السيناتورات في دمشق:مناهضة مبدأ بوش وصعود الدبلوماسية العامة
الجمل: ظلت وزارة الخارجية الأمريكية، تلعب دوراً هاما في تشكيل العلاقة بين الإدارة الأمريكية، وبقية مناطق العالم، وبالذات منطقة الشرق الأوسط، ولما كانت الإدارة الأمريكية، والكونغرس الأمريكي، تعتمدان على الوسائل والأساليب البيروقراطية التقليدية إزاء ملفات السياسة الخارجية الأمريكية، فقد أدى هذا الاعتماد على الكثير من السلبيات في أداء السياسة الخارجية الأمريكية، والتي من أبرزها:
• عدم موضوعية قرار السياسة الخارجية الأمريكية، وذلك بسبب تغلغل اللوبيات وجماعات المصالح داخل عملية صنع القرار التي تتم بواسطة وزارة الخارجية الأمريكية وسفاراتها المنتشرة في كافة أنحاء العالم.
• توريط أمريكا في الكثير من المواجهات التي أضرت بالمصالح الأمريكية وبالذات في منطقة الشرق الأوسط، حيث أصبحت السياسة الخارجية الأمريكية تعمل على مبدأ المصالح الإسرائيلية أولاً والأمريكية ثانياً.
برغم هذه السلبيات وغيرها، كان ملف السياسة الخارجية الأمريكية لا يحظى بالاهتمام الكافي داخل أمريكا، ولا يؤثر كثيراً على توجهات الرأي العام الأمريكي، ولكن ما حدث مؤخراً من أزمة وورطة أمريكية في العراق، أدى إلى صعود السياسة الخارجية الأمريكية إلى قمة قائمة جدول اهتمامات الرأي العام الأمريكي.
وقد بدأت الشكوك حول مصداقية تقارير أجهزة الإدارة الأمريكية، (وزارة الخارجية، البنتاغون، ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ووكالة الأمن القومي الأمريكي) تتزايد أكثر فأكثر بين بعض صنّاع القرار، وبالذات في المؤسسة التشريعية الأمريكية، المتمثلة في الكونغرس، الذي يضم مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين.
بعد هزيمة الجمهوريين وفوز الديمقراطيين بانتخابات الكونغرس، وعلى خلفية تزايد الشكوك حول مصداقية الإدارة الأمريكية، وأيضاً محاولات جماعات المحافظين الجدد والرئيس بوش استخدام تقارير الأجهزة التنفيذية من أجل الالتفاف على الكونغرس بما يكرس عملية الإبقاء على توجهات السياسة الخارجية الأمريكية، بدأت مجموعة من أعضاء الكونغرس عملية كسر ستار وحاجز الإدارة البيروقراطي الذي ظل البيت الأبيض يعتمد عليه في السيطرة على عملية صنع واتخاذ قرار السياسة الخارجية الأمريكية الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط.
نشر مركز بحوث مجلس العلاقات الدولية تحليلاً حمل عنوان (مناهضة أمريكا وصعود الدبلوماسية العامة)، أعدته الباحثة الأمريكية نانسي سلو، ركّزت فيه على النموذج التالي للسياسة الخارجية الأمريكية، والذي يحدد مسبقاً مجموعة من الدول ويطلق عليها تسمية محور الشر، ثم جعلت من هذا المحور هدفاً لتوجهاتها الخارجية، وخلق المبررات التي تتذرع بها الإدارة الأمريكية للتدخل في شؤون الدول الأخرى، كذلك تشير الباحثة إلى عملية بيع السياسة الخارجية الأمريكية لصالح إسرائيل، والتي تقوم بتنفيذها وزارة الخارجية الأمريكية ومجلس الأمن القومي والبيت الأبيض في منطقة الشرق الأوسط.
أما في الاعتبارات المتعلقة بالطبيعة البيروقراطية السياسية الأمريكية، فتشير الباحثة إلى انتقادات العديد من الخبراء الأمريكيين الذين سبق أن عملوا في أجهزة السياسة الخارجية الأمريكية:
• وليام ماينيس: وينتقد السياسة الخارجية الأمريكية في عملية فرض العقوبات التجارية والاقتصادية بشكل يضر كثيراً بالمصالح الأمريكية وبعملية العولمة.
• جون ماكدونالد: وينتقد السياسة الخارجية الأمريكية مشيراً إلى ثلاثة عيوب أساسية هي: التعالي والعجرفة، عدم الصبر والتمهل، وعدم حسن الاستماع إلى ما يقوله الآخرون.
ويرى أن الخطوة المثالية التي يتم وضعها مسبقاً وعقلية استخدام القوة من أجل فرضها على الآخرين، هي السبب الرئيس الذي يقف وراء كارثة السياسة الخارجية الأمريكية الحالية.
إزاء هذه الانتقادات والشكوك المتزايدة والريبة في مصداقية السياسة الخارجية الأمريكية، بدأت بوادر عملية تمرد جماعي في الكونغرس الأمريكي، تهدف إلى التعرف المباشر على الأوضاع الميدانية بدلا عن التقارير الرسمية الأمريكية، وبالذات في منطقة الشرق الأوسط.
بعد الضجة التي أحدثها السيناتور الأمريكي بيل نيلسون، بسبب زيارته لسوريا، فقد وصل السيناتور الديمقراطي جون كيري، والسيناتور الديمقراطي كريستوفر دود إلى سوريا في زيارة تهدف إلى إجراء محادثات رفيعة المستوى مع المسؤولين السوريين.
وفي هذا الصدد نشرت صحيفة كريستيان مونيتور الأمريكية تقريراً اخبارياً حمل عنوان:الديمقراطيون يتحدون (مبدأ بوش) بزيارة الشرق الأوسط، والعنوان واضح المعنى، لأن مبدأ بوش يقوم على عدم التعامل مع ملفات الشرق الأوسط إلا بواسطة البيت الأبيض (حيث المسؤول عن الشرق الأوسط هو اليهودي الأمريكي إليوت ابراهام)، ووزارة الخارجية الأمريكية (حيث كوندوليزا رايس، وجون بولتون) والبنتاغون (حيث المحافظين الجدد).. وهي جميعاً لا تتعامل مع ملف الشرق الأوسط إلا عبر (مقسم تل أبيب).
وعلى ما يبدو فإن زيارة السيناتورات من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكية والنواب من أعضاء مجلس النواب الأمريكي سوف لن تتوقف عند سوريا، فقد صرّح جون كيري عن رغبته في القضاء على الأوهام التي ظلت تثيرها الإدارة الأمريكية حول قضايا وأوضاع الشرق الأوسط.
وفي هذا الصدد سوف يضيف جون كيري مسماراً جديداً في نعش السياسة الأمريكية الحالية إزاء الشرق الأوسط، فقد صرّح عن رغبته بعد سوريا، في إيران، للقاء المسؤولين الإيرانيين رغماً عن أنف إدارة بوش.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد