دفعات جديدة من البقعة النفطية تصل إلى شاطئ طرطوس
تتواصل البقع النفطية بالتدفق الى ساحلنا، لذلك، ومنذ وصول البقعة النفطية الثانية والتي انتشرت حتى مسافة 8كم من الحدود السورية اللبنانية.
وتوالي تدفق بقع النفط من بعدها، توقفت عمليات تنظيف الشاطئ السوري، لأنه طالما لم يتم تنظيف الشاطئ اللبناني ستتوالى البقع النفطية الى شواطئنا، وما يخشى منه أنه في كل حملة تنظيف يتم قشط طبقة من رمال الشاطئ الملوث وترحيلها، ومع تكرار عمليات التنظيف، سنخسر معظم رمال الشاطئ، إذا استمر الوضع على ما هو عليه، لذلك كان الحل الوحيد، القيام بحملة متزامنة مع لبنان.
لمعرفة آثار العدوان الإسرائيلي على بيئة لبنان وسورية، وما أدى إليه قصف معمل الجية الحراري في بيروت وتسرب المحروقات الى مياه البحر ووصولها الى الشواطئ السورية، تحدّث الدكتور اكرم الخوري ـ مدير عام الهيئة العامة لشؤون البيئة فقال:
بداية كانت المشكلة أن البقعة النفطية مشتتة وتسير ملاصقة للشاطئ السوري، ووصولها كان مفاجئاً ومباشراً الى الشريط الساحلي، ما أدى الى تلوث المناطق السياحية والحساسة مثل الحميدية والمنطار، وأدى ذلك الى تعطل السياحة وتلوث شديد في الشاطئ السوري.
وكانت هناك بعض التأثيرات البيئية المباشرة، إذ تأثرت الطيور بالبقع النفطية نتيجة وصول المواد الزيتية الى أجسامها وريشها، وهذا ما أدى الى اختناقها أو غرقها.
كذلك كان هناك تأثير على الثروة السمكية والحيوانات البحرية من خلال حجب انحلال الأوكسجين ووصول المواد النفطية المنحلة بالماء الى أجهزتها التنفسية وما تحمله من مركبات هيدروكربونية خطرة كالحلقات البنزينية، وكذلك المعادن الثقيلة كالفناديوم والكادميوم.
أيضاً كانت هناك تأثيرات غير مباشرة مثل تلوث المناطق الشاطئية وخاصة المناطق الحساسة كالمناطق السياحية والشواطئ الرملية وأماكن تكاثر بعض الكائنات البحرية، وترسب المواد النفطية الى قاع البحر والجرف القاري وبالتالي التأثير على الطبقة النباتية، وتركز المواد الخطرة على أوراق النبات والاشنيات إضافة الى التأثير الاقتصادي على السياحة.
ويؤكد الدكتور الخوري أن المنظومة البحرية تعرضت للضرر، إلا أن درجة الضرر لا يمكن تقديرها الآن بشكل دقيق وتبقى من أهم الآثار البيئية تحول فيزيائي وكيميائي للموائل الطبيعية كاندماج الزيوت في الرسوبيات البحرية، وآثار اختناق فيزيائي على الحياة البحرية، ونفوق الأسماك والحياة البحرية الأخرى.
هناك آثار تتمثل بالغثيان والصداع والأمراض الجلدية للقاطنين في المناطق المتأثرة بالمشكلة أو للسباحين المعرضين للزيوت، ويستلزم الأمر إخضاع المحاصيل الزراعية، وبعض المنتجات الحيوانية من المزارع الساحلية المحاذية لمواقع التلوث النفطي للتحاليل المخبرية للكشف عن الملوثات الهيدروكربونية، كما لا ينصح بصيد الأسماك في مناطق الإصابة أبداً.
أما الآثار التي تركها العدوان على السياحة والتنوع الحيوي فلا يخفى على أحد أنه أثّر سلباً على القطاع السياحي بسبب عوامل الأمن، ونظراً للفترة الزمنية التي تستغرقها أعمال التنظيف للرمال والصخور، والشعاب السطحية، والنظم البيئية البحرية. ولكن التأثير على التنوع البيولوجي يصعب تحديده حالياً ولكن المؤكد أن انسكاب النفط سيلحق أذى كبيراً بالمنظومة البيئية.
يقول الدكتور الخوري: إن مكونات البقعة النفطية تختلف باختلاف مصدرها فقد تكون نفطاً خاماً أي يكون ثقيلاً وبالتالي فإن نسبة المواد ذات اللزوجة العالية مرتفعة، أي ستكون نسبة التبخر منخفضة وستستمر البقعة النفطية بأغلب حجمها لفترة طويلة ومن ثم سيكون هناك ترسب لأجزاء منه الى القاع.
أو يكون نفطاً خفيفاً والمشكلة أقل نتيجة تبخر الجزء الأكبر، ومع ذلك يتبقى جزء كبير منه طافياً، وهناك المشتقات النفطية وتختلف حسب نوعها والمضافات التي تحويها. وإجمالاً فإن عدم التمكن من حصر البقعة النفطية يؤدي إلى ضرورة المعالجة الطويلة والصعبة لغسل طبقات الرمال، وتعويم النفط ثم جمعه بالطرق اليدوية ونقله وتجميعه في أماكن مبطنة مجهزة تمهيداً لمعالجتها وتنظيفها.
تفيد دراسات الحركة المائية في مضيق جبل طارق أنه حسب المعدل السنوي للواردات فالبحر بحاجة لحوالي قرن لتجديد مياهه، كما أن طبيعة حركة التيارات البحرية هي أعقد من أن تسمح بعملية تجديد منتظمة، إجمالاً يمكن القول ان معدل التجدد يتباطأ وزمن مكوث الملوثات يتزايد كلما ابتعدنا شرقاً وهذا ما يعرض واجهة /مصر ـ فلسطين ـ لبنان ـ سورية ـ تركيا/ لمخاطر التلوث البحري العام، كما أنها تتحمل بدرجة أكبر من غيرها نتائج التلوث الذي تتسبب به باقي بلدان المتوسط إضافة الى التلوث الذي تنتجه بنفسها.
من المعروف أن البقعة النفطية انتشرت على شواطئ طرطوس من العريضة وحتى شاليهات النورس، وتصل دفعات جديدة وكميات إضافية من البقع من الشواطئ اللبنانية، ونتيجة الجولات الميدانية لوحظ وجود أسماك وأحياء بحرية نافقة، إضافة الى أن قطاع الصيادين توقف، وتضررت الشاليهات البحرية بشكل كبير، ناهيك عن تلوث كميات كبيرة من الرمل البحري بالنفط.
والجدير ذكره أنه لا يتوفر في مركز مكافحة التلوث في بانياس قاشط قادر على معالجة الزيوت عالية اللزوجة، ولا تستطيع وزارة الإدارة المحلية والبيئة الحصول على صور أقمار صناعية عن الوضع والتي تساعدها على عمليات الاستعداد والاستجابة للحالات الطارئة.
ولابدّ من القول: إن الكمية التي تم الاخبار عن تسربها الى البحر في الشاطئ اللبناني قد تؤدي الى وضع أسوأ على الشاطئ السوري، وذلك حسب التيارات والجو والكمية الحقيقية المتبقية في البحر.
وكان قد تم اقتراح إجراء مسح جوي للبقعة النفطية على الساحل السوري واللبناني من خلال اجتماع وزراء البيئة والخبراء في حوض المتوسط في أثينا وتقديم مساعدة بـ(50) مليون يورو لمعالجة البقعة النفطية، وقد يستغرق تنظيف بقعة النفط سنة كاملة، حسب تصريح المجموعة البيئية للسلام الأخضر في البحر المتوسط.
وبقي أن نذكر أن «إسرائيل» هي البلد الوحيد في العالم المعروف بأنه يسمح بعمليات طرح روتينية للنفايات الصناعية في البحر.
سناء يعقوب
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد