تنويع المهارات بعد التخرج بحثاً عن تحقيق الذات

26-02-2007

تنويع المهارات بعد التخرج بحثاً عن تحقيق الذات

«لا أعتقد أننا في الثانوية العامة نكون مؤهلين لاختيار اختصاص يناسب قدراتنا» يقول باسل شحادة (22 عاماً) لتأكيد رأيه أن كثيرين يعرفهم أمضوا سنوات حياتهم في مهن لا تناسب ميولهم، ليكتشفوا وأحياناً بعد فوات الأوان، أن عليهم البحث في مكان مختلف.

غير أن باسل تدارك الأمر في وقت اتهمه محيطه بالجنون، عندما قرر في سنة تخرجه مهندس معلوماتية العام الماضي أن رغبته الحقيقية تكمن في مكان آخر. فقد عاد الى مقاعد امتحانات الثانوية العامة ليسجل هذه المرة اختصاص الآثار والمتاحف «الأقرب إلى قلبه»، ويقول باسل: «لم أرغب في أن أمضي حياتي في مكتبٍ وراء جهاز الكومبيوتر، ولولعي بعلم التاريخ ومحبتي للسفر قررت البدء بدراسةٍ جديدة في قسم الآثار والمتاحف في كلية العلوم الإنسانية»، مضيفاً: «الناس يطالبونك دائماً بتعلم ما يعود عليك بالمال، من دون أن يكترثوا بما تحبه وتستمتع به، وأنا الآن أوجدت توليفةً ترضي طموحي لأوظف معرفتي بعلوم المعلوماتية للتنقيب عن الآثار، وأصبحت فرص العمل أمامي أكثر من السابق».

ويعتقد باسل أن كثراً من الشباب يرغبون في دراسة تخصصات أخرى ويعيقهم أن هذا يتطلب في سورية شهادة ثانوية عامة حديثة للقبول في الجامعات والمعاهد الحكومية.

ويرى أنس (27 عاماً) أن نظام التعليم المفتوح والجامعات والمعاهد الخاصة التي انتشرت بكثرة في الآونة الأخيرة أوجدت حلاً لتلك المسألة، وتجربته توضح ذلك فيقول: «بعد الثانوية، لم أكن أعرف ما أريد، وبدا واضحاً أن إتقان اللغات الأجنبية يؤمن فرصة عمل جيدة، ولاهتمامي بهذا المجال درست الأدب الانكليزي، وعملت بعد التخرج مدرساً، لكن هذه المهنة لم تلبِ طموحي، فبحثت عن مجال مفتوح الأفق لأجد ضالتي في ماجستير إدارة الأعمال». ويروي أنس رحلة تنقله بين وظائف عدة إلى أن وصل إلى عمله الحالي كمنسق لـ «مشروع شباب» (وهو منظمة سورية غير حكومية تعنى بتأهيل الشباب لمجال الأعمال)، موضحاً أن زيادة دخله كانت دافعاً للحصول على فرصة عمل أفضل، إلا أنها لم تكن هاجسه الوحيد. يقول أنس: «أنا الآن سعيد في عملي... لأنه يلبي طموحي وأجد نفسي فيه».

 ووضع إيهاب مشابه لحال أنس لكن في تخصصات مختلفة هذه المرة، فخلال دراسته علم الاجتماع قرر إيهاب (27 عاماً) أن يدرس الإعلام في التعليم المفتوح ليلبي رغبةً لم تحققها علامته في الثانوية العامة وليطور نفسه للحصول على فرصة عمل جيدة على حد تعبيره، وإيهاب الذي يعمل الآن «منسقاً ميدانياً لمشاريع شبكة الآغا خان في سورية» يأمل بأن يتابع دراسته العليا للتخصص في العلاقات العامة بعد رؤيته أن مستقبل العلاقات العامة «جذاب وممتع».

بيد أن تعدد الشهادات وارتفاع مؤهلات بعض الشباب لا تقابلهما دائماً فرص عمل مثمرة تعادل سنوات التعب، بل يجعلانهم أحياناً فوق التصنيف المطلوب، ولعل تجربة رشا فائق وهي صحافية مستقلة، توضح هذا، فبعد أن درست الأدب الانكليزي تزامناً مع تخصصها في قسم الدراسات المسرحية في المعهد العالي للفنون المسرحية وأضافت إليهما دراستها الإعلام في التعليم المفتوح، لم تحظ رشا حتى الآن بوظيفة تلائم إمكاناتها، وتقول: «على رغم مؤهلاتي، لا أجد أن ذلك أتاح لي فرصة عمل جيدة، ولا أزال أبحث عن وظيفة تمنحني خبرة عملية تدعم خبراتي الأكاديمية» وترى رشا أن بعض أرباب العمل يرفضون الشباب ذوي المؤهلات العالية، لأن «العقلية السائدة لا تتقبل في كثير من الأحيان الأشخاص المتميزين».

لينا الجودي

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...