الصراع على تركيا
بدت تركيا خلال الساعات القليلة الماضية في موقع الطرف المتصارع عليه بين القوى الأقليمية. ففي الوقت الذي كانت طائرة الملك عبدالله السعودي تغادر انقرة كانت طائرة وزير خارجية ايران منوشهر متكي تهبط فيه.
لم يرشح الكثير عن نتائج زيارة الملك عبدالله الى تركيا في شقها اللبناني. فالصحف التركية بما فيها تلك المقربة من حزب العدالة والتنمية الحاكم ركزت على المظاهر الملوكية للزيارة من أطباق البقلاوة الى التواليت الذي جهز للملك بشاشة تلفزيونية عملاقة والمئة صنف من المائدة العثمانية التي انشغل بها اكثر من ثلاثمئة هم اعضاء الوفد السعودي.
مع ذلك يذكر مراد برداقجي في صحيفة حرييت امس الأحد ان الهدف الأساسي من الزيارة الذي لم ينل حقه من اهتمام وسائل الإعلام والتغطية كان <إقامة حلف سني مدعوم من اميركا ضد ايران وحزب الله> من دون ان ينسى برداقجي التذكير بأن جد جد الملك عبدالله، الملك عبدالله بن سعود قضى عام 1820 مقطوع الرأس في اسطنبول بعد ان جلب مغلولاً من الحجاز لتمرده على السلطنة.
لكن السلطنة اليوم، وإن كان يتربع على عرشها حزب اسلامي، هي سلطنة اتاتورك ولجموحها الإسلامي، ان وجد، حدود وقيود و...مصالح.
من زاوية المصالح هذه أطل الوزير الأيراني مذكرا الأتراك إن كانوا قد نسوا، وهم لا يمكن ان ينسوا، بأن مشكلة تركيا الأساسية ليست إلا في داخلها وعند حدودها، وأن الحرب ضد الأرهاب، اي ضد حزب العمال الكردستاني، غير ممكنة من دون التعاون مع ايران.
فكرت بيلا، الكاتب في صحيفة ميلليت، ينقل ان متكي حمل رسالة من الرئيس الأيراني محمود احمدي نجاد يدعو فيها تركيا الى دعم حكومة لبنان (اي في المحصلة ليس حكومة اسرائيل) والى استمرار التنسيق بين انقرة وطهران حول لبنان. كما يعرب احمدي نجاد عن رضى بلاده عن التعاون بينهما حول مكافحة الأرهاب.
ويقول بيلا إن الموقف السعودي المعادي لحزب الله والذي لم يعترض، كما يقول هو نفسه، على العدوان الإسرائيلي على لبنان ربما طرأ عليه بعض التغيير لجهة الدعوة لوقف اطلاق النار.
الصراع على تركيا محتدم، وعنوانه المرحلي ما اذا كانت ستشارك في القوة الدولية التي دعا اليها القرار1701 وفي ظل اية شروط.
حتى الآن لا قرار بهذا الخصوص والوضع ليس بالسهولة التي قد يظنها البعض. صحيفة ميللييت ذكرت امس الأحد ان الحكومة التركية سوف ترسل قوات الى لبنان في حال طلبت منها الأمم المتحدة ذلك وفي حال موافقة الحكومة اللبنانية و...حزب الله. اذا وافقت كل هذه الأطراف فسيكون الجواب إيجابياً.
صحيفة صباح قالت ان تركيا اشترطت للموافقة الا تكون مهمة القوة الدولية نزع سلاح حزب الله و ألاّ تكون طرفا في اي صدام مسلح. وتقول الكاتبة اصلي ايدين طاشباش في الصحيفة نفسها ان الإعلام الغربي يقود حملة ترغيب لمشاركة تركيا شبيهة بما كان الوضع عليه عشية غزو العراق. لكن تركيا، تقول الكاتبة، رغم علاقتها الجيدة نظرياً مع اسرائيل الا ان قلبها مع الطرف العربي. وتتساءل الكاتبة ماذا لو قصف حزب الله إسرائيل ثم ردت إسرائيل وانفجر نزاع جديد فما سيكون عليه موقف القوات الدولية؟
القلب التركي مع العرب. لا شك في ذلك. 230 من اصل240 نائباً استقالوا من مجموعة الصداقة التركية الإسرائيلية. والكراهية لإسرائيل، تقول الكاتبة، اكبر من اي وقت مضى داخل تركيا.
الارتباك التركي يعبر عنه نواب الحزب الحاكم كما نواب المعارضة. والقرار النهائي يعود للبرلمان وفقاً للمادة 92 من الدستور وبغالبية نصف النواب الحاضرين زائد واحد وهنا سيواجه القرار بغياب وضوح الظروف امكانية رفضه وهو ما لا تريد الحكومة الوقوع فيه مجدداً بعد الرفض الشهير للبرلمان في 1 آذار المشاركة في غزو العراق. صالح قابوسوز رئيس كتلة العدالة والتنمية البرلمانية قال بأنه لا داعي للعجلة فيجب اولا تأسيس السلام وبعدها نشارك في حمايته. النائب الآخر عن الحزب يالتشين باير اعرب مسبقاً عن رفض إرسال قوات تركية الى لبنان. رئيس مجموعة حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال اناضول قال ان اسرائيل ألمحت الى انها ستواصل عملياتها في لبنان حتى بعد وقف النار وسيكون من الخطأ وضع الجيش التركي بين نارين. سليمان صاري باش رئيس كتلة حزب الوطن الأم قال ان جنودنا يسقطون كل يوم في مواجهة الأرهاب وعندما تلغي اميركا ازدواجية المعايير ضد تركيا نرسل قواتنا الى لبنان. نائب رئيس حزب الطريق المستقيم نزهت كانديمير قال إن على تركيا عدم الاستعجال فنص القرار 1701 غير واضح.
محمد نور الدين
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد