قصر بعبدا: الحريري ورفاقه باتوا رهائن
رأت مصادر سياسية مقربة من الرئيس اللبناني إميل لحود"ان الحملة المسعورة التي اطلقتها الاكثرية النيابية الموقتة ضد رئيس الجمهورية اللبنانية اميل لحود بعد التحرك الشعبي الاحتجاجي الذي بدأ امس، تشير الى اكتمال مرحلة السقوط السياسي لهذه الاكثرية التي ارتكبت منذ عام 2005 مجموعة كبيرة من الاخطاء في التعاطي مع الشأن السياسي الداخلي اللبناني، مما جعلها عاجزة عن مواجهة التحرك الشعبي الا بلغة الشتائم والاهانات معطوفة على عبارات استفزازية وتحديات يعرف اركان هذه الاكثرية انهم فقدوا القدرة على القيام بها".
واعتبرت "ان الحملات المبرمجة التي يعتمدها اركان الاكثرية ضد الرئيس لحود، باتت تكراراً ممجوجاً للادعاءات نفسها والروايات المختلفة التي يوزعها هؤلاء على وسائل الاعلام المحلية والعربية والدولية التي يتناوبون على الاتصال بها. مع علمهم بأن مثل هذه الممارسات لم تنفعهم في الماضي ولن تنفعهم، بل هي تظهر مرة بعد مرة عجزهم وهزال حججهم وانعدام قدرتهم على المساس بموقع رئيس الجمهورية الذي تتأكد الحاجة الى دوره الدستوري يوماً بعد يوم في ظل الحال المتردية التي وصلت اليها البلاد نتيجة انتهاك حكومة الرئيس فؤاد السنيورة للدستور ولاتفاق الطائف وميثاق العيش المشترك". ورأت "ان المواقف التي تصدر عن رئيس الاكثرية الموقتة النائب سعد الحريري تندرج في اطار سياسة التعمية والتضليل التي يعتمدها مع اركان الاكثرية، لعله يتمكن من الخروج من المأزق الذي ادخل ورفاقه البلاد فيه، وهو من اجل هذه الغاية يرمي على رئيس الجمهورية مسؤولية ما هو حاصل في البلاد، مدعياً ان لا اجماع لبنانياً على رئيس الجمهورية منذ لحظة التمديد، علماً انه لو عاد الى معاونيه من النواب الحاليين والسابقين، لقالوا له ان التمديد حصل وفق الاصول الدستورية وبموافقة والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري ونواب كتلته، ولم يعارض التمديد سوى 29 نائباً من اصل 129، وقد تم بالشروط الدستورية نفسها التي اعتمدت للرئيس الراحل الياس الهراوي، وبالتالي فان الاستمرار في هذه "المعزوفة" هو كلام مردود ولا اساس دستورياً له، مثله مثل الكلام على مسؤولية رئيس الجمهورية اللبنانية في اغتيال الرئيس الحريري والتي لم يشر اليها أي من التقارير الخمسة التي صدرت عن لجنة التحقيق الدولية في عهدي القاضيين ميليس وبرامرتس".
واشارت الى "ان استمرار النائب الحريري في تحديد المسؤولية في جريمة الاغتيال يثير ملاحظتين، فإما انه يعرف الهوية الحقيقية للمرتكبين وبالتالي يجب ا ن يضع معلوماته في تصرف التحقيق وينتهي بذلك عمل لجنة التحقيق الدولية، واما انه لا يعرف ويدلي بمعلومات تضلل التحقيق الدولي وتوجهه الى مكان آخر لتغطية المجرمين الحقيقيين، وفي كلتا الحالين يفترض في القيمين على التحقيق الدولي مساءلة النائب الحريري لمعرفة الاسباب التي تجعله يتخذ هذه المواقف التي تسيء الى ذكرى والده الشهيد وتضعف الأمل في التوصل الى الحقيقة المنشودة".
وأسفت المصادر "ان يتحدث النائب الحريري عن امر عمليات يصل من سوريا الى الرئيس لحود لوقف المحكمة الدولية"، ولاحظت "ان هذا الادعاء الذي يتكرر دائماً، يعكس في الواقع الوضع الذي يعيشه النائب الحريري الذي اعتاد تلقي الاوامر من جهات داخلية وخارجية فينفذها من دون أن يرى اين تكمن مصلحة بلاده فيها، علماً انه لم يكن يوماً صاحب مبادرة لانه لا يملك لا الحنكة السياسية ولا المقدرة الشخصية ولا الخبرة لتعاطي الشأن العام، والاخطاء المتتالية التي وقع فيها منذ خلف والده خير شاهد على ذلك، اضافة الى تجربته مع حلفائه الذين اضطروا مراراً الى التدخل لتصحيح الشطط الذي يحدثه النائب الحريري في كل مرة يطل فيها في اللقاءات السياسية والاعلامية. ولعل من المفيد تذكير النائب الحريري بما فعله في المبادرة السعودية الكريمة، والاتفاق الذي عقده مع الرئيس نبيه بري ومع قيادة "حزب الله" خلال جلسات التشاور، والذي نقضه أو انقلب عليه قبل صياح الديك. وكل ذلك يؤكد ان النائب الحريري مسيّر وغير مخيّر ولا يملك قراره بيده، ومن كان كذلك، لا يحق له ان ينقل صفاته هذه الى الآخرين".
واضافت "ان موقف رئيس الجمهورية اللبنانية من المحكمة الدولية معروف ولا حاجة الى تكراره، وكان الأجدى بالنائب الحريري وحلفائه أن يتعاطوا مع ملاحظات الرئيس لحود بايجابية وموضوعية اذا كانوا فعلاً يريدون لهذه المحكة ان تنشأ وتكون محمية بالقانون، لا أن تكون ردودهم بالمواقف السياسية وحملات التجريح والاساءات الشخصية، الامر الذي يدفع الى التساؤل هل يريد هؤلاء فعلاً ولادة المحكمة أم يريدون استعمالها قميص عثمان لامرار المخططات التي وضعها الخارج ضد لبنان وأوكل اليهم أمر تنفيذها".
وفي هذا الاطار، اعتبرت "ان كلام النائب الحريري على ان رئيس الجمهورية البنانية هو رهينة عند الرئيس بشار الاسد، هو قمة الهراء والتزوير وهو يدلي به لاخفاء حقيقة لا لبس فيها تؤكد انها ورفاقه هم الذين باتوا رهائن وأسرى لدى الدول التي تجاهر بدعمهم وتأييدهم وتدفعهم الى مواقف ستؤدي بالبلاد، في حال استمرت، الى وضع خطير تتجلى ملامحه يوماً بعد يوم، لانهم لو لم يكونوا أسرى لدى هذه الدول لأدركوا بعدما شاهدوا ان لا مفر لهم من محاورة شركائهم في الوطن والتوافق معهم على تشكيل حكومة وحدة وطنية تضمهم جميعاً لأن في لبنان لا غالب ولا مغلوب - كما قال الحريري نفسه - الذي يبدو انه يقول شيئاً ويضمر اشياء أخرى، او انه لا يدري ماذا يقول، ويضيع بين ما يفكر فيه وما يرده من تعليمات وأوامر للتنفيذ".
واشارت المصادر الى "ان رئيس الجمهورية اللبنانية لم يتصرف يوماً الا بوحي من اقتناعاته وخياراته الوطنية والقومية، وبما يراه خيراً لبلده ولشعبه ولم تغمّس يداه يوماً بالدم، في حين ان الاخرين ومنهم النائب الحريري ورفاقه، يأخذون البلد الى المواقع التي يحددها لهم الخارج الذي لن يقدم مصلحة لبنان على مصالحه الذاتية". ونصحت الحريري ومعاونيه بالعودة الى حديث الرئيس السوري بشار الاسد الى جريدة "الحياة" قبل اشهر والذي اكد فيه "ان الرئيس لحود كان من اصعب المسؤولين السياسيين الذين تعاطت معهم سوريا". وحذرت الحريري من "ان الاستمرار في اطلاق الاتهامات والاهانات في حق رئيس الجمهورية، سيؤدي الى ردود مماثلة لأن من كان منزله من زجاج لا يراشق الناس بالحجار، فكيف اذا كانت الملفات التي تدين هؤلاء كثيرة، سواء ما يتعلق منها بمواقفهم السياسية او الاجتماعية". وأعربت عن املها في ألا تضطر الى كشف هذه الملفات، لانه "اذذاك ستسقط الاقنعة عن كثير من الوجوه".
وامتنعت المصادر عن الرد على تصريحات الوزير اللبناني مروان حماده يتناول في معظمها رئيس الجمهورية بالتجريح والاساءة مكتفية بـ"ان الاناء ينضح بما فيه"، لكنها توقفت عند قول حماده بأنه سيحاسب الرئيس لحود امام محكمة الرؤساء والوزراء، وقالت: "اذا كان ثمة من يجب محاكمته امام هذه المحكمة، فهم اولئك الذين ارتكبوا في الوزارات التي تسلموا مسؤولياتها على مرّ السنين مخالفات متنوعة، والذين حظوا خلال السنوات الماضية بحمايات مختلفة لا سيما حماية الجهة التي انقلبوا عليها بعدما كانوا يضربون بسيفها".
وخلصت الى "ان الاكثرية الموقتة، رئيساً واعضاء، تتحمّل مسؤولية ايصال الوضع في البلاد الى هذه الحال، وبالتالي فاذا كانت هذه الاكثرية حريصة على مصلحة لبنان كما تدعي، فالاجدر بها أن تعترف بالواقع المستجد في البلاد، وتوقف المكابرة والعناد وحملات التجريح والتشكيك والاهانات، وتقبل بتشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها جميع الاطراف، وكفى استئثاراً وتسلّطاً وهيمنة ورهاناً على الخارج، وقبولاً بتنفيذ مخططاته التي ادخلت البلاد في دائرة الخطر".
المصدر: النهار
إضافة تعليق جديد