الشرطة البريطانيّة تروج دعاية شمولية حول سورية دونما تمييز بين المناطق السلفية والمناطق التي تديرها الدولة السورية

16-01-2016

الشرطة البريطانيّة تروج دعاية شمولية حول سورية دونما تمييز بين المناطق السلفية والمناطق التي تديرها الدولة السورية

بدأت شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية قبل أيام حملة توعية «للحدّ من هجرة البريطانيّات إلى سوريا»، من خلال شهادات للاجئات سوريّات، ينصحنَ البريطانيّات بالبقاء في بلادهنّ. أنجزت الشرطة إعلاناً مصوّراً قصيراً، لا تتجاوز مدّته الدقيقة ونصف، وتظهر فيه ثلاث سيدات محجّبات، يتحدّثن بالعربيّة، عن قسوة الحياة في سوريا، مع عدم القدرة على تربية الأطفال في ظلّ الحرب، وعدم وجود مستشفيات. تأتي الحملة ضمن خطّة الشرطة البريطانيّة لمكافحة دعاية تنظيم «داعش» لجذب البريطانيات المسلمات إلى سوريا، إذ تفيد إحصاءات الشرطة أنّ نحو 56 امرأة (منهنّ 12 في سنّ المراهقة) سافرن إلى سوريا في العام 2015، في حين يُقدّر عدد البريطانيين المنخرطين بصفوف التنظيمات المسلحة في سوريا بنحو 800 شخص، وفق الداخلية البريطانية.في لقطة من الشريط لاجئة سوريّة تسأل البريطانيّات "لماذا تأخذن أولادكنّ إلى الحرب؟" (عن "فايسبوك")
وسائل الإعلام الغربية عرضت الإعلان، بهدف إيصاله إلى أكبر شريحة ممكنة من المشاهدين، كما تشارَكَهُ مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي. شبكة «سكاي نيوز» عرضت تقريراً عن نشاط الشرطة البريطانية الإعلامي، إذ يشمل إلى جانب الإعلان الجديد، سلسلة ندوات وحوارات مباشرة مع بريطانيات مسلمات، يتخلّلها لقاء بينهنّ وبين لاجئات من سوريا، «لأخذ العبرة».
تركّز اللاجئات في الشريط الإعلاني على ظروف الحياة في سوريا، من دون الإشارة الواضحة إلى أنّ المقصود هو المناطق الواقعة حاليّاً تحت سيطرة «داعش». لا يتطرّق الشريط إلى مسألة شكل الحكم في مناطق نفوذ التنظيمات المسلحة، بل يحثّ النساء الراغبات بالهجرة، على التفكير في مستقبل أبنائهن في سوريا. وتقول إحدى المشاركات في الشريط: «أولادكم يعيشون بأمان، ومدارسهم مؤمّنة، وكذلك الحياة الهانئة والمستقبل الجميل، فلماذا تأخذونهم إلى الحرب؟». وتضيف أخرى: «كنّا نعيش حياة سيئة جدّاً في سوريا، وابني لم يكن يستطيع الحصول على علاج يحتاجه بشدّة». وفي نهاية الشريط، تدعو الشرطة مَن لديهم شكوك بأنّ أحد أقاربهم يتجّه نحو التطرّف، ويرغب بالسفر إلى سوريا، للاتصال على خطّ ساخن للمساعدة والتوجيه.
يختلف الإعلان الجديد في تقديمه للاجئات السوريّات عن نمط التقارير التي عرضت حولهنّ العام الماضي في وسائل الإعلام. فمعظم تلك التقارير كانت تتبنّى نبرة «استدرار العطف»، وشرح حال السوريين الفارين من الموت. أمّا تسجيل الشرطة الأخير، فلا يركّز على المعاناة الإنسانيّة للاجئين، بل يستخدمها لإرشاد النساء البريطانيات، في ما يشبه تقديم «الموعظة الحسنة»، وتبيان الفرق بين النعيم البريطاني، وأهوال الحرب في سوريا. ويبدو التقرير ذو النمط المدرسي/ التربوي، كأنّه صنع بعقليّة تحطيم الصور الأسطوريّة المرسومة عن حكم «داعش» في عقل البريطانيّات الراغبات بالهجرة لخوض التجربة، وكأنّه ردّ مباشر على دعاية التنظيم.
رغم الانتشار الواسع للشريط البريطاني إلا أنه لم يلق أي أصداء معارضة لاستخدام اللاجئين كوسيلة دعائية. ولم يفهم لماذا اختارت الشرطة لاجئات للمشاركة في شريطها، عوضاً عن اللجوء لعائلات بريطانيّة فرّ أحد أفرادها إلى سوريا. في الشريط أيضاً ما يشي بأنّ «موضة التعاطف» مع قضية اللاجئين السورين بدأت تتراجع أو تضيع في زواريب «الاتهامات بالتحرّش الجنسي»، والبحث عن «إرهابيين متسلّلين».

علاء حلبي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...