تقرير صيني يرصد انتهاكات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة الأمريكية

14-03-2007

تقرير صيني يرصد انتهاكات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة الأمريكية

الجمل:   بعد اعتماد دول العالم لميثاق الأمم المتحدة في الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، أصبحت سيادة الدولة مبدأ مقدساً يحرم القانون الدولي المساس به، واستناداً الى ذلك، أصبحت كل دولة تهتم بشؤونها الداخلية حصراً، دون التطرق من بعيد أو قريب إلى الشؤون الداخلية الخاصة بالدول الأخرى احتراماً وتفادياً للمساس بسيادتها الداخلية.
ولكن، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والكتلة الشرقية، أصبحت الولايات المتحدة أكثر تجاهلاً لمبدأ عدم المساس  بسيادة الدول الأخرى، وعلى هذا الأساس، قامت وزارة الخارجية الأمريكية بترتيب وتنظيم (سياسة خارجية أمريكية تدخلية هجومية) تنتهك عمداً سيادة الدول الأخرى، وذلك عن طريق جملة من الأدوات والوسائل ذات الطابع المؤسسي النظامي والبيئي، ومن أبرز هذه الوسائل:
- تقرير حقوق الإنسان: تقوم وزارة الخارجية الأمريكية بإصدار تقرير سنوي دوري عن أوضاع حقوق الإنسان في كل دول العالم.
- تقرير الإرهاب: تقوم وزارة الخارجية الأمريكية بإصدار تقرير سنوي دوري عن أوضاع الإرهاب في كل دول العالم.
وإضافة إلى ذلك تقوم وزارة الخارجية الأمريكية بإصدار الكثير من التقارير الأخرى، التي تتناول موضوعات مثل: انتشار أسلحة الدمار الشامل، المخدرات، التلوث البيئي، الفساد، تبييض الأموال، الحريات، الاتجار بالبشر، وغير ذلك..
ومحصلة هذه التقارير تتقيد بها الإدارة الأمريكية في علاقاتها الدولية، مع دول العالم الثالث، بحيث تستخدمها كوسيلة للترهيب والترغيب والتحفيز والعقاب، وكثير من دول العالم فرضت عليها الإدارة الأمريكية القيود والعقوبات بسبب محتوى هذه التقارير.
المشكلة الأكثر خطورة تتمثل في المنهجية (التآمرية) التي تتم وفقاً لها عملية إعداد هذه التقارير.. وهي منهجية أدت إلى جعل هذه التقارير تتسم بالتحيز والتعصب الأعمى الذي يقوم على ازدواجية المعايير، وتضليل الرأي العام الأمريكي والعالمي، وفرض القيود على أجهزة صنع واتخاذ القرار في الإدارة الأمريكية.
في يوم 6آذار الحالي، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان في العالم. وقد لاحظ المراقبون النقاط الآتية:
- تعرض التقرير لأوضاع حقوق الإنسان في 190 دولة (دول العالم يبلغ عددها 191 دولة)، والدولة الوحيدة التي لم يتعرض التقرير لأوضاع حقوق الإنسان فيها، هي: الولايات المتحدة الأمريكية.
- ان المعلومات التي أوردها التقرير كانت غير موثقة، وبرغم أن بعضها كان مأخوذاً من تقارير منظمة العفو الدولية وغيرها، إلا أن معظمها قد تم إعداده –أو بالأحرى طبخه- بواسطة خبراء الإدارة الأمريكية.. على النحو الذي أدى إلى الكثير من الاستنتاجات المتحيزة المضللة: فأصدقاء أمريكا في (الحكومة العراقية، والأفغانية، وإسرائيل) يحترمون حقوق الإنسان، أما خصوم أمريكا وإسرائيل (في سوريا، إيران، السودان والصين وروسيا) فلا يحترمون حقوق الإنسان.
- ان الإدارة الأمريكية لم تعد تكتفي باستخدام هذا التقرير كموجه لسياسة أمريكا الخارجية، بل تعمل وتسعى من أجل فرض نتائجه على الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي من أجل التقيد بهذه النتائج في التعامل مع دول العالم الأخرى..
في خطوة جريئة غير مسبوقة، أصدر مكتب المعلومات التابع لمجلس الدولة الصيني في يوم 8 آذار (أي بعد يومين من صدور تقرير الخارجية الأمريكية) تقريراً عن حقوق الإنسان لعام 2006، تناول أوضاع حقوق الإنسان في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2006م.
يقع التقرير الصيني المتعلق بأمريكا في إحدى عشرة صفحة، تناولت الموضوع ضمن النقاط الآتية:
• حول حياة، وممتلكات، وأمن الشخص:
تتأثر حياة وممتلكات وأمن كل شخص من الشعب الأمريكي بالعنف المتزايد المستشري. وقد أشارت وزارة العدل الأمريكية في تقريرها الصادر يوم 10 أيلول 2006 إلى الآتي:
- 5،2 جريمة عنف حدثت  في الولايات المتحدة خلال عام 2006م، بنسبة زيادة تبلغ 2،5% عن العام السابق، وهي النسبة الأعلى في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية على مدى الخمسة عشر عاماً الماضية.
- 23 مليون جريمة تم ارتكابها في حق أشخاص (أطفال) أعمارهم في حدود 12 عاماً.
- يوجد شخص واحد من بين كل 1000 أمريكي عمره في حدود 12 عاماً تعرض للتحرش الجنسي.
- يوجد 3 أشخاص من بين كل 1000 أمريكي تعرض للسرقة.
- نسبة الزيادة في جرائم القتل بلغت 3،7% عن العام السابق لعام 2006م.
- في المدن الأمريكية الرئيسية ارتفعت معدلات ارتكاب جرائم القتل بنسب عالية:
* 47% ارتفاع معدل جرائم القتل في نيويورك.
* 43% ارتفاع معدل جرائم القتل في ممفيس.
* 27% ارتفاع معدل جرائم القتل في بوسطن.
* 19% ارتفاع معدل جرائم القتل في سينسيناتن.
* 36،8% ارتفاع معدل جرائم القتل في مينا بوليس.
كذلك أشار التقرير إلى أن عمليات القتل لم تكن حصراً باستخدام الأسلحة النارية، وإنما عن طريق الذبح باستخدام السكاكين والآلات الحادة، وفي مدينة فلادلفيا تم في شهر كانون الثاني وحده ذبح 384 شخصاً.
• حول انتهاك الأجهزة القضائية والقوات النظامية لحقوق الإنسان الأمريكي:
أشار التقرير إلى التشريعات والقوانين الأمريكية التي صدرت في الفترة التي أعقبت أحداث الحادي عشر من أيلول 2001م، وما أدت إليه من انتهاكات لحقوق الإنسان، والتي تمثلت أنواعها في الآتي:
- الاعتقال الاحترازي لفترة غير محدودة.
- تجاوز الإجراءات القضائية.
- اقتراف عناصر القوات النظامية للجرائم.
- التساهل في محاسبة أفراد القوات النظامية، عن طريق استخدام الوسائل والإجراءات التي تقع خارج النظام القضائي الأمريكي.
- التحيز القضائي في كثير من الإجراءات والمحاكمات القضائية الرسمية.
- عرقلة الاستئنافات القضائية في المحاكم العليا ومحاكم النقض الأمريكية، ومن 5000 استئناف تم تقديمها في آذار عام 2003 تم حتى آذار 2006 النظر في 1% فق من هذه الاستئنافات، (أي 50 استئنافاً فقط لاغير).
• حول الحقوق المدنية والسياسية في أمريكا:
يشير التقرير الصيني إلى النقاط والجوانب الآتية المتعلقة بانتهاك الحقوق المدنية والسياسية للمواطن الأمريكي:
- 30% من الشعب الأمريكي (أي 90 مليون أمريكي من عدد السكان الإجمالي البالغ 30 مليون نسمة)، تم وضعهم تحت الرقابة السرية بواسطة أجهزة الأمن الأمريكية.. وقد تمت عمليات الرقابة هذه خارج الإطار القضائي، وشمل ذلك:
* الدخول إلى محتويات البريد الالكتروني.
* فتح المراسلات والمكاتبات البريدية.
* التنصت على المحادثات.
* تركيب أجهزة التصوير السرية في الأماكن الخاصة.
- استخدام المال السياسي في توجيه الانتخابات والقرارات الرسمية: يعتقد 70% من الشعب الأمريكي أن الانتخابات الأمريكية والكونغرسية الرئاسية، هي بالأساس نوع من (البزنس)، الذي يحسمه المال، وتشير الإحصاءات إلى الآتي:
* الفائزون بانتخابات الكونغرس أنفقوا مبالغاً في حدود 7 ملايين دولار وأكثر على حملاتهم الانتخابية، والذين أنفقوا أقل من ذلك لم يحالفهم التوفيق والنجاح.
* ثبت بالدليل القاطع أن اليهودي جاك أبراموف كان قادراً على شراء ذمم 75% من أعضاء الكونغرس الأمريكية (مجلس النواب والشيوخ).. إضافة إلى قيامه بالإنفاق على حملات أكثر من 70%.
* في ولاية كاليفورنيا وحدها قامت شركات النفط والتوباكو (السجائر) بتقديم مبلغ 161،6 مليون دولار لمرشحي الكونغرس الذين يوافقون على استصدار قرارات تدعم أنشطة هذه الشركات في حالة فوزهم.
* تؤكد ملفات مكتب التحقيقات الفيدرالي وجود 1000 مسؤول أمريكي كبير – من بينهم كبار ضباط الجيش ومسؤولي البنتاغون (وزارة الدفاع) ووكالة الأمن القومي (NSA)، ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)، والخارجية الأمريكية، والبيت الأبيض.. وغيرها باستلام الرشاوى والعمولات واستخدام المستندات المزورة من أجل الاستحواذ على المال العام، وتشير التقديرات إلى أن العدد الحقيقي يفوق ذلك.. وذلك لأن رقم الـ(1000) الذي أشارت إليه سجلات مكتب التحقيقات هو العدد المعروف الذي تم اكتشافه، وعلى غرار قاعدة (ما خفي أعظم) فإن التوقعات تقول: إن الرقم قد يتجاوز الـ25 ألفاً.
* عمليات التزوير والتدليس دخلت الكونغرس الأمريكي، فمن عدد أعضائه البالغ حوالي 400 تقريباً، تبين أ 140 عضواً حصل كل واحد منهم على تسهيلات مشكوك في مصداقيتها وقانونيتها حصل بموجبها على مبلغ 120 ألف دولار، من أجل السفر وقضاء الإجازات على (شواطئ) فرنسا وإيطاليا وجزيرة هاواي ومنطقة جزر البحر الكاريبي.
- الفساد الإعلامي السياسي: تورطت فيه بشكل مؤكد أجهزة الإدارة الأمريكية، وعلى وجه الخصوص: البيت الأبيض، وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، ووزارة الخارجية الأمريكية.. وذلك عن طريق (طبخ وفبركة) المعلومات والأكاذيب وبثها عبر شبكة فوكس نيوز، وصحيفة الواشنطن تايمز، وغيرها من أجهزة الإعلام التابعة لجماعة المحافظين الجدد واليمين المسيحي الصهيوني.
وبالنسبة للحقوق الأخرى يمكن الإشارة باختصار إلى النقاط الآتية التي أوردها التقرير الصيني:
• حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية:
- برغم ثراء الولايات المتحدة، إلا أنها تفتقر إلى الضمانات الصحيحة التي تكفل لأفراد الشعب الأمريكي حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فهناك 37 مليون أمريكي (أي أكثر من 12% من إجمالي الشعب الأمريكي) يعيشون تحت خط الفقر.
- 34،8%  مليون أمريكي (حوالي 11%) ليس لديهم الموارد الكافية لشراء حاجاتهم الغذائية والصحية.
- 23 مدينة أمريكية (من بينها شيكاغو، بوسطن، ولوس أنجلوس) اضطر عمدة كل واحدة منها لأكثر من مرة إلى إعلان مدينته منطقة كوارث، طالباً من الحكومة الفيدرالية تقديم المواد الإنمائية الغذائية والصحية.
- يوجد 16 ألف مشرد بلا مأوى في العاصمة واشنطن، ينامون في الطرقات والحدائق ومحطات المترو والمناطق المهجورة، وفي نيويورك يوجد 600 ألف مثلهم.
• حول التمييز العنصري:
يقول التقرير الصيني بأن الفصل والتمييز العنصري مازال موجوداً بعمق في أمريكا، وتتم ممارسته بواسطة الأمريكيين ذوي الأصول الأوروبية الغربية ضد المجموعات الآتية:
- ذوي الأصول الافريقية.
- ذوي الأصول الصينية واليابانية.
- ذوي الأصول الاسبانية واللاتينية.
- ذوي الأصول الهندية والآسيوية.
ولا يتوقف التمييز والفصل على الجانب العنصري فقط، بل هناك تمييز وفصل يقوم على أساس الجوانب الأخرى مثل: الدين، والمال، والنظافة.
• حول حقوق المرأة والأطفال والمسنين والمعاقين:
يقول التقرير الصيني، بأن حالة حقوق الإنسان في هذا الجانب تتميز بالسوء المثير للقلق والاهتمام.. وذلك لأن أوضاع هذه الحقوق تتميز بالتراجع الشديد في كل عام عن العام السابق له، فقد قلت نسبة مشاركة المرأة في المجتمع وفي الوقت نفسه زادت نسبة جرائم الاغتصاب والعنف الموجه ضدها، كذلك انخفضت وتدهورت مستويات رعاية المسنين والمعاقين.. أما الأطفال فقد تزايدت معدلات الجريمة والعنف ضدهم بدرجة غير مسبوقة من جراء التفكك الأسري وعدم الاهتمام بتقديم خدمات رعاية الطفولة لهم.
وعموماً يمكن القول: إن أخطر ما في التقرير هو الإشارة إلى المسح الإحصائي الذي قامت بإجرائه مدرسة بلومبيرج للصحة العامة التابعة لجامعة جون هوبكينز، والذي كان مسحاً مخصصاً للجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان في العراق وأفغانستان ويوغسلافيا بعد دخول القوات الأمريكية إلى هذه البلدان.. ويقول أحد التعليقات: إن الانتهاكات يجب أن تتم إضافتها لانتهاكات حقوق الإنسان في أمريكا، وذلك حتى تكتمل الصورة، لأن أمريكا تعتبر بالأساس المسؤولة عن هذه البلدان، وبالتالي فإن تلك الانتهاكات يجب أن تُضاف إلى رصيدها.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...