دمشق وموسكو تنتقدان حوار واشنطن مع «إرهابيين» و"الجزيرة" تلمع الإرهابي أبو محمد الجولاني
في توقيت لافت، مع اختلاط اوراق مشهد التنظيمات العسكرية على الأرض السورية، ومحاولة الولايات المتحدة الانفتاح على تنظيم «الجبهة الاسلامية»، ظهر زعيم تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي ابو محمد الجولاني عبر قناة «الجزيرة» القطرية، ليتحدث عن مستقبل سوريا كما يراه، محكوما بالشريعة الاسلامية.
وفي مقابلة تلفزيونية هي الأولى من نوعها، سعى الجولاني الى تبديد تهمة «التكفير» التي يمارسها «الجهاديون» في سوريا، قائلا في الوقت ذاته إن «النصرة» ستترك للجان شرعية ورجال دين وضع خطة لإدارة سوريا «قائمة على الشريعة». وجاء ذلك في وقت انتقدت كل من دمشق وموسكو الولايات المتحدة لسعيها الى إجراء مفاوضات مع «الجبهة الإسلامية» وضمّها الى «ائتلاف» المعارضة في مؤتمر جنيف الدولي.
وقال الجولاني، الذي لم يظهر وجهه وتم تصويره من الخلف في مقابلة مع المراسل تيسير علوني، «بالنسبة لنا كمنهاج شرعي لجبهة النصرة تجاه الأشياء، نحن ننضبط بضوابط الشرعية وفق الكتاب والسنة، ونشنع ونعنف كل من يغلو في تكفير الناس والمجتمعات، ونعتقد أن عامة المجتمع في سوريا هو مسلم، وعامة المجتمع التركي مسلم، وعامة المجتمع المصري مسلم. وننكر على كل من يقول إن هذه المجتمعات هي في الأصل فيها الكفر وما شابه ذلك، بل نعنف ونعاقب من يقترف هذا الحكم بغير علم ودراية من الله عز وجل».
وقال السفير الأميركي لدى سوريا روبرت فورد، في مقابلة مع قناة «العربية» بثت أمس، إن «الجبهة الإسلامية رفضت الجلوس معنا، من دون ذكر أسباب ذلك». وأضاف «نحن مستعدون للجلوس معها، لأننا نتحدث مع جميع الأطراف والمجموعات السياسية في سوريا».
وفي 22 تشرين الثاني الماضي، أعلنت سبعة تنظيمات إسلامية انضواءها في تحالف «الجبهة الإسلامية». وأعلنت واشنطن ولندن، الأسبوع الماضي، تعليق مساعداتهما بالمعدات العسكرية «غير القاتلة للجيش السوري الحر» في شمال سوريا بعد استيلاء «الجبهة الإسلامية» على مخازنه ومقراته عند معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا. يذكر أن الجبهة لا تعترف بـ«المجلس العسكري الأعلى للجيش الحر».
وحول ما تردد عن أن مؤتمر «جنيف 2» قد لا يؤدي إلى تنحي الرئيس السوري بشار الأسد، قال فورد «موقفنا ثابت منذ بداية الثورة، بشار الأسد فقد الشرعية بشكل كامل»، مكررا أنه «لا دور للأسد في المرحلة الانتقالية». واعتبر ان «الائتلاف السوري المعارض هو الممثل الشرعي للشعب»، مشدداً على «ضرورة التنسيق بين كافة القوى المعارضة لحل الأزمة السورية».
وقال إن «الأنباء التي يتم تداولها عن صيغة حكم انتقالي في سوريا غير دقيقة. كيف يمكن الحديث عن تفاصيل الحكم في سوريا قبل انعقاد جنيف 2 بحيث تكون هناك مناقشات بوجود وفد من النظام ووفد من المعارضة».
وردا على المصادر التي تحدثت لوكالة «رويترز» امس الاول، قال مستشار شؤون الرئاسة في مكتب رئيس «الائتلاف» منذر اقبيق إن «الدول الغربية الداعمة للمعارضة السورية كررت خلال اجتماع عقد اخيرا في لندن ان الاسد لن يكون له اي دور في المرحلة الانتقالية».
ونقلت وكالة (سانا) عن متحدث باسم وزارة الخارجية قوله إن السلطات السورية «تستغرب ما ورد على لسان وزير خارجية الولايات المتحدة والمتحدثة باسم الخارجية الأميركية مؤخرا حول عزم الولايات المتحدة إجراء مباحثات مع تنظيم الجبهة الإسلامية الإرهابي، بهدف بحث المساعدات الأميركية غير الفتاكة المزعومة، وتشجيعها على الانخراط في مؤتمر جنيف من أجل تحقيق تمثيل عريض لما أسمته الناطقة المعارضة السورية».
واعتبر أن «هذا الموقف المستهجن يتناقض مع مسؤوليات الولايات المتحدة، بوصفها عضوا دائما في مجلس الأمن الدولي، عن تنفيذ قرارات المجلس ذات الصلة بمكافحة الإرهاب والالتزام بها، ويؤكد فشل الولايات المتحدة في تشكيل وفد يمثل مختلف أطياف المعارضة لحضور مؤتمر جنيف».
وأضاف «لا ندري كيف ستبرر الإدارة الأميركية لرأيها العام حوارها مع تنظيم القاعدة في سوريا، في حين قام هذا التنظيم بتفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك، وكيف ستبرر موقفها هذا أمام الرأي العام العالمي، وهي التي قامت بغزو أفغانستان بذريعة مكافحة الإرهاب».
ورأى المتحدث باسم الخارجية انه «كان الأجدر بالولايات المتحدة أن تقرأ ميثاق الجبهة الإسلامية قبل أن تقرر الحوار معها»، مذكرا بأنها «تهدف إلى إقامة إمارة إسلامية، وتتفق بالفكر والإستراتيجية والأهداف مع جبهة النصرة ومنطلقاتها التكفيرية القائمة على الفتاوى الوهابية وعلى تكفير الآخرين».
وشدد على أن «سوريا، التي أكدت استعدادها للمشاركة في مؤتمر جنيف والمساهمة في نجاحه بغية تمكين السوريين من الحوار والاتفاق بينهم على مستقبل بلدهم، لا ترى مبررا قانونيا ولا أخلاقيا لمشاركة هذه التنظيمات الإرهابية المتورطة بسفك دم السوريين في مؤتمر جنيف، الذي يجب أن يضع مسألة مكافحة الإرهاب في صدارة جدول أعماله، بدلا من السماح لهؤلاء الإرهابيين الساعين لتنفيذ أجنداتهم التكفيرية المتطرفة عبر الإرهاب بحضور المؤتمر، وتدعو إلى الوقف الفوري للدعم المقدم إلى هذه التنظيمات الإرهابية».
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال «ساعة الحكومة» في مجلس الاتحاد الروسي في موسكو، «يبدو لي أن هناك إدراكا أن مكافحة الخطر الإرهابي يمثل المهمة الرئيسية التي تتطلب تنسيق جهود المجتمع الدولي، كما سيكون هذا الموضوع من المسائل الرئيسية التي سيبحثها المؤتمر الدولي الذي نأمل في أن يعقد في مونترو في 22 كانون الثاني المقبل».
وشدد على أن «المجموعات المسلحة التي تنشط في سوريا تمثل اليوم خطرا رئيسيا، ليس على سوريا فحسب، بل وعلى الشرق الأوسط برمته». وأضاف أن «الإرهابيين في سوريا يحاولون لبس أقنعة مختلفة، ويطلقون على أنفسهم جبهة إسلامية، ويزعمون أنها غير مرتبطة بتنظيم القاعدة، لكن يتبين أن الوضع مختلف تماما عندما نحقق فيه»، موضحا أن «هؤلاء، أتباع الأفكار الجهادية، لا يقبلون بمبدأ تعايش مختلف الطوائف في سوريا».
وكرر لافروف دعوته «الحكومة السورية والمعارضة إلى توحيد الجهود من أجل مكافحة الخطر الإرهابي، باعتباره العقبة الرئيسية التي تعرقل تسوية الوضع في البلاد». وأكد أن موسكو «متمسكة بتنفيذ جميع العقود الموقعة مع سوريا في مجالي الاقتصاد والتعاون العسكري - التقني».
من جهة ثانية، بدأ وفد من «الائتلاف الوطني السوري» المعارض، برئاسة احمد الجربا، زيارة إلى أربيل لبحث مسألة مشاركة القوى الكردية السورية في «جنيف 2»، في وقت تجري هذه القوى مباحثات بين بعضها البعض.
من جهة أخرى، قال ديبلوماسيون في الامم المتحدة ان الولايات المتحدة تقود حملة لدفع مجلس الامن الدولي الى اصدار بيان يدين تصاعد العنف في سوريا، وخصوصا في حلب.
ولم تعلق روسيا على الوثيقة التي تتطلب موافقة الدول الـ15 الاعضاء في المجلس لتبنيها، لكن ديبلوماسيين اوضحوا ان موسكو قد تطلب تعديل النص. وتدعو الوثيقة كل الاطراف «وخصوصا الحكومة السورية» الى احترام بيان سابق صدر في الثاني من تشرين الاول الماضي وطالب دمشق بتسهيل وصول المساعدات الانسانية.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد