سوريا تشكو تركيا والمسلحون واثقون من فشل مهمة الوساطة
بدا أمس أن الخطة التي يفترض أن يطرحها المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، ليست وشيكة، وذلك بعد إعلانه أمس الأول أنها لن تكون جاهزة قبل الاستماع إلى الأطراف الداخليين والإقليميين والدوليين، قبل أن يعود أمس الى القاهرة حيث سيلتقي اليوم الرئيس المصري محمد مرسي وأعضاء «الرباعية» قبل أن ينتقل إلى نيويورك، حيث تنطلق اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس المقبل، ومن ثم يفترض أنه سيقوم بجولة على دول جوار سوريا وأخرى لها تأثير على الوضع هناك.
وعلى الرغم من إعلان الإبراهيمي في دمشق أمس الأول أن لا خطة جاهزة لديه، نعى مسلحو «الجيش الحر» أمس مهمته، معتبرين سلفا انها ستفشل، وذلك غداة الكشف عن شحنة اسلحة حجمها 400 طن تلقاها المسلحون عبر الحدود التركية. وطالبت دمشق مجلس الأمن الدولي بالتحقيق في قيام الحكومة التركية بتدريب «آلاف الإرهابيين» وتمريرهم إلى سوريا، بالإضافة إلى نقل الأسلحة عبر أراضيها إلى المسلحين.
ودعا الرئيس السوري بشار الأسد خلال لقائه الإبراهيمي، الذي أنهى زيارة إلى دمشق استمرت أربعة أيام عقد خلالها اجتماعات مع مسؤولين سوريين وقادة في المعارضة، إلى حوار «يرتكز على رغبات السوريين»، رابطا بين نجاح العمل السياسي و«الضغط على الدول التي تقوم بتمويل وتدريب الإرهابيين وتهريب السلاح إلى سوريا لوقف مثل هذه الأعمال».
وأجرى الإبراهيمي، قبيل مغادرته دمشق، حوارا عبر «سكايب» مع «قادة في الجيش الحر». وأعرب «رئيس المجلس العسكري في حلب» العقيد عبد الجبار العكيدي عن «ثقته بأن الإبراهيمي سيفشل كما فشل الموفدون الذين سبقوه، لكننا لا نريد أن نكون سبب هذا الفشل». وقال «نحن واثقون من أنه سيفشل، لأن المجتمع الدولي لا يرغب فعلا بمساعدة الشعب السوري».
وكان الإبراهيمي أعلن، بعد اجتماعه مع الأسد، أن «أساس عمله هو مصلحة الشعب السوري وتطلعاته، وأنه سيعمل باستقلالية تامة، تكون مرجعيته الأساسية فيها خطة (كوفي) انان وبيان جنيف»، مضيفا أن «أي نقاط أخرى تتم إضافتها أو تعديلها ستكون بالاتفاق مع جميع الأطراف».
وكرر وصفه «للمهمة الموكلة إليه بأنها صعبة»، معتبرا أن «الأزمة في سوريا خطيرة جداً وتتفاقم، وتشكل خطراً على الشعب السوري والمنطقة والعالم كله». وقال «ليست لدي خطة في الوقت الراهن»، مشيرا إلى انه سيضع خطته بعد الاستماع إلى الأطراف الداخليين والإقليميين والدوليين.
وقال المتحدث باسم المبعوث الدولي أحمد فوزي إن الإبراهيمي، الذي انتقل من دمشق إلى القاهرة قد يلتقي مرسي، لإطلاعه على نتائج زيارته إلى دمشق. وأشار إلى أن الإبراهيمي سيلتقي الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، وأعضاء اللجنة الرباعية المعنية بالوضع في سوريا. وسيعقد العربي مؤتمرا صحافيا غدا قبيل سفره إلى نيويورك.
وأعلن فوزي أن المبعوث الدولي سيتوجه من القاهرة إلى نيويورك للقاء عدد من الرؤساء والوفود المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، للتشاور بشأن الوضع في سوريا على ضوء زيارته إلى دمشق، ومن بعدها سيبدأ جولة مطولة في عدة دول في المنطقة، خاصة دول الجوار لسوريا والدول التي لها نفوذ في المنطقة، من أجل التباحث حول الأزمة السورية واستعراض وجهة نظرها بشأن التطورات فيها.
وأعلن الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الباكستاني آصف علي زرداري، «أنه يجب تشكيل مجموعة للاتصال مع الطرفين (المعارضة والحكومة) في سوريا من اجل الدفع بالأمور باتجاه إرساء الاستقرار والسلام والتفاهم».
وذكرت وزارة الخارجية السورية، في رسالتين وجهتهما إلى رئيس مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة، «أوضحنا في رسائلنا السابقة وقوف عدد من الدول والأطراف المتشددة خلف المجموعات الإرهابية المسلحة، والمتمثلة بتنظيمات القاعدة والتكفيريين والسلفيين والوهابيين التي تعمل على تدمير سوريا، وتعلن ليل نهار عن قيامها بقتل المدنيين الأبرياء فيها وتخريب البنى التحتية من مدارس وخطوط نقل الطاقة ومعامل ومبان حكومية وممتلكات خاصة، بهدف إنشاء موطئ قدم لهذه المجموعات للانطلاق إلى أجزاء أخرى من العالم لتنفيذ أجنداتها التدميرية».
وأضافت أن «ما يؤسف له في هذا الإطار قيام الحكومة التركية التي ادعت لسنوات ليست بالقليلة مكافحتها للإرهاب في الوقت الذي تقوم فيه بدعم كل العناصر الإرهابية، وتفتح أمامها مطاراتها وحدودها مع سوريا لتقوم بأعمالها الإرهابية ضد الشعب السوري، في انتهاك صارخ للقانون الدولي ولقواعد حسن الجوار، وتنكّر لعملية مكافحة الإرهاب. وفي هذا الإطار سمحت الحكومة التركية بدخول آلاف من هؤلاء القتلة من إرهابيي القاعدة والتكفيريين والوهابيين إلى سوريا ليمارسوا جرائمهم بقتل السوريين الأبرياء وتفجير ممتلكاتهم وتقطيع أجسادهم ونشر الفوضى والخراب في سوريا».
وأشارت الوزارة إلى أن «الحكومة التركية لم تكتف باستضافة التنظيمات المعادية لسوريا التي جاءت من بلدان عربية وغيرها وبتزويدها بالمال والسلاح، بل قامت بفتح معسكرات لتدريب الإرهابيين واستقبالهم واحتضانهم»، لافتة إلى أن «أحد أعضاء البرلمان التركي من المعارضين قال عن النازحين الذين تدعي السلطات التركية استضافتهم في مخيمات أنشأتها قبل بدء الأحداث في سوريا إنهم عبارة عن تشكيلة من المقاتلين المتدينين الجدد، وما الضمان بأن هؤلاء المقاتلين لن يقاتلوا يوما ما ضد تركيا».
وتابعت الوزارة إن «أجهزة الإعلام العالمية تحدثت خلال الأشهر الأخيرة عن قيام الحكومة التركية بشكل خاص باستقبال مئات الأطنان من الأسلحة الآتية من ليبيا وغيرها من تجار وسماسرة الإرهاب في دول أخرى، وإيصالها إلى عناصر القاعدة والجهاديين المتواجدين في سوريا، في تحد صارخ لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ناهيك عن الأسلحة التركية التي ضبطتها الجهات السورية المعنية مع الإرهابيين وعصابات الإجرام في سوريا». ودعت «مجلس الأمن ولجانه المختصة إلى التحقيق الفوري بهذه المعلومات الخطيرة التي لم تعد سرية والمنشورة في الكثير من أجهزة الإعلام العالمية، والمعروفة لدى عدد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد