حرب «ثلاثية الأبعاد» في حلب و «تمدد» جديد لـ«النصرة» في الغاب
للأسبوع الثالث على التوالي، تتابع المناطق الحدودية بين ريف إدلب الغربي وريف حماه اشتعالها. معارك كر وفر على عدة محاور بين مجموعات «جيش الفتح»، الذي تقوده «جبهة النصرة»، من جهة، والجيش السوري والفصائل التي تؤازره من جهة أخرى، من دون وجود مواقع اشتباك واضحة وثابتة في المنطقة شديدة الوعورة.
فبعد أسبوع على تقدم الجيش السوري واستعادته مناطق حيوية، تمكن «جيش الفتح» من استعادة معظم تلك المناطق وتقدم نحو مناطق جديدة في سهل الغاب، الأمر الذي شكل تغييرات كبيرة في معطيات المعركة، ما دفع الجيش للبحث عن «بدائل» وفق تعبير مصدر عسكري، في وقت اشتعلت فيه مدينة حلب وريفها الشمالي على ثلاث جبهات مختلفة الأطراف والأهداف.
ففي منطقة الغاب بريف حماه، تمكنت «جبهة النصرة» والفصائل التي تؤازرها من السيطرة على عدة مناطق وقرى، أبرزها تل واسط وقرية الزيارة، بعد معارك عنيفة جداً استمرت لأكثر من 36 ساعة، تعرض خلالها الجيش السوري والفصائل التي تؤازره لآلاف القذائف والصواريخ الحرارية، في وقت اشتعلت فيه سماء المنطقة بعشرات الغارات، قبل أن تنسحب قوات الجيش نحو معسكر جورين، الأمر الذي وضع جورين، التي تضم المعسكر الرئيسي للعمليات العسكرية للجيش في سهل الغاب، على خط النار مباشرة.
مصدر عسكري بيّن أن طبيعة المنطقة الوعرة، وسيطرة المسلحين على تلال ريف اللاذقية الشمالي (أهمها جب أحمر)، شكلت عوامل انطلقت منها «قوات العدو، تحت غطاء ناري كثيف من تلال اللاذقية، وتلال ريف إدلب الغربي، الأمر الذي وضع قوات الجيش السوري تحت ضغط ناري كثيف، دفعها للانسحاب نحو خطوط خلفية».
وتعتبر سيطرة «جبهة النصرة» على تل واسط وقرية الزيارة والمشيك خرقاً في خريطة السيطرة السابقة لبدء معارك سهل الغاب، وإعادة رسم جديدة لخطوط التماس، إلا أن مصدراً عسكريا سورياً أكد، أن الحديث عن تمركز مسلحي «النصرة» في هذه المناطق ليس دقيقاً، حيث تعتبر هذه المناطق «خطوط مواجهة وتماس»، خصوصا وأن سلاحي الجو والمدفعية يعملان على مدار الساعة على استهداف نقاط تمركز مسلحي «النصرة» في المناطق التي انسحب منها الجيش السوري.
وبالعودة إلى «البدائل» العسكرية في خطوط المواجهة، ذكر مصدر ميداني أن «تلال ريف اللاذقية الشمالي تضع قوات الجيش في مناطق منخفضة وأمام نيران العدو، الأمر الذي يتطلب تحييد هذه الجبهة»، موضحاً أن «الجيش السوري سيعمل على إعادة ترتيب المنطقة من جديد من خلال عملية عسكرية واسعة من شأنها أن تقلب الموازين»، دون أن يقدم أية تفاصيل عن شكل العملية ومواقعها.
إلى ذلك، أشعل الجيش السوري جبهات مدينة حلب، عن طريق بدء سلسلة عمليات عسكرية داخل أحياء المدينة، أبرزها صلاح الدين، الذي شهد تقدما للجيش السوري، تضمنه القضاء على مجموعة كاملة من «حركة أحرار الشام» على هذه الجبهة، وتقدم آخر على محور حي سليمان الحلبي شمال شرق المدينة، ضمن عملية عسكرية ذات طابع «خدمي»، وفق تعبير مصدر ميداني تحدث وأوضح أن «الجيش السوري تقدم بشكل كبير نحو محطة ضخ المياه في حي سليمان الحلبي، والخاضعة لسيطرة جبهة النصرة، حيث ستشكل استعادة الجيش السيطرة عليها حل أزمة المياه في المدينة بشكل جذري».
وفي ريف حلب الشمالي، شن تنظيم «داعش» هجوماً عنيفاً على مواقع تمركز مسلحي «الجبهة الشامية»، أبرزها قرية أم حوش، التي شهدت تفجيرين انتحاريين تسببا بمقتل عدد كبير من مسلحي «الشامية»، تبعها اقتحام التنظيم للقرية والسيطرة عليها، في وقت اندلعت خلافات داخلية في صفوف الفصائل المسلحة في الشمال إثر قرار «جبهة النصرة» بفرض حصار على قرى عفرين الكردية.
والقرار الذي اتخذته «جبهة النصرة»، صاحبة الكلمة العليا في «الضابطة الشرعية» بمدينة إعزاز جاء وفق مصدر «جهادي» على خلفية «رفض الأكراد المشاركة في حصار قريتي نبل والزهراء»، الأمر الذي نفاه مصدر كردي، موضحاً أن «جبهة النصرة تحاول تسويق هذا الأمر لتظهر الأكراد عدواً في أواسط المسلحين، وهو أمر غير مقبول». وأضاف «السبب الحقيقي هو الاشتباكات الأخيرة بين الوحدات الكردية ومسلحي جبهة النصرة»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن «فصائل عدة في المنطقة وقفت ضد القرار إلا أن لجبهة النصرة الكلمة العليا».
وبقطع الطرق المؤدية من مدينة إعزاز نحو قرى عفرين شمال حلب، تصبح منطقة عفرين معزولة تماماً عن محيطها، فمن جهة تغلق تركيا جميع المنافذ إليها شمالاً، ومن جهة أخرى تحاصرها «جبهة النصرة» من مناطق شرق وجنوب المنطقة الواقعة على بعد 60 كيلومتراً شمال حلب، وتضم 365 قرية يعيش فيها قرابة 700 ألف مواطن، نصفهم تقريباً من المهجرين من المناطق الساخنة، الأمر الذي يعيد للمنطقة ذكريات الحصار الذي تعرضت له قبل نحو عامين، وعمليات الخطف التي طالت الأهالي، خصوصا مع قيام «النصرة» باختطاف نحو 60 مدنياً كانوا متوجهين من عرفين نحو إعزاز أمس الأول.
وفي ريف حمص، شنت الطائرات الحربية السورية سلسلة غارات تركزت على القريتين، جنوب شرق مدينة حمص، التي سيطر عليها تنظيم «داعش». وذكر مصدر ميداني أن إحدى الغارات استهدفت مستودعا للذخيرة ما أدى إلى انفجاره ومقتل أكثر من 20 مسلحاً من التنظيم، في وقت اندلعت فيه اشتباكات عنيفة على تخوم قرية حوارين غرب القريتين، في محاولة التنظيم التوسع نحو مناطق جديدة.
ومع ارتفاع وتيرة المعارك في القريتين، التي كانت تضم نحو 100 ألف مواطن، نصفهم تقريبا من المهجرين، شهدت البلدة حركة نزوح كبيرة نحو المناطق التي يسيطر عليها «داعش» بعيداً عن خطوط التماس، إثر منع التنظيم الأهالي من التحرك نحو مناطق سيطرة الحكومة، في وقت ما يزال فيه مصير أكثر من 250 مسيحياً قام التنظيم باختطافهم من البلدة مجهولاً، وسط أنباء حول نقلهم إلى مدينة الرقة، لم تثبت صحتها بعد.
من جهة ثانية، يتواصل تقدم وحدات الجيش و «حزب الله»، حيث أفاد مصدر عسكري عن سيطرة على كتل من الأبنية في منطقتي الزهراء والحي الغربي بعد تأمين منطقة دوار الكورنيش في ساعات سابقة، فيما أشار مصدر معارض إلى تسليم فرقة تابعة للمسلحين أسلحتهم معلنين استسلامهم. وبالسيطرة على هذه النقاط تصبح المساحة الباقية بيد المسلحين ضئيلة ومطوقة من كل الجهات بنسبة مئة في المئة بحسب ناشطين معارضين أكدوا أن وضع الزبداني بات أسوأ من أي وقت مضى.
علاء حلبي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد