جهل أم عجز ؟!
الجمل : كان يحاول إقناعي بأن الحضارة الأولى يونانية...و بأن العالم يوناني الأصل وكل شيء آخر هو زيف..كان يتكلم بثقة أدهشتني وبفخر أسرني...!!! ولكن عذراً سيدي اليوناني..الحضارة الأولى ليست يونانية.. فهناك حضارات و حضارات و حضارات...
يا سيدي هناك حجر في متحف بغداد برهن على العلاقات العددية في المثلث القائم قبل فيثاغورث بـ 1200 عام فكيف نُسبَتْ النظرية له...؟! وفي أوغاريت اكتشفت الموسيقا السباعية قبل أن يتحدث عنها الإغريق بألف عام؟!
وأيضاً يا سيدي هناك أستاد (ملعب) في عمريت الفينيقية .. يعتبر أقدم من ملعب أثينا الذي تُنسب له الألعاب الأولمبية وهذا الملعب دليلٌ قاطع على أن الفينيقيين أقاموا ألعاب وشعائر دينية قرب المعابد قبل أن يحملوا هذا التقليد خارج منطقتهم أي إلى اليونان!
احتد النقاش بيننا لساعات و ساعات..!!! أردت أن أحسم الموقف فدعوته إلى سوريا...ليرى ..و يلمس...و يدرك...
ومنذ تلك اللحظة و لا يزال ذلك الحوار يتردد في عقلي كشريط مسجل..
لم يعد همي أصل الحضارة...!!! فهناك ألم آخر يعتصرني ...!!! فكثيرون منا اليوم و للأسف يقفون عاجزين عن الحديث عن الحضارات العظيمة التي شيدها الإنسان السوري..على هذه الأرض الخصبة..الصلبة..؟! كثيرون منا اليوم يفتقرون إلى الثقة و الفخر في حديثهم عن حضارات بلدهم...لعله... جهل أم عدم الرغبة في قراءة التاريخ؟! أم هو التقصير في توجيه الفرد نحو أهمية الآثار و ضرورة معرفة ثقافة الحضارات التي توالت على المنطقة؟! أو هو نتيجة طبيعية للإهمال و الفوضى الذي نلمسهما حين نقوم بزيارة العديد من المواقع الأثرية؟! أم لعل كل هذا معاً؟!
لا أدري ولكن ..منذ ذلك اليوم و أنا أشعر بالخجل من ذاتي كلما حطت قدماي في دمشق العريقة القديمة قدم التاريخ... منذ ذلك اليوم وأنا أتجنب عتب عمريت.. وحصن سليمان وقلعة المرقب و......و...
منذ ذلك اليوم و أنا أسمع صوتاً يتردد في الأثير يهمس مخنوقاً " أيها اليوناني...هنيئاً للحضارة اليونانية بك "...!!!
آن م. ندّور
إضافة تعليق جديد