دستور واقعي لا ديمقراطي
أطالب بإقرار شريعة الغاب دستوراً لتنظيم غابتنا الوطنية، وبعدها سننظر فيما إذا كانت طوائفنا بمستوى الحصول على دستور عصري جديد.. دستور منكم يا أسيادنا وأهلنا المتعصبين، فقد ثبتت اللجنة المادة الثالثة في الدستور الجديد - القديم لإرضاء المعارضين قبل المؤيدين، وهي إذ تتناقض مع مقدمة الدستور الديمقراطية، فإنها تتوافق مع هوية الإندفاعة الثورجية، من الخليج الكويتي إلى المحيط المغربي: حيث الإسلاميون صاروا سادة الأراضي العربية، والوهابية السياسية هي منبع ومصب الثورات اليعربية؛ ولهذا بقيت ممالكها وأماراتها آمنة من انقلاباتها...
من هنا نؤكد على لاديمقراطية بعض مواد دستورنا الجديد لصالح واقعيتها، إذ يبدو كما لو أنها عُجنت وخُبزت في الجامع الذي تتنافس عليه المعارضة والسلطة منذ تأسيس الدولة الاسلامية (المستبدة العادلة).. وبما أن القرآن الكريم بمثابة (النظام الداخلي) لحزب الجامع، فمن الطبيعي اعتماده مصدراً لتشريع وتنظيم حياة المعارضين قبل المؤيدين، نظراً لاعتمادهم الجامع «قاعدة» لحراكهم الثورجي..
وبما أن عقدة المادة الثالثة قائمة منذ وُضِع أول دستور سوري، فإن لدي فتوى تحل هذه العقدة بالقول «أن الإيمان بالله شرط للوصول إلى الرئاسة، وأن الكتب السماوية مصدر رئيسي للتشريع».. ثم وبعد عقود من التربية العلمانية قد يتوصل أهل الغابة الوطنية إلى الإتفاق على اقتلاع النبتة الضارة من حديقتهم الدستورية.. أما بالنسبة لصلاحيات رئيس الدولة في الجمع بين رئاسة المؤسسات الثلاث: الجيش والحكومة والقضاء فهي لتجنيب البلاد من شرور الديمقراطية على الطريقة اللبنانية:( ثلاثة رؤساء من ثلاث طوائف، للبرلمان والحكومة والجمهورية) أي دولة بثلاث رؤوس، كل رأس يريد المسير باتجاه آخر يرفضه الرأسان الآخران.. إذن نحن أمام دستور سوري واقعي ولكنه ليس ديمقراطي، يهتم بالوحدة الوطنية السورية أكثر من اهتمامه بالديمقراطية، ولكنه يؤكد انحيازه إلى العلم والتعليم الذي تتعهد الدولة بمجانيته في كافة مراحله..
إن جملة «المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات» تختصر دساتير العالم العلماني الديمقراطي؛ أما في العالم الإسلامي الذي يشملنا فهناك دائما استثناءات دستورية، ليست في صالح المرأة ولا الأقليات، لهذا فإننا نعود إلى نقطة البداية التي انطلقنا منها في مطلع الاستقلال .. إلى مثلث الصراع الأول بين الإسلاميين والقوميين والشيوعيين المتمثل في الأحزاب التاريخية السورية الثلاثة.. ولهذا كنت بدأت مشروعي الثقافي قبل سنوات سبع بإعادة قراءة سيرة الآباء المؤسسين للنهضة والاستقلال في القرن العشرين، فأصدرت كتابين: "رواية اسمها سورية" و"نساء سورية" وأنجزت مخطوط " موسوعة الدراما التلفزيونية السورية في نصف قرن" لمعرفة أين يكمن الخطأ في مسيرة السوريين وكيف يمكننا تصحيحه . ثم أقدمت قبل عامين على نشر سلسلة مقالات بعنوان (الحلم السوري) في زاوية آفاق بجريدة «تشرين» بهدف فتح باب النقاش ثم .. أوقفها السيد ناجي العطري رئيس الحكومة السابق بعد تقريعه لوزير الإعلام في مجلس الوزراء وقيام الأخير بتوجيه عقوبة خطية إلى رئيسة التحرير مع أمر شفهي بمنع نشر مقالاتي في تشرين ، ليكرر الأمر ذاته الذي فعله قبله رؤساء الحكومة السابقين على السابق (ميرو والزعبي) غفر الله لهم ولنا ولواضعي الدستور الجديد الذي سأصوت على واقعيته وأحتج على عدم ديمقراطية بعض بنوده فيما بعد..
هامش عاطفي: قصة حب عمرها عشرون عاماً، أنا وأنت، قصة دوّنها أصدقاءنا في رواياتهم ومسلسلاتهم وقصائدهم، قبلما ندخل في هذا الجنون الوطني الذي عصف بالجميع ولكنه لم يستطع تفكيك محبتنا، نحن اللذان لا نشبه بعضنا لكننا متلائمان كزرٍ وعروته، دافئان كجسد وسترته، يخشيان البرد إذا افترقا ويتوقان للعري كلما التقيا: تناقض لثنائي يتكاملان ولا يتشابهان.. كذلك ابتعدنا عن طائفتينا واقتربنا من إرادتنا التي تناسلت أطفالاً بلا طائفة فكانوا ضحية حلمنا..
معاً نخطو على دمنا كلما خرجنا إلى عملنا، فأعطيك عيني وتعطيني قلبك، وفي غمرة انخراطنا في الحراك العام نسيت ذكرى لقائنا الأول «يوم الفالانتاين» فلم أكتب لك كعادتي كل عام، ولم تعاتبيني كما ليس من عادتك..
أقول لك، فلتذهب الدساتير والمادة الثالثة إلى الجحيم، لأني وأنك وكل عاقل آخر، لن نفكر بالترشيح لرئاسة مجتمع يتجلى في الكراهية والقتل أكثر مما ينجح في المحبة والبناء..
وأصحابنا الذين كانوا وكنت تولمين لهم، وأبسط لهم بيتي ومحبتي، قد شَرَدوا في الأرض، وبعضهم باعنا لحمد وساركوزي والحريري، بينما وجدنا أنفسنا في خندق واحد مع السلطة التي كنا نحارب مفسديها: إنها تراجيديا أبعد غوراً من أن يراها سماسرة السوليدير والشانزليزيه الذين يمزقون حياتنا ويخربون استقرارنا صباح مساء، ونحن نخطو على دمنا بين طلوع الشمس ومغربها، كمسلسل سوري بتمويل خليجي ..
حبيبتي: أعرف أن الخونة سيخسرون في النهاية، كما خسر يهوذا سمعته، وأن الوطن سيقوم من جديد، ولكن جراح الصلب لن تندمل، ومرارتنا سنتغلب عليها بحلاوة الحب والذكريات لما تبقى من أيام قد لا نشهد نهايتها السعيدة.. ولكنهم سيتذكرون قصة حب بين رجل وامرأة لا يتشابهان ولكنهما يتكاملان كزر وعروته، ليجمعا بين طرفي الثوب السوري المرقع بكل هذه القوميات والطوائف والعشائر ..
ماذا سنفعل لقد خُلقنا سوريين...
نبيل صالح
إقرأ أيضاً:
التعليقات
السيد ميرو اللاذقاني أرجو أن لاتغضب كثيراً
طائر فينيق حقيقي!.
إلى طبيبة من حمص
مزرعة دجاج
إلى السيد نزار الفرا مع الحب
بحثاً عن وطنية سورية جامعة يكون اليسار هو الحامل الأساسي فيها
في سوريا بطلان هما الشعب و
سوء الفهم مرة ثانية!.
طلب انتساب..واعتبارات.
دروس من وهبنة بـاب عمرو .
عندما يكون الكاتب نبيل و
Pagination
إضافة تعليق جديد