بدرخان: مسلسل السندريلا يناسب قعدة النسوان
المخرج الكبير «على بدرخان» واحد من صناع السينما الجميلة على مدى سنوات طويلة.. ارتبط اسمه بعدد من الأفلام الجادة والمهمة فى تاريخ السينما.. على بدرخان أيضاً كان شريكاً فنياً وإنسانياً للراحلة سعاد حسنى.. استمرت علاقته الزوجية بها 11 عاماً متصلة، واستمرت صداقتهما الإنسانية والفنية رغم انتهاء الزواج. على بدرخان الذى يلتزم الصمت عن الإخراج وعن الكلام تحدث لـ«روزاليوسف».. وفضل أن يبدأ حديثه بالتعليق على مسلسل «السندريللا» الذى كتبه ممدوح الليثى، وعاطف بشاى وأخرجه سمير سيف.
بدرخان الذى ظهر فى الأحداث من خلال الممثل الشاب يوسف الشريف.. تحدث قائلاً: هذا العمل لايمكن أن يكون أبدا مسلسلا عن سعاد حسنى العلامة فى تاريخ السينما المصرية.. وأنه لعيب كبير فى حق عاطف بشاى، وممدوح الليثى العبقرى!! نقيب السينمائيين، والواعد سمير سيف، أن يصنعوا مسلسلاً ليس إلا «طبخة نميمة، وافتراءات تناسب قعدة النسوان».. مستغلين اسم السندريللا حتى يروجوا لمسلسل يبيعون من خلاله إعلانات. أما ما يقال من أن هدفهم هو تخليد ذكرى سعاد حسنى، أو أى كلام من هذا القبيل، فليس أكثر من كلام فارغ.
الغريب أن ممدوح الليثى وسمير سيف يعتبران نفسيهما صديقين ومقربين لسعاد حسنى، وواقع الأمر أنهما لم يكونا أبدا صديقين لها، وإنما استغلاها واستغلا اسمها فى حياتها وفى مماتها.. إنهما لا يقولان الحقيقة، كما أن هذه ليست أخلاق فنانين.. ودعنى أقول أن سعاد حسنى ستبقى ولكن هذا المسلسل لن يبقى.
* هل حاول أحد منهم أن يسألك قبل الشروع فى عمل المسلسل؟! باعتبارك اقتربت منها كثيراً؟!
ـ لا لم يسألنى أحد.. وأنا لن أتكلم لأن هذا المسلسل هو عمل تافه، وأنا لن أدنىِّ نفسى لهذه الدرجة.
* ومارأيك فيما قدماه عنك فى المسلسل كزوج لسعاد حسنى؟!
ـ إن مايقولانه فى هذا المسلسل عنى غير صحيح.. فلا هذه قيمى ولا هذه آرائى، فأنا لست الرجل الذى يخون سعاد و«يُقبل» امرأة أخرى، ولم أتحدث فى يوم من الأيام بهذه الطريقة عن حسن الإمام، بعد فيلم «خلى بالك من زوزو».. وهو كان ولايزال قيمة كبيرة.. وصديقا لى ولسعاد، ودعنى أقول أن لى ذكريات لا تنسى أنا وسعاد فى بيته ومع أسرته.. وأنا من الناس الذين شجعوا سعاد على العمل مع حسن الإمام فى فيلم «خلى بالك من زوزو» لأنه كان فيلماً خفيفاً يحمل قيمة وسيحقق لها نجاحاً جماهيرياً هائلاً، وهو ماتحقق بالفعل. أما ماجاء فى المسلسل «بانفعال وغضب شديد»، فليس أكثر من مرض وحقد تجاهى، لأننى تزوجت سعاد حسنى، ولأننى بهذه المكانة.. أنا لم أكن فى يوم من الأيام خائناً كما صورانى فى المسلسل، وليس هناك قضايا موثقة فى المحاكم تطعن فى شرفى، وهذا ليس بشهادتى وإنما بشهادة أصدقائى.. فهل أنا «معقدهم للدرجة دى...؟!». ويضيف: أنا «قرفان» من المسلسل، وخاصة أنه يخلو من أى مستوى فنى أو فكرى جيد، ناهيك عن عدم مصداقيته، وكل هذا يدفعنى لأن أسأل من قدموه لم هذا الاستعجال؟!.. بل إننى أقول لهم: «لو كنتم فكرتم فى سؤالى لكنت أوضحت لكم كيف يتم صنع الدراما، وكيف كانت علاقتى بسعاد ومدى تأثيرى عليها، والذى كان نتيجته .. التحول فى نوعية الناس التى عرفتهم سعاد، ونوعية الأفكار، وحتى التحول فى نوعية الأعمال التى قدمتها، وفى ماكياجها وملابسها، أى نقلة نوعية بفضل تأثير على بدرخان على سعاد حسنى، أما ماقدموه هم فلا يستحق حتى التعليق عليه.
* دعنى أنتقل بك إلى معركة أخرى وقضية أخرى مرتبطة إلى حد كبير، بانتصارات أكتوبر التى احتفلنا بها منذ مدة بسيطة، فأنت متهم بكونك أحد الذين هاجموا عصر عبدالناصر لحساب عصر السادات، وبأنك أقحمت انتصارات أكتوبر، على أحداث فيلمك «الكرنك» من أجل منافقة النظام الجديد؟!
ـ فى البداية أنا ضد مراكز القوى التى كانت والتى لاتزال موجودة حتى الآن.. أما مايقال من أننى هاجمت نظاما لحساب نظام، فهذا غير صحيح لأننى «لايفرق عندى العصر ده ، ولا العصر ده».. فهل أنا استفدت من نظام السادات.. هل أصبحت وزيراً للثقافة؟! هل «أفلامى مقطعة بعضها؟!» .. لا أعتقد، والدليل أننى اعتقلت فى عصر السادات بسبب اعتراضى أنا وغيرى من التقدميين وقتها على زيارة نيكسون لمصر، إذن كيف يقولون بأننى هاجمت نظاما لحساب نظام آخر.. ثم إن «على أبو شادى» الذى هاجمنى كثيراً على هذا الفيلم، يتكلم كسياسى فى حين أنه يجب أن يتحدث كسينمائى، كما أنه يحاول الادعاء بأنه ناصرى وبأنه «رجل بتاع عبدالناصر» فى حين أن سلوكياته، وتطلعاته، وتنازلاته، ليست ناصرية.. وبالتالى لا يصح أن يرفض الفيلم، لكى يقول فقط أنه ناصرى، خاصة أن هذا غير صحيح، فهذه جملة غير حقيقية أراد على أبوشادى أن يقولها من خلال هجومه بشدة على فيلمى، والغريب أنه فى كل كتاباته، لم يحاول أن يتحدث عن أية قيمة فنية فى العمل رغم أنه فيلم متميز «بانفعال شديد»، وعلامة من علامات السينما المصرية.. «لو هو مش عارف ده، يبقى مش ناقد».
* وماذا عن إقحامك لحرب أكتوبر فى الفيلم، رغم أن نجيب محفوظ فى القصة لم يشر إليها؟!
ـ إن زملائى من هذا الجيل ماتوا فى هذه الحرب، كما أننى تطوعت للمجهود الحربى، وبالتالى من حقى أن أتحدث عن هذه الحرب، دون أن يتهمنى أحد بأننى أقحمتها نفاقاً للنظام. أنا لا أريد مزايدات من أحد، لأن المواقف معروفة، وليست فى حاجة للتأكيد عليها أمام من يحاولون ادعاء الفروسية فتاريخى معروف، خاصة أننى منذ أيام النكسة كنت متطوعاً مع المقاومة الشعبية، أدربها وأناضل معها فى معركتنا من أجل استعادة كرامتنا. ناهيك عن مواقفى المعروفة ضد الاجتياح الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية والأراضى اللبنانية، فضلاً عن غير هذا من المعارك التى خضناها بشرف، وكانت لنا فيها مواقف لاتنسى، وبالتالى ليس من حق أحد أن يزايد على مبادئى أو يتهمنى بالعمالة لنظام ضد نظام.
* هل تعتبر أن جيلك هو الذى هزم فى 1967 أم النظام؟
إن النظام هو المسئول عما حدث فى 67 بسبب الخلل والفساد اللذين كان يعانى منهما، ولعل جيلى عرف جيداً بعد 1967، أن عبدالناصر ليس إلها، وليس نبياً، وليس كل شىء كما كنا نتصور، وإنما كان مسئولاً عن مؤسسة مليئة بالصراعات والتحالفات والفساد، «بيّضحك عليه» ولايعرف ما يدور حوله وفوجئ مثلنا بما حدث.
* بعد قيامك بإخراج فيلم «الرغبة»، البعض قال إن على بدرخان تخلى عن مشروعه السياسى والفكرى لصالح السوق؟!
ـ هذه رؤية محدودة وتفكير محدود، فأنا لست فى حاجة لأن أتحدث عن الحكومة، أو عن المساجين المضطهدين لأكون بذلك أتحدث فى السياسة، فهذا غير منطقى، لأننى أستطيع أن أتحدث فى السياسة من خلال طرحى لقضايا اجتماعية حياتية يبرز من خلالها البعد الأيديولوجى السياسى الذى أريد طرحه.
* وأين هذا البعد فى فيلم «الرغبة»؟!
ـ هذا البعد يتضح من خلال فكرة التزاوج بين الطبقة الارستقراطية وبين طبقة البروليتاريا العاملة، وكيفية التحول من الإقطاع إلى البروليتاريا، وكيف أن هناك شخصيات قادرة على استيعاب هذا، وشخصيات أخرى عاجزة عن فهم مايحدث.
* فى «أهل القمة»، قدمت إدانة صريحة لسياسات الانفتاح، وفى «الجوع» تابعت مشروعك السينمائى الذى يعنى بالطبقة المطحونة ومشكلاتها، ورسخت لمفهوم الخلاص الشعبى، كيف ترى نتيجة ماطرحته فى أفلامك هذه الآن، وأين المجتمع الحالى من المشاكل التى طرحتها؟!
ـ أهل القمة، لم يكن إدانة وإنما تنبيه إلى ماسنصل إليه فى يوم ما، وماتحدثت عنه فى «أهل القمة» أو «الجوع»، أو غير ذلك من أعمالى هو مايحدث الآن.. فالحكومة «حاطة ايديها فى ايد الحرامية».. وغافلة عن مشاكل الناس المطحونة، المهزومة والمقهورة، أما أمريكا فتخطط المشاريع للمنطقة وفق ماتشاء دون أى تدخل منا.
؟* فى النهاية .. كيف ترى الحل، هل هو فى الانصراف عن السينما والنضال، سؤال آخر، هل اللجوء إلى التمويل من الخارج مثلما يفعل يوسف شاهين، أصبح شبهة؟!
ـ فى البداية يجب أن نصحح المصطلح .. فمن قال أولا أننى عندما أمتنع عن عمل أفلام سينمائية، لا أعتبر مقاوماً أو مناضلاً، فهذا نوع من المقاومة، أم أنك تريدنى أن أخضع لشروط السوق التى تريد فرضها علىّ وعلى أعمالى.
ثانياً: من الذى قال إن النضال يقتصر فقط على عمل الأفلام، فهناك نضال من نوع آخر، وهو أن أسهم فى بناء أجيال واعية بظروف مجتمعاتها وقضاياها تستطيع هى حمل اللواء بعدنا، وأن تواصل هى المسيرة من خلال إبداعها وفنها. ثم من الذى قال أن التمويل من الخارج شبهة.. هل لأن يوسف شاهين يستطيع التعامل مع جهات خارجية لإنتاج أعماله ونحن عاجزون عن ذلك نتهمه بالعمالة. ثم دعنا نقول أن يوسف شاهين هو كما يقولون عميل.. أو ليس هذا العميل هو الذى رفع علم مصر فى كان؟! فهل نجح غيره ممن يصورون أنفسهم وطنيين فى أن يرفعوا علم مصر فى كان. إننى أريد أن أقول لك كلمة أخيرة: إننا مازلنا داخل الساحة، نقاوم ونناضل ولم نتركها أو نترك أماكننا.
المصدر: روز اليوسف
إضافة تعليق جديد