الموقف التركي تجاه احداث سوريا تدرج نزولا فأربك المعارضات وأراح النظام
همس قيادي مستقبلي في أذن أحد كبار مستشاريه معربا عن خشيته من أن لا ينطبق حساب الحقل اللبناني المعارض على حساب البيدر الدولي والاقليمي، ما يفرض التفكير باستراتيجية جديدة للتعاطي مع الشأن السوري. فالولايات المتحدة لا يبدو انها جادة في عملية اسقاط نظام الرئيس بشار الاسد، وهي التي لم تدعه حتى اللحظة صراحةً إلى الرحيل، بل انها تطالبه بوقف حمام الدم، وهذا لا يبدو رأيا مسموعا لدى النظام السوري الذي يستمر في حسمه العسكري بالرغم من كل النداءات والدعوات العربية والاقليمية والدولية لوقف النشاط العسكري واعادة الجيش النظامي إلى ثكناته. كذلك الامر بالنسبة إلى الاتحاد الاوروبي الذي يراوح مكانه في موضوع الضغوط والعقوبات التي تقتصر حتى الان على مواقف لا تسمن ولا تغني ولا تبدل في واقع الحال، حتى ان تركيا التي توعدت وهددت بنفاذ صبرها عادت عن مواقفها بصورة غير متوقعة، فما صدر من مواقف على لسان وزير الخارجية التركية احمد داوود اوغلو في اعقاب اللقاء الذي جمعه بالرئيس السوري بشار الاسد في دمشق تناقض بالكامل مع ما كان قد صدر عن الرئيس التركي منذ ايام حول نفاذ صبر تركيا، وبالتالي فان تطورات الساعات الاخيرة توحي بان صفقة ربع الساعة الاخير نجحت في لجم الاندفاعة التركية التي جاءت بطلب اميركي مباشر، وغطاء اوروبي وعربي.
هذا الكلام جاء في اعقاب التسريبات الاعلامية التي واكبت زيارة وزير الخارجية التركية، والتي اجمعت على ان الرد السوري كان حازماً لجهة عدم تنفيذ اي من المطالب الاميركية قبل انهاء حالة العصيان المسلح، والمعني بهذا القول هو القضاء على بؤر التوتر وكل ما يتصل بها. فالمسلحون لا يرمون القوى الامنية بالورود، وبالتالي فمن سقط منهم وهم بالمئات سقط نتيجة اطلاق نار ما يثبت بان ما يحصل في سوريا ليس مجرد مطالب اصلاحية او تغييرية، ولا هي ترمي إلى تحقيق تطلعات سياسية، بل انها حركة تمرد مسلحة مدعومة ماليا ولوجستيا من خارج الحدود السورية بدليل وجود هذا الكم من السلاح المتطور والذخائر العائدة له.
وفي موازاة الكلام السوري جاء الرد التركي خجولا خصوصا ان الولايات المتحدة لا تبدو راغبة في اي حال من الاحوال في توسيع رقعة تدخلها العسكري. فلا هي نجحت في افغانستان ولا حققت مطالبها المعلنة في العراق، بل انها دخلت في الرمال المتحركة الكامنة في الدولتين المذكورتين. كما انها لم تتمكن من حسم الموقف لا في اليمن ولا في ليبيا ولا في اي من الدول العربية والاسلامية، وبالتالي فان واقع الحال يشير إلى عدم رغبة المجتمع الدولي بالمزيد من التورط العسكري.
وفي هذا السياق تشير معلومات صحافية غربية مواكبة لزيارة الوزير التركي ان الرئيس الاسد بدا صارما في موقفه في ظل قناعة متولدة لديه ولدى نظامه بان الوقت يلعب لمصلحته. فتطهير مناطق التوتر واحدة تلو الاخرى يضعف المعارضة الداخلية المسلحة ويدفعها إلى اعادة حساباتها لاسيما ان تركها وحدها في الميدان سيؤثر على معنوياتها التي بدأت تنهار بعد سلسلة الاخفاقات التي رافق ممارستها العسكرية، وذلك في ظل اكثر من مؤشر على ان ايا من الدول العربية او الاقليمية لا يرغب في الدخول على الخط العسكري.
أنطوان الحايك
المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية
إضافة تعليق جديد