سورية على مفترق طرق

11-05-2011

سورية على مفترق طرق

الجمل: نشر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي التابع لجامعة تل أبيب ورقة بحثية أعدها عميد كلية العلوم الإنسانية بالجامعة، البروفيسور إيعال زيسر، سعت إلى مقاربة الحدث السوري، وفق فرضية حملها عنوان: سوريا الأسد على مفترق الطرق: فما هي معطيات مقاربة البروفيسور الإسرائيلي إيعال زيسر للحدث السوري. وما هو المنظور الأمني ـ الاستراتيجي الإسرائيلي الذي سعت الورقة إلى التعبير عنه؟

* معهد الأمن القومي الإسرائيلي: مقاربة البروفيسور إيعال زيسر للحدث السوري

يعتبر معهد الأمن القومي الإسرائيلي التابع لجامعة تل أبيب من أبرز وأهم مراكز تقديم الدعم والمساندة لعملية صنع القرار الأمني ـ العسكري ـ السياسي الإسرائيلي، وفي هذا الخصوص، فقد سعى المعهد إلى نشر ورقة بحثية أعدها البروفيسور إيعال زيسر، قام من خلالها بمقاربة الحدث السوري، وفقاً للمعطيات والنقاط الآتية:البروفيسور إيعال زيسر
•    ظلت دمشق تتمتع بفترة استقرار سياسي امتدت لحوالي ثلاث حقب، وذلك بعد نجاح دمشق في القضاء على تمرد حركة الإخوان المسلمين في منطقة حماة.
•    موجة الاحتجاجات الشرق أوسطية التي عصفت بالمنطقة، وأطاحت بنظام الرئيس بن علي التونسي ونظام الرئيس المصري حسني مبارك، ليس غريباً أن تنتقل عدواها إلى سوريا.
•    توقعت دمشق، أن لا تشهد سوريا حدوث أي احتجاجات، وذلك لعدم تشابه أوضاع سوريا مع الأوضاع المصرية والتونسية التي ولدت الاحتجاجات التي أسقطت النظام.
•    بدأت الاحتجاجات السورية في يوم 18 آذار (مارس) 2011م، وأعقبها:
ـ انتشار الاحتجاجات في كافة أنحاء سوريا.
ـ فشل جهود دمشق في احتواء الاحتجاجات.
ـ استمرار الاحتجاجات عن طريق المظاهرات بعد الصلاة في كل يوم جمعة في كل المدن لجهة المطالبة بالحرية.
ـ أصبحت قوات الأمن تنخرط في المواجهات المستمرة من أجل احتواء الاحتجاجات.
•    اهتزت صورة دمشق القوية بسبب هذه الاحتجاجات.
•    بدت دمشق أكثر صموداً ووقوفاً من أجل خوض المواجهة بالحرب والنار.
•    حشدت دمشق أنصارها الذين خرجوا في مواكب حاشدة إظهاراً لدعم دمشق.
•    تتمتع دمشق بالدعم والسند القوي بواسطة أجهزة الجيش والشرطة والأمن، وذلك بخلاف النظامين التونسي والمصري السابقين.
•    بسبب دعم أجهزة الجيش والشرطة والأمن القوي لدمشق، فإنها سوف لن تتردد في استخدام القوة لقمع الاحتجاجات.
•    في 30 آذار (مارس) 2011م، تحدث الرئيس السوري بشار الأسد أمام البرلمان السوري، مؤكداً:
ـ إظهار المزيد من الثقة بالنفس.
ـ إظهار المزيد من التصميم على خوض المواجهة ضد خصوم دمشق.
ـ إلقاء اللوم والمسؤولية على إسرائيل وحلفائها الأمريكيين والأوروبيين الغربيين، والشرق أوسطيين الذين انخرطوا في إنفاذ المخطط الإسرائيلي ضد دمشق.
•    استمرت المظاهرات الاحتجاجية، وأصبحت تحدث أسبوعياً عقب صلاة الظهر كل يوم جمعة.
•    لم تقدم دمشق أي تنازلات، ولم تنجح الدعوة لتكوين اللجان الخاصة المعنية بدراسة الإصلاحات المطلوبة.
استندت ورقة البروفيسور الإسرائيلي إيعال زيسر على هذه المعطيات كأساس سعى أساسه أن يقيم نقاطه التحليلية، ونلاحظ في هذه النقاط أن البروفيسور إيعال زيسر، لم يحالفه التوفيق، لأن هذه المعطيات لا تجد الوقائع الميدانية الحقيقية التي تساندها، فهو وإن كان من جهة تحدث عن حركة الاحتجاجات باعتبارها أحدثت اهتزازاً وضعفاً في موقف دمشق، فإنه من الجهة الأخرى تحدث قائلاً، وفي نفس الورقة بأن دمشق قد أظهرت المزيد من الثقة والمزيد من التصميم على مواجهة خصومها.

* السياق التحليلي لورقة البروفيسور الإسرائيلي إيعال زيسر

على أساس الاعتبارات التحليلية، ومحاولات ربط المقدمات بالنتائج، يمكن الإشارة إلى المفاصل التي برزت في ورقة البروفيسور زيسر على النحو الآتي:
•    تحدث البروفيسور إيعال زيسر قائلاً بأن الواقع السوري يتشابه بقدر كبير مع الواقع المصري والواقع التونسي، ونلاحظ هنا أن هذا التشابه بالمعنى الذي أشارت إليه الورقة غير موجود، وعلى سبيل المثال لا الحصر، نشير إلى الخلافات الآتية:
ـ تختلف الكتلة الديموغرافية المصرية عن نظيرتها السورية، لجهة العدد، والمكونات، والهويات الفرعية، بل وحتى بالنسبة لمعطيات الماضي التاريخي القديم. فسكان مصر في حدود 80 مليوناً، بينما سكان سوريا في حدود 25 مليون، ويتكون سكان سوريا من كتلة إسلامية تتفرع إلى أربعة مكونات (سنة ـ شيعة ـ علويين ـ إسماعيليين) وكتلة مسيحية تتفرع إلى حوالي ستة مكونات (روم كاثوليك ـ روم أرثوذوكس ـ بروتستانت ـ سريان كاثوليك ـ سريان أرثوذوكس ـ أرمن ...الخ)، إضافة إلى وجود الموحدين الدروز، مع وجود كتل إثنية: عرب ـ أكراد ـ أرمن ـ شركس، وفي سوريا الثقافية توجد حوالي 16 لهجة ولغة محلية، بما في ذلك اللغة العربية التي تتضمن تنوعاً من اللهجات. أما في مصر فنجد مسلمين سنة، ومسيحيين أقباط، مع وجود كتلة إثنية نوبية.
ـ تختلف الكتلة الديموغرافية السورية، بقدر كبير جداً عن الكتلة الديموغرافية التونسية لنفس الأسباب.
أما على أساس الاعتبارات، التي حفزت لصعود الاحتجاجات التونسية والمصرية، فهي تتمثل: اقتصادياً في تزايد معدلات الفقر الحضري بشكل غير مسبوق في مصر، وعلى وجه الخصوص في العاصمة المصرية القاهرة، التي كشفت المعلومات عن وجود حوالي مليون شخص في العاصمة وحدها يفترشون الطرقات وينامون داخل أسوار المقابر.
وبالنسبة لتونس، فإن ظاهرة الأزمة الاقتصادية أخذت بعداً ضاغطاً بسبب نجاح الأوروبيين في الحد من موجات هجرة الشباب التونسي، بما أدى إلى حدوث صدمتين اقتصاديتين في تونس، الأولى تمثلت في زيادة البطالة. والثانية تمثلت في انخفاض معدلات التحويلات النقدية الأجنبية غير المنظورة التي ظل الاقتصاد التونسي يحصل عليها سنوياً من الخارج، وإضافة لذلك بالنسبة للعوامل السياسية، فمن المعروف مدى العلاقات والروابط الوثيقة التي ظلت تجمع بين نظام زين العابدين بن علي، ونظام حسني مبارك مع محور واشنطن ـ تل أبيب. الأمر الذي لم يجلب لزين العابدين بن علي وحسني مبارك سوى غضب الشعبين التونسي والمصري.
إن جميع هذه النقاط تشير بوضوح إلى عدم وجود التشابه بين الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي حدثت في تونس ومصر، والأوضاع الاقتصادية والسياسية الموجودة في سوريا، وعلى ما يبدو فإن البروفيسور الإسرائيلي إيعال زيسر سوف يحتاج إلى وقت أطول لكي يقوم بالتدقيق الفاحص من أجل إثبات وجود التشابه الذي أشار افتراضاً إلى وجوده.
وسعى بعد ذلك إلى محاولة التأسيس عليه، على أساس اعتبارات أن التشابه في الظروف معناه، أن هناك تشابهاً في الدوافع بين الحدث السوري والحدثين التونسي والمصري.
•    تحدث البروفيسور زيسر في ورقته قائلاً بأن سكان المدن السورية الرئيسية يشكلون أكثر من نصف سكان سوريا، وحتى الآن لم يشارك هؤلاء السكان في الاحتجاجات. وتفادى زيسر الإجابة على سبب عدم مشاركتهم. ثم تحدث قائلاً بأن سكان المدن السورية إذا شاركوا فإن دمشق لن تستطيع احتواء الاحتجاجات أو السيطرة عليها (ونلاحظ هنا أن زيسر تحدث عن حالة إذا شاركوا، وتفادى أيضاً الحديث عن حالة إذا لم يشاركوا)، ومن الواضح أن البروفيسور زيسر يدرك جيداً ظاهرة عدم مشاركة سكان المدن السورية الكبرى، في هذا الحدث، ولكنه وبرغم ذلك، فقد تفادى استخدام قدراته كبروفيسور جامعي في العلوم الإنسانية لجهة التوصل لأي تفسير علمي لظاهرة امتناع سكان المدن السورية عن المشاركة. وعلى الأغلب أن البروفيسور زيسر يعرف الإجابة التفسيرية، ولكنه على الأغلب سعى لتفادي الإقرار بهذه الإجابة، لأنها، على الأقل لن تكون منسجمة مع هدف ورقته البحثية الرئيسي وهو التسويق لبشارة "إضعاف دمشق"، عن طريق استمرار استدامة الاحتجاجات دون التوصل إلى أي حل، بما يرهق الاقتصاد السوري ومعنويات السوريين على السواء. المؤيدين لدمشق والمعارضين لها.
انتهت ورقة البروفيسور الإسرائيلي إيعال زيسر إلى طرح سؤال هام ينطوي على قدر كبير من الخبث، عندما قال: إن موجة الاحتجاجات السورية برغم مرور فترة شهرين تقريباً، لم تنجح في تحقيق ما حققته موجة الاحتجاجات التونسية وموجة الاحتجاجات المصرية، وبالتالي من الصعب معرفة ما الذي سوف يحدث في سوريا خلال الأسابيع القادمة. والأكثر صعوبة هو معرفة إلى أين سوف تتجه سوريا على المدى الطويل، إذا فشلت هذه الاحتجاجات في تحقيق ما هو مطلوب، (أي ما هو مطلوب إسرائيلياً بالطبع).

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

التعليقات

من خلال قرائتي لبعض الدراسات الاسرائيلية فاني لاحظت ابتعادهم عن المنطق ووضع امانيهم في الابحاث ولا ادري السبب مع ان هذا الاسلوب في النهاية غير مفيد لهم اولا

لماذا لا تذكروا هنا مقولة الملياردير السوري الشهير لصحيفة أميريكية بأن استقرار النظام السوري يعني استقرار في اسرائيل

إن أغلب الدرسات الإسرائيلية تنطوي على الكثير من الخبث.. فحبذا لو أرفقت كل دراسة تنشر على الموقع بقراءة تحليلية للذراسة من قبل أشخاص موضوعين ووطنينين لتفكيك وتوضيح بعض نقاط هذه الدراسة حتى يصبح لداى المتابع والقارئ العادي من الخبرة والمهارة والمعرفة ما يكفي ليتمكن بعد وقت من تحليل أو فهم ابعاد أبعاد أي دراسة تصدر من قبل العهدو الاسرائيلي أو غيره.

أولا، إن أي تقرير يكتبه اسرائيلي هو حتما، لغة داخلية اي تهدف لتكوين فكرة معينةلدى الداخل الإسرائيلي، وهذا مايبرر عدم خوضه في عدة نقاط جعلت تقريره ناقصا. ثانيا، لدي سؤال ملح لكاتب المقال أعلاه، لماذا أفردت الأخوة الموحدين عن المسلمين؟ لماذا لم تشملهم مع باقي الكتله الإسلامية؟ أعتقد أنه خطأ فادح وغيرمقبول.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...