بيروت مدينة تحيا على حد الهاوية

الجميع في لبنان كان بانتظار حدوث شيء.

بدا الجنود اللبنانيون حاضرين في كل زاوية من كل طريق في الأيام الماضية. كانوا حذرين أكثر من العادة.

افتتاحيات الصحف كانت جميعها تنذر بالشر.

إلا أن ما من أحد كان يتوقع ذلك: اغتيال لشخصية سياسية بارزة.

في المقابل، كان الجميع بانتظار "مفاجأة" الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله. فقد وعد بسلسلة تظاهرات سلمية بعد أن رفضت قوى الأغلبية البرلمانية تشكيل ما يسمّيه "حكومة وحدة وطنية" وإعطاءه وحلفائه نسبة تمثيل تضمن لهم حق النقض في الحكومة.

وكان اللبنانيون يتحدثون عن تجمعات سياسية كبيرة وعن اعتصامات وإضرابات عامة، لكن لا أحد كان يعرف الشكل الذي تتخذه هذه التحركات.

مساء أمس، كنت وصديقتي في مقهى في وسط المدينة في بيروت. الطاولات من جانبي كانت ممتلئة بالزبائن حتى يبدو للناظر أن الناس يمرحون.

وقد مازحتني صديقتي اللبنانية بالقول: "نرتاح في فترة الهدوء".

ولكن حالة الانتفاض والانزعاج كانت بادية عليها، وفي مرحلة معيّنة من حديثنا قالت: "ما هذا؟"

فقد وصل إلينا صدى مسير مئات الأحذية والأصوات عبر جدران المباني.

كان صدى مسيرة بعيدة عنا إنما أكيد حاضرة في ذهن صديقتي.

وكررت سؤالها عن الصوت قبل أن يؤكد لها النادل أن التجمع المذكور غير سياسي.

إلا أن ردة فعلها عكست حالة التوتر الكبير الذي يكتنف بيروت في الأيام الأخيرة.

فهذا بلد ليس غريبا عن الانقسامات السياسية والعنف، وهو بطريقة أو بأخرى يتوقع دائما الأسوأ.

خلال السنتين الماضيتين عاش لبنان في حالة اضطراب سياسي كبير شهدت عدة اغتيالات وانفجارات تلت اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري.

اتُهمت سوريا بالوقوف خلف الجريمة، وهو ما تنفيه.

إلا أن المشهد السياسي في لبنان بدأ يشهد استقطبا حادا بين التكتلات الموالية لسوريا وتلك المعادية لها.

وكانت التوترات تتقلب صعودا وهبوطا إلا نها بلغت حدتها خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان في الصيف الماضي.

في الأشهر الأخيرة سادت حالة من الهدوء القلق، لكن كثير من اللبنانيين كانوا يتوقعون حدوث شيء يغيّر مسار الأمور.

وبدت استقالة ستة وزراء موالين لسوريا من الحكومة مؤشرا لبدء هذا التغيّر.

على مدى أسابيع كان اللبنانيون بانتظار ما الذي سيحدث.

يبدو أنهم الآن حصلوا على جزء من الإجابة.

المصدر: BBC