سيناريوهات إسرائيلية متعددة لما بعد تقرير فينوغراد

01-05-2007

سيناريوهات إسرائيلية متعددة لما بعد تقرير فينوغراد

يجمع المعلقون على أن الحلبة الإسرائيلية ما بعد «لجنة فينوغراد»، لن تكون البتة ما كانت عليه قبل التقرير المرحلي عن إخفاقات حرب لبنان الثانية. ويعتقد كثير منهم أن المرحلة الحاسمة هي تلك الواقعة بين موعدي نشر التقريرين المرحلي والنهائي للجنة فينوغراد ـ أي الفترة بين أيار وتموز.
ويرى هؤلاء أن تغييرات كبيرة سوف تطرأ على الحياة السياسية في إسرائيل، حتى إذا لم تكن جذرية. فتقرير فينـوغراد أخرج الكثير من القوى عن صمتها وأظـهر الكثير من مواضع الخلل السياسية والعسكرية والأهلية التي تحتاج إلى تصحيح. وهذا ما خلق حركية سياسية افتقدتها الحلبة الإسرائيلية في الأعوام الأخيرة.
وفي هذا الإطار، حاول متخصصون في الوضع الداخلي الإسرائيلي تلخيص سيناريوهات الفعل الإسرائيلي في فترة ما بعد تقرير فينوغراد المرحلي، وتتراوح بين تغييرات طفيفة تطرأ على الوضعين الائتلافي والحكومي والذهاب إلى انتخابات مبكرة.
وتعتمد السيناريوهات المحتملة إلى حد كبير على شدة الانتقادات والتعابير التي سيحملها التقرير ومدى تأثير ذلك على مواقف القوى السياسية وحركة الاحتجاج الشعبية. وفي كل الأحوال فإن أحدا لا يعتقد أن التقرير بذاته قادر على إحداث التغيير، وإنما يرى هؤلاء أن آثاره سواء على الصعيد الانتخابي أو الاحتجاجي، هي ما يمكن التعويل عليه.
فلا أحد في إسرائيل يقلل من أهمية التقرير الذي يجري الحساب الأولي مع من كانوا وراء مقتل 119 جنديا و44 مدنيا، ووراء تآكل قدرة الردع وتدني المعنويات وبقاء مئات آلاف الإسرائيليين تحت رحمة صواريخ حزب الله لأكثر من شهر.
ويتحدث سيناريو التغيير الطفيف عن صمود إيهود أولمرت أمام الضغوط وترك الزمن يفعل فعله في تبديد أثر الحملات ضده من خلال تشكيل لجان لتنفيذ توصيات «لجنة فينوغراد». وعن طريق ذلك يتجاهل، وفق «هآرتس»، التظاهرات وينتظر أن يتحول منتقدوه من شن الحملات ضده إلى الإشادة بقدرته على الصمود وربما جرأته على دفن التوصيات إلى جانب تقارير لجان أخرى سبقتها.
ومع الوقت يحاول أولمرت خلق جدول أعمال بديل، كتحريك العملية السيـاسية أو طرح خطط بعيدة المدى لتحقيق الســلام ربما تصرف الأنظار عن آثار الحرب. ولا يستبعد البعض أن تصرف الأنظار عن حـرب لبنان بحرب أخرى تقع في المنطقة إما بمبادرة أميركية ضد إيران أو لسوء تقدير على الجبهة السورية.
كما أن الإعلام سوف ينصرف بعد وقت قصير إلى الاهتمام بالحملة الانتخابية في حزب العمل، والتي قد تقود إلى تغــيير الزعامة فيـه وبالتالي إلى تغيير وجوه الحزب ومناصبهم في الحكومة. ويتوقـع أولمرت أن يفوز إيهود باراك مما سيمنح للحكومة روحا جديدة داخليـا وخارجيا تتيح له امتلاك أوراق لمواجهة التقرير النهائي للجنة فينوغراد وقيادة الحكومة طوال فترة ولايتها. وهو يأمل، من خلال سيناريو مماثل، أن يترك منصبه ولو في العام المقبل من دون أن يرتبط هذا الرحيل بالحرب في لبنان.
يتحدث عدد من قادة حزب «كديما» الحاكم عن صعوبة مواجهة عواقب التقرير، إذا نص صراحة على أن أولمرت شخصيا فشل في قيادة الحكومة في الحرب. ويرى هؤلاء أن لا حل في وضع كهذا سوى استقالة أولمرت، إذا أراد «كديما» مواصلة الحياة. وفي المقابل، فإن مقربين من أولمرت يشددون على أنه ليس ثمة ما يستدعي الاستقالة، خصوصا أن تقرير فينوغراد المرحلي لا يتضمن أي توصيات شخصية. ومع ذلك فإن قلة من مستشاري أولمرت، وبعد قراءتهم للواقع الإسرائيلي، نصحوه بالإعلان عن أنه أخطأ وأنه يتحمل العواقب وبالتالي يقدم استقالته.
وبرغم أن هذا السيناريو مستبعد جدا، نظرا لطبيعة أولمرت ولمستوى خلفائه في «كديما»، فمن الصعب أن يقدم على خطوة كالاستقالة التي تعني اندفاع «كديما» إلى ترشيح القائمة بأعماله تسيبي ليفني، خليفة له. فقد تعامل هو ورجاله مع ليفني طوال الوقت وكأنها تخطط للانقلاب عليه والتآمر مع خصومه من أجل إزاحته عن رئاسة الحكومة.
يشـكل احتـمال انهيار حكــومة أولمـرت هاجـسا قويـا لـيس في إسرائيل وحسب وإنما في العديد من عواصم المنطقة والعـالم. فالانهـيار يعني دخول إسرائيل مرحلة المجــهول مؤقتــا باتجاه إعــادة تركيب الوضع، على الأغلب، لمصلــحة رئيس حزب الليكود اليميني بنيامين نتنياهو. وانهيار حكومة أولمرت ممـكن عبر احد احتــمالين: تمـرد قــطاع من أعضاء الكنيست من «كديما» علــيه، أو تمرد مكونـات ائتلافية مهمة مثـل حـزب العـمل أو اجـتماع «شـاس» و«إسـرائيل بيـتنا» ضـده.
وبرغم أن هناك إشارات متعددة على احتمالات تنفيذ انقلاب في «كديما» ضد أولمرت، إلا أن أيا منها لن يتحقق قريبا. وتم الحديث مؤخرا عن فكرة قيام عشرة من أعضاء الكنيست من «كديما» بالانشقاق عن هذا الحزب والانضمام لليكود، ما يجعل الليكود الحزب الأكبر وربما القادر على تشكيل حكومة جديدة برئاسة نتنياهو. كما جرى الحديث عن احتمال قيام 15 عضوا من «كديما» بتوجيه إنذار لأولمرت للاستقالة أو أنهم سيطيحون به.
ولكن يمكن للحكومة أن تنهار أيضا إذا عمل حزب العمل، قبل الانتخابات أو بعدها، بسبب تقرير فينوغراد أو من دونه، على الانسحاب من الحكومة والانتقال للمعارضة. كما أن الأمر ممكن أيضا إذا انشقت القوى اليمينية في الحكومة ممثلة بإسرائيل بيتنا بزعامة أفيغدور ليبرمان أو شاس بزعامة إيلي يشاي.
ويستبعد المعلقون احتمال الانهيار، بسبب ما يبدو من انعدام الرغبة لدى كل قوى الائتلاف في حدوث هزة حقيقية تقود إلى انتخابات مبكرة. ومع ذلك فإن الانهيار قد يحدث جراء تصاعد الاحتجاجات الشعبية وهو ما حدث في الماضي لحكومتي غولدا مئير بعد حرب تشرين في العام 73 ومناحيم بيغن بعد حرب لبنان في العام .82

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...