انتخابات وحكومة وسلاح ومشاحنات لبنانية في الدوحة
حافظ اللبنانيون في بلادهم أمس على أجواء “التفاؤل الحذر” التي تتصف بها آمالهم بشأن مؤتمر الحوار الوطني الذي يجري مداولاته في الدوحة قادة وزعامات طرفي الأزمة المحتدمة في الموالاة والمعارضة، والذي تواصل أمس في جلستين، تم في الأولى تشكيل لجنة تبحث صياغة قانون جديد للانتخاب، وهو أحد الموضوعين الرئيسيين للمؤتمر، حيث ثانيهما هو تشكيل حكومة وحدة وطنية. وشهدت الجلسة جدلا ومشاحنات بشأن إضافة موضوع سلاح المعارضة واستخدامه، وهو ما حرصت وفود الموالاة عليه، وطرحت بحثه ضمن صيغة من مرحلتين، آنية وبعيدة المدى، غير أن وفود المعارضة رفضت ذلك، واقترحت قطر التي تشرف على سير المؤتمر وتترأس جلساته أن تطرح صيغة بين الدولة والمقاومة، تشمل “ضمانات والتزامات” وتحمي سلاح المقاومة. والتقت تصريحات من شخصيات من الطرفين تثني على أجواء النقاش والمحادثات “الصريحة والجدية والإيجابية”، وتحدث مسؤول قطري عن “إحراز تقدم”.
ومع انطلاق أولى جلسات الحوار الوطني في الدوحة صباحاً والذي شارك فيها14 وفدا لبنانيا من فريقي الموالاة والمعارضة، ومع تواتر الأخبار والتصريحات طوال نهار أمس من العاصمة القطرية، سادت بيروت والمناطق اللبنانية أجواء “التفاؤل الحذر” نفسها التي كانت قد واكبت مغادرة الوفود أول أمس، وظلت هذه الأجواء صامدة مع ما حملته التقارير الإخبارية عن نقاشات صريحة جرت في مداولات المؤتمر، بحسب ما وصفتها فاعليات لبنانية سياسية ونيابية تشارك فيها، ومن ذلك قول النائب في الموالاة غسان تويني إن أجواء الحوار “إيجابية وجيدة”، كما صرح مصدر في المعارضة أن بداية الحوار إيجابية وهو يتصف بالجدية والصراحة. وكان بارزا قول مسؤول قطري لوكالة فرانس برس، وطلب عدم الكشف عن اسمه، أن تقدما وأمورا إيجابية ستعلن لاحقا.
وتواترت هذه التوصيفات إلى بيروت، وإن جاءت أخبار على بعض المشادات الكلامية، وأيضا على الاختلاف الذي برز بقوة بين فريقي الحوار بشأن إضافة موضوع سلاح حزب الله والمعارضة واستخدامه إلى الموضوعين الرئيسيين المدرجين في المؤتمر، وهما قانون انتخاب جديد وتشكيل حكومة وحدة وطنية، حيث بادر رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري ورئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع أولا إلى طرح هذا الموضوع، باتفاق مع سائر تشكيلات فريق الموالاة، ونقلت وكالة فرانس برس عن مصدر في هذه القوى مشارك في المؤتمر قوله إن هذه القوى نجحت في وضع مسألة الأحداث التي وقعت في الثامن والتاسع والعاشر من الشهر الحالي، وضرورة وضع وجود ضمانات لعدم استخدام السلاح مجددا، على طاولة الحوار، وإنها مصرة على طرح موضوع السلاح عبر مرحلتين، الأولى آنية وتتطلب معالجة من أربع نقاط، وهي تعهد واضح بعدم تكرار استخدام السلاح لأي سبب كان، ومعالجة تحول المربعات الأمنية والمناطق الخاضعة لحزب الله إلى بؤر خارجة على القانون، ومعالجة سلاح حلفاء حزب الله الذي استخدم في الأحداث الأخيرة، والعمل على منع امتداد المناطق الواقعة تحت سيطرة حزب الله إلى مناطق أخرى حساسة ومختلطة. وتشمل المرحلة الثانية البعيدة المدى مستقبل سلاح حزب الله، وستعالج في الأطر الدستورية بعد انتخاب الرئيس الجديد.
وأفيد أن اجتماعا لأركان المعارضة اللبنانية عقد في الدوحة، تم فيه التوافق على رفض طرح هذا الموضوع في اجتماعات الحوار، على أن يجري بحث التطمينات حول استخدام السلاح في طاولة الحوار التي ستقام في بيروت برعاية رئيس الجمهورية فور انتخابه.
ومع بروز الخلاف في هذا الشأن، قالت مصادر أن قطر ممثلة برئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني طرحت أن تتقدم لاحقا بملف الضمانات والالتزامات المطلوبة لمنع استخدام السلاح مجددا، وعلم أن الشيخ حمد الذي ظل طوال نهار أمس على اتصال مع الرياض وطهران ودمشق وعواصم دولية دعا في الجلسة إلى “صيغة بين الدولة والمقاومة تحمي سلاح المقاومة”.
وكان قد تم في جلسة الصباح التي أعقبتها جلسة مسائية تشكيل لجنة سداسية تبحث قانون الانتخاب، تضم ثلاثة من كل من فريق الموالاة والمعارضة، وعضوية خبير من جامعة الدول العربية وبرئاسة وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية أحمد بن عبد الله المحمود. وأفيد لاحقا أن اللجنة أنهت اجتماعا ثانيا لها مساء وحضر جانبا منه الشيخ حمد بن جاسم والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وحقق خطوة إلى الأمام على صعيد اعتماد قانون انتخابات العام ،1960 وعلم أن فريق الموالاة قدم مشروعا حول اعتماد القضاء، يتم فيه تقسيم بيروت إلى ثلاث دوائر انتخابية، على قاعدة ترابط كل دائرة جغرافيا، بما يحفظ العيش المشترك، ومن دون الأخذ بقاعدة التوزيع الديمغرافي.
وقال نائب لبناني معارض من كتلة التغيير والإصلاح التي يرأسها العماد ميشال عون إن نتيجة عمل اللجنة ستعرض على الاجتماع العام.
ونقلت وكالة فرانس برس عن مصدر في المعارضة قوله إن هناك طروحات متقدمة في مؤتمر الحوار اللبناني حول تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، تلحظ للمرة الأولى إعطاء “الثلث الضامن” للمعارضة، في موازاة البحث في عدد الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية المقبل، غير أن مصدرا في قوى “14 آذار” نفى هذه المعلومات، وقال إن هذا الاتجاه غير موجود، وأكد رفض الأكثرية إعطاء المعارضة أكثر من ثلث أعضاء الحكومة. وفيما صدر التصريح ونقيضه، ذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن مصدرا مقربا من رئيس مجلس النواب نبيه بري طلب عدم ذكر اسمه أن الزعماء اللبنانيين يقتربون من التوصل إلى اتفاق حول صيغة جديدة حول تشكيل حكومة وحدة وطنية، وأضاف من دون أن يذكر مزيدا من التفاصيل أن مثل هذا الاتفاق سيمهد الطريق أمام لبنان ليكون لديه رئيس للجمهورية في غضون أيام.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد