حلب وريفها معلّقان بين نيران مختلفة
تختلط الأوراق شمال سوريا كما لم يحدث منذ بدء الأزمة قبل سنتين ونصف السنة. معارك بين مختلف الجماعات المسلحة لا تتوقف، ومعارك أخرى بينها وبين الجيش السوري توقع عشرات القتلى يومياً. ويبدو المشهد غرائبياً على نحو غير مسبوق؛ فـ«جبهة النصرة» تحارب «الجيش الحر» في حلب إلى جانب «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، وتتلقى ضربات موجعة من «الدولة» في إدلب، و«الجيش الحر» المكلوم بسكاكين وسواطير «الدولة» التي فتكت بأسراه في ريف حلب، تقوم بمحاربة مجموعة «أحفاد الرسول» في الرقة.
الاشتباكات التي تراجعت بين «لواء عاصفة الشمال» و«الدولة الإسلامية في العراق والشام» في حلب مرشحة للاندلاع مجدداً، بعد اتهام «لواء عاصفة الشمال»، في بيان، «الدولة» بنقض اتفاق الهدنة والمصالحة بينهما.
اللافت في البيان تأكيد جماعة «عاصفة الشمال» أن الاتفاق مع «الدولة الإسلامية» كان بكفالة ثلاث شخصيات يضفون المزيد من التعقيد والمفارقة على المشهد، وهم المسؤول في جماعة «جيش محمد» أبو عمر المصري، ومسؤول معسكرات «داعش» في ريف حلب أبو إبراهيم الشيشاني، وأمير «أعزاز» في «داعش» أبو عبد الرحمن الكويتي، وجميعهم من غير السوريين.
«الدولة» أصبحت القوة الرقم واحد في ريف حلب بعد سيطرتها على الباب وأعزاز، كما تسيطر على عشرات البلدات والقرى على امتداد الريفين الشرقي والشمالي، فيما تتحاشى الاصطدام بـ«لواء التوحيد» التابع للإخوان المسلمين، الذي يتركز مقاتلوه في مارع وتل رفعت والباب، في وقت تواصلت فيه المعارك في قرية حزالو الواقعة بين محافظتي إدلب وحلب بالقرب من معبر باب الهوى بين «الدولة» ومجموعات «الجيش الحر».
ويلاحظ المتنقل في ريف حلب اختفاء شبه كلي لأعلام «الثورة»، مقابل ارتفاع رايات «القاعدة»، ما يعكس اتّساع السيطرة الفعلية للجماعات الجهادية التي تتوزع بين «داعش» و«جبهة النصرة» و«أحرار الشام» وجماعات أخرى متفرعة عنهم أو تواليهم.
ويشير مصدر معارض في حلب إلى أنّ الفئات التكفيرية غير السورية استولت على نحو كامل على القرار العسكري والسياسي لغالبية الجماعات المقاتلة، إلى درجة أن معظم رموز العمل المعارض تاريخياً في حلب وريفها باتوا يتحاشون الظهور أو التنقل أو إبداء الرأي في ما يجري حالياً في مناطقهم ومساقط رؤوسهم، إذ لم تعد القرابات العشائرية والعائلية تشكّل عامل حماية أو حصانة لهم في مواجهة المسلحين.
وأشار المصدر إلى أنّ أحد أكثر الأطباء الشباب حماسةً لإسقاط النظام والعمل في المستشفيات الميدانية تمّ إعدامه ذبحاً بتهمة «الكفر» وبسبب أفكاره العلمانية وميوله اللادينية على يد «داعش» التي علّقت «فرمان» ذبحه على جدران القرى في ريف أعزاز، ثم ألقت جثته في منطقة نائية. عمليات الجيش في الجنوب
لكن المعارك مع الجيش السوري لم تتوقف، فقد شهدت قرى جنوب حلب القريبة معارك عنيفة، رغم محاولات التقدم في العملية التي أطلق عليها اسم «العاديات صبحاً»، والتي تستهدف احتلال القرى جنوبي حلب، وبالأخص قرى عسان، وعين عسان، وحدادين، وحتى المطار لإحكام الحصار حول المدينة.
في المقابل، قام سلاح الجو السوري بقصف مقار وطرق إمداد المسلحين في الوضيحي، ورسم السبع، ورسم عكيرش، وعزان، وعبطين.
وتمثّل المنطقة أهمية استراتيجية كبرى، لكونها تصل بين غربي حلب، الذي يضم مؤسسات ومقار الدولة وتجمعات الجيش والمطار الواقع شرقي المدينة، وهي منفذ حلب الوحيد باتجاه السفيرة حيث تقع معامل الدفاع ومواقع عسكرية مهمة، والسلمية حيث يمر من تلك القرى ما بات يعرف باسم الخط العسكري.
واقتصرت عمليات الجيش السوري شمال حلب على قصف مواقع وتجمعات للمسلحين في محيط سجن حلب المركزي ومستشفى الكندي، وضهرة عبد ربه، والليرمون، ومحيط مطار كويرس، فيما لم يسجل أي قصف لمناطق أعزاز منذ بدء المعارك فيها.
أما في حلب المدينة، فاستهدفت نيران الجيش مواقع للمسلحين في بستان القصر، وبستان الباشا، وباب الحديد، والعسكري، وصلاح الدين، والسكن الشبابي، وبني زيد.
باسل ديوب
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد