حوار أهل البيت الفني السوري
الممثل العتيق هاني الروماني، والذي لعب ببراعة أهم أدوار الشر في الدراما والسينما السورية (شايلوك في «تاجر البندقية» وشابتاي في مسلسل «بصمات على جدار الزمن»...) يدير برنامجاً حوارياً في قناة «الدنيا» يمكن تفصيل ثلاثة عناوين من عنوانه «المكسيكي» الطويل (الدراما التلفزيونية – حوار أهل البيت – دراما البيئة والمجتمع).
البرنامج يستضيف فنانين وكتاباً سوريين لدراسة شؤون الدراما السورية وشجونها وتدور فيه حوارات مطولة وحرة لا تتاح في القناة الفضائية الرسمية. يتيح البرنامج، ذو العنوان المكسيكي، هامشاً واسعاً من القول الى درجة ان يبدي هشام شربتجي بصراحة وعفوية «محبته وكرهه» لنجومية فنان وسيم طويل ونجم تلحق به البنات في الشارع. لكن هل سنكون قد جانبنا اللباقة إن قلنا ان الروماني محله في الدراما وليس في إدارة الحوارات والبرامج؟ ليس لقلة براعته أو ضعف ثقافته، فهو مثقف و «خبير» درامي وشاهد على الدراما السورية منذ انطلاقتها. لكن ثمة مشكلة «صغيرة» هي في صوته المتعب، الذي يبدو لاهثاً وكأنه قد قطع سباق ماراتون، او كأنه صادر من جبّ عميق. كل جملة ينطقها تصيب المستمع بالاعياء، وربما كان صوته الخشن، المجروح، المبحوح وراء اختياره تلك الادوار.
من طرائف هذا البرنامج الحواري، غير المقصودة، في حلقة جمعت المخرج هشام شربتجي، والفنانة نبيلة النابلسي، والكاتب أحمد حامد، حول الشام التي «خانها باب الحارة لمصلحة صورة الحرملك»، ان مدير البرنامج تساءل «لاهثاً» حول عوامل نجاح عمل درامي ما؟ فما الذي جعل فيلماً هندياً مثل فيلم «جنكلي» الذي كانت بطولته للممثل شامي كابور والممثلة (مدري شو دينها؟) كما قال الروماني – وهو يقصد بعفوية عدم معرفة اسمها وعدم أهميته – والذي عرض في دمشق اثنين وخمسين اسبوعاً متواصلاً؟ ومثله فيلم «خلي بالك من زوزو»؟ وكان الفيلمان قد عرضا في فترة مبكرة سينمائياً، وبائسة سياسياً، كانت فيها السينما بدعة، وأعجوبة، ومتنفساً للنفس المكلومة ورسم الاحلام الرومانسية.
وجاء الجواب بالإجماع، وعلى التوالي من الضيوف الثلاثة: الصدق. هكذا اجاب المخرج المخضرم والممثلة المخضرمة والسيناريست الكبير، الصدق، نطقوها كما الجوقة لكن... بالمفرق. وقياساً عليه يمكن ان نقول: احب الجمهور رقص نجوى فؤاد بسبب «صدق» خصرها، وأعجب الجمهور بعرض السيرك الروسي بسبب «صدقه» في ألعاب الخفة والسحر والحيل، وهام العرب بأم كلثوم بسبب «صدق» حنجرتها، وذهل الناس بفيل السيرك الهندي بسبب «صدق» خرطومه. غني عن القول ان الفيلمين المذكورين استعراضيان وغنائيان والحكاية فيهما نافلة ومجرد ذريعة لتقديم فنون بصرية «تصدقها» العين!!
تعتمد الدراما اساساً على حيلة الكذب في ابلاغ جوهر الحقيقة، الدراما كذبة جميلة مخترعة لحماية مأثرة او مقولة من النسيان، وابلاغها بأكثر الوسائل سرعة ورشاقة التي هي الحكاية، «الغاية تبرر الوسيلة» مقولة الفن الدرامي، الغاية هي المعرفة والمتعة والوسيلة هنا هي الخيال وآلاته السردية. في الختام نحيي ضيوف البرنامج «بصدق» تحية على «صدقهم» وعفويتهم في الحوار، ولهاني الروماني تحية على «صدقه» في أدواره جميعها باستثناء «دور» المحاور.
أحمد عمر
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد