واللبناني.
وقال المعلم في المؤتمر الصحافي الذي عقده في القصر الجمهوري »ان الامور بين لبنان وسوريا تسير على سكة سليمة«، لافتا الانتباه الى ان دمشق تنتظر زيارة الرئيس سليمان في اقرب فرصة، مؤكداً ان لا احد يريد اتفاقات مجحفة في حقه، وشدد على ان لا شــيء يمنع ترسيم الحدود والاخذ في الاعتبار التداخل السكاني بين القرى الحدودية.
وأوضح المعلم »ان الرئيس السنيورة اليوم هو رئيس لحكومة وحدة وطنية وبهذه الصفة يجب ان يتم التعامل بين الحكومتين. وفي المرحلة القادمة سنحتاج الى تبادل الزيارات وتفعيل عمل وزراء الحكومتين كي نصل الى ارضية مشتركة لبناء علاقة مستقبلية تقوم على التكافؤ بين البلدين الشقيقين وايجاد عناصر التكامل التي تخدم مصالح الشعبين«.
وأكد المعلم ان مزارع شبعا لبنانية والمشكلة هي في الاحتلال الذي يجب انهاؤه، وقال ان وجود القوات الدولية محل القوات الاسرائيلية ليس إنهاء لهذا الاحتلال، بل هو انسحاب للجنود الإسرائيليين لتحل محلهم قوات الامم المتحدة »فشبعا ليست الارض فقط، بل ايضا المياه«.
وردا على سؤال قال المعلم »اذا كانت هناك اتفاقيات مجحفة بحق لبنان فلا نريدها، كما انه اذا كانت هناك اتفاقات في المقابل مجحفة بحق سوريا فلا نريدها ايضا، نحن نريد خدمة مصالح الشعبين«.
وردا على سؤال قال المعلم: نحن عازمون على افتتاح السفارة في لبنان »لكن هذا العزم يجب ان يكون مشتركا بين الطرفين. اما الحديث عن الاخطاء فهي ارتكبت من قبل الجميع«.
وردا على سؤال حول ما اذا كان هناك تغيير سوري في التعاطي مع لبنان، اجاب المعلم »هذا يتوقف على التغيير في لبنان«.
وردا على سؤال قال المعلم »اننا لا نقبل لا ضغطا ولا حوافز لبناء علاقات ايجابية مع لبنان. من الطبيعي ان نبني علاقات مع لبنان. وهذه مسألة ثنائية، لا نقبل بتدخل أي طرف اجنبي، او أي طرف ثالث بها«. 
وقالت مصادر أن رئيس الجمهورية قرر تحديد موعد لاستقبال وفد من لجنة أهالي المعتقلين والمفقودين في سوريا وذلك قبل موعد توجهه الى دمشق حيث سيطلب منهم ملفا كاملا وموثقا، على أن يبادر الى طرحه مع الجانب السوري بعيدا عن منطق الاستثمار السياسي الذي رافق تحرك الأهالي، أمس.
وكان نحو مئة شخص من الأهالي قد تظاهروا قرب القصر الجمهوري في بعبدا مطالبين بحل هذا الملف »كشرط اساسي« لقيام علاقات »صحية« بين البلدين. وحال عناصر من الجيش بالقوة دون تحرك المتظاهرين كما منعوهم من الاقتراب من موكب المعلم.
ولوحظ أن جهات سياسية موالية، قد دخلت على خط »الاستثمار« السياسي لهذا التحرك الانساني للأهالي الذين يستمر اعتصامهم منذ ثلاث سنوات في وسط بيروت. وتطور »الاستثمار« لاحقا، عبر وسائل اعلامية محلية وخارجية قدّمت الاعتصام على زيارة المعلم، كما أبرزت ما أسمته »عملية القمع« التي قام بها الجيش للأهالي »على مرأى من العدسات الاعلامية«!
وفي هذا المجال، قال الوزير المعلم للصحافيين ان موضوع المفقودين »كان قيد البحث من خلال لجنة تضم قضاة معروفين بنزاهتهم«، معربا عن امله بـ»تفعيل عمل اللجنة لتنجزه في اقرب وقت ممكن«، من دون الكشف عن موعد محدد.
وردا على سؤال حول تظاهرة اهالي المفقودين والمعتقلين، قال المعلم »تظاهرهم امر طبيعي وانا افهمه والاهالي صبروا اكثر من ٣٠ عاما ويمكن ان ينتظروا بضعة اسابيع«.
من جهته، طالب العماد ميشال عون بعد ترؤسه الاجتماع الأسبوعي لتكتل التغيير والاصلاح بتكليف وزير دولة لشؤون المفقودين، وأن تبادر الحكومة الى تأسيس بنك الDNA لجميع المفقودين، »وأن تُكلّف المؤسسات المدنية والرسمية في كل الأراضي اللبنانية، بالاستدلال على أماكن دفن المفقودين... سواء في مدافن جماعية أو فرديا، أو ان كانوا مرميين في البحر. ويجب التحقيق مع بعض الأشخاص الذين كانوا مكلّفين بتصفية أشخاص آخرين ورموهم في البحر، يجب أن تتخذ أسماؤهم رسميًا حتى ننتهي من هذا الملف«.
- الى ذلك، أنجزت اللجنة الوزارية المكلفة صياغة البيان الوزاري والتي ترأسها رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، أمس، في اجتماعها الرابع في السرايا الكبيرة، معظم الشق المتعلق بالعلاقات اللبنانية السورية، على أن تنجز الجزء الأخير في جلسة مطولة تعقدها اليوم، وهو متداخل مع الجانبين الأمني والفلسطيني، لتنتقل بعد ذلك الى مناقشة الشق الأكثر دقة وحساسية وهو موضوع المقاومة، حيث برز توجه عند فريق الموالاة لتجاوزه نهائيا، كما موضوع الاستراتيجية الدفاعية وتركه كي يطرح على طاولة الحوار الوطني بعد التئامها في القصر الجمهوري، فيما برز توجه لدى ممثلي المعارضة لاعتماد الصيغة التي وردت في البيان الوزاري لحكومة السنيورة الأولى، مع تعديلات طفيفة (تلحظ مثلا اقفال ملف الأسرى).
وقالت مصادر وزارية موالية انه اذا تم الانتهاء من موضوع العلاقات اللبنانية السورية (التوجه لاعتماد ما تم تبنيه من قبل فرقاء طاولة الحوار) اليوم، ومن ثم سلاح المقاومة، فإن الأمور تبقى مجرد عناوين تقنية خاصة بكل وزارة على حدة، ويكون على مجلس الوزراء أن يقر البيان خلال هذا الأسبوع. أما اذا تعثرت الأمور، فإن احتمال استمرار المناقشة حتى الأسبوع المقبل يصبح واردا في الحسبان«.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...